أخبار رئيسيةعرب ودوليومضات

مواقف متناقضة تثير الحيرة.. ما دور مصر الحقيقي في حرب غزة؟

أرسلت مصر إشارات متناقضة حول موقفها من الحرب على قطاع غزة منذ بدء عملية طوفان الأقصى في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، سواء في ما يتعلق بفتح معبر رفح الحدودي وخروج المصابين وإدخال المساعدات الإنسانية، أو المقاومة الفلسطينية، أو خطط التهجير الإسرائيلية لسكان القطاع.

وكشفت تصريحات المسؤولين المصريين عن مواقف متباينة وصفت بأنها “متعددة الأوجه”، كان آخرها حديث وزير خارجية مصر سامح شكري عن حركة حماس في 17 شباط/ فبراير الجاري عندما قال: إن “حركة حماس خارج الأغلبية الفلسطينية المقبولة، التي تعترف بإسرائيل”.

‌وقبل أيام، نفى محافظ شمال سيناء ما نقلته بعض وسائل الإعلام المحلية المستقلة والأجنبية عن بناء السلطات المصرية منطقة أمنية عازلة محاطة بأسوار في مدينة رفح المصرية تحسبا لنزوح الفلسطينيين إذا قام جيش الاحتلال باجتياح بري لرفح الفلسطينية المكتظة بنحو 1.5 مليون نازح ومواطن.

وفي وقت لاحق تراجع المحافظ عن تصريحاته، وأقر بأن “القوات المسلحة تقوم بإنشاء منطقة لوجستية لاستقبال المساعدات لصالح غزة، وذلك لتخفيف الأعباء عن السائقين والتكدسات الموجودة بالعريش وعلى الطرق، بجانب تسهيل عمل الهلال الأحمر المصري”، على حد زعمه.

ورغم نفي المسؤولين المصريين، أنباء إعدادها منطقة لإيواء الفلسطينيين، قال شكري: “ليس لدى مصر نية لتقديم مناطق آمنة بأراضيها للنازحين الفلسطينيين في غزة، ولكن إذا فرض عليها الأمر الواقع فستتعامل مع الوضع، وستقدم الدعم الإنساني لهم”.

تصريحات متضاربة أم متعددة أوجه؟
مطلع الشهر الجاري، نقلت قناة القاهرة الإخبارية، المحسوبة على النظام، رفضها أي محاولات إسرائيلية للتواجد على محور فيلادلفيا الحدودي بين قطاع غزة ومصر بدعوى وجود أنفاق تهريب الأسلحة والمتفجرات ومكوناتها.

وفي كانون الثاني/ يناير 2024، ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن إسرائيل أبلغت مصر بخطط للقيام بعملية عسكرية لاستعادة السيطرة على الممر.

وكرر رئيس سلطات الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، رفضه لخطط جيش الاحتلال الإسرائيلي باقتحام مدينة رفح الفلسطينية، آخر المدن على خط العدوان الإسرائيلي، كما أنه عارض مجددا رفضه أي تهجير قسري للسكان باتجاه مصر.

‌لكن وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، كشف على هامش مؤتمر ميونخ للأمن، أنه “سيتم التنسيق مع مصر بشأن عملية عسكرية محتملة في رفح”، مؤكدا أنه “ليس أمام إسرائيل خيار سوى دخول رفح، حيث يستخدم مسلحو حماس المدينة غطاء لهم”، على حد زعمه.

‌يكرر السيسي أن مصر لا تغلق معبر رفح الحدودي، لكن في 9 شباط/ فبراير الجاري، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن: “في البداية لم يكن “رئيس المكسيك” السيسي يريد فتح المعبر للسماح بدخول المساعدات الإنسانية، وقد تحدثت إليه وأقنعته بأن يفتح المعبر”.

‌ونقلت تقارير صحفية أمريكية عن مسؤولين مصريين أنهم “حذروا إسرائيل من إمكانية تعليق معاهدة السلام بين البلدين، حال شنت القوات الإسرائيلية هجوما (بريا) على رفح”.

‌لكن سرعان ما نفى وزير الخارجية المصري مثل تلك الأنباء، مؤكدا على التزام بلاده باتفاقية السلام، قائلا: “لقد حافظت مصر على اتفاقية السلام مع إسرائيل على مدار الـ 40 عاماً الماضية”.

‌أكثر التصريحات المثيرة للجدل، كانت تلك التي أطلقها السيسي في إطار رده على موقف بلاده من التهجير عندما دعا بعد أسبوعين من اندلاع الحرب إلى نقل الفلسطينيين في غزة إلى صحراء النقب بدلا من سيناء، إلى حين الانتهاء من العملية العسكرية التي يشنها الاحتلال على قطاع غزة، تحت ذريعة القضاء على المقاومة.

‌”موقف متعدد الأوجه والهدف واحد”
قال رئيس لجنة الأمن القومي بمجلس الشورى المصري سابقا، رضا فهمي، إن “هناك تناقضا كبيرا بين مواقف وتصريحات المسؤولين المصريين في ما يتعلق بالحرب على قطاع غزة التي كشفت موقف وموقع النظام الحالي من القضية الفلسطينية والمقاومة الفلسطينية، ودوره في حماية أمن إسرائيل بالمقام الأول وليس الأمن القومي المصري”.

وأكد في حديث صحفي أن “موقف النظام المصري هو متعدد أوجه ظاهريا من أجل إرضاء الرأي العام المحلي تارة والرأي العام الغربي تارة أخرى، وهذا مقصود في حد ذاته، لكن الأهم ليس التصريحات إنما الأفعال”.

وأوضح فهمي أن “مصر لم تقم بالحد الأدنى من واجباتها بفتح معبر رفح بإدخال المساعدات الإنسانية واستقبال الجرحى، أو تتخذ أي رد فعل حيال حتى الهجمات والضربات الجوية والمدفعية على حدودها وبوابات معبرها، وردودها على ما يثار في الإعلام متأخرة بخطوة”.

“دور وظيفي لخدمة الاحتلال”
في توصيفه لمواقف وتصريحات المسؤولين المصريين، يقول السياسي المصري المعارض والبرلماني السابق، الدكتور محمد عماد صابر، إنه من “المعروف أن النظام المصري يلعب دورا وظيفيا لصالح المشروع الأمريكي والغربي في المنطقة؛ وبالتالي فإن مؤسساته المنتقاة بعناية سواء العسكرية أو الأمنية أو التشريعية تلعب دورا وظيفيا داخليا يخدم الدور الوظيفي للنظام خارجيا”.

واعتبر في حديث صحفي أن “ما يحدث في قطاع غزة يعكس في الحقيقة توجهات نظام السيسي المتخاذل الباحث عن الأموال والصفقات على حساب القضية الفلسطينية، ويؤكد أن الحديث عن الأمن القومي والخطوط الحمر هي من أجل الاستهلاك الإعلامي المحلي”.

‌وأكد صابر أن “النظام المصري لن يفاجئ نفسه بأنه نظام آخر، ولن يفاجئنا بأنه أصبح نظاما وطنيا أمينا على حدوده ومصالح شعبه والقضية الفلسطينية في يوم وليلة، ولن يتغير لأن مصالح النظام أقوى وأهم لدى الطغمة الحاكمة من أي قضايا وطنية أو عربية، ولن يتوقع منه أن يخالف مبادئه العسكرية الحالمة بالبقاء للأبد على سدة الحكم”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى