موقع بريطاني: في غزة أطفال ينامون في أقفاص الدجاج
مع عدم وجود مكان آمن يلجؤون إليه، عاد بعض الفلسطينيين إلى منازلهم المدمرة، بينما لجأ آخرون للمزارع، إذ أصبح العثور على مأوى في قطاع غزة، سواء خيمة في الشارع أو في فصل دراسي مكتظ، ترفا لمئات الآلاف من النازحين، كما ورد ذلك في تقرير لموقع “ميدل إيست آي” البريطاني.
ويضيف التقرير الذي يتحدث عن الحياة اليومية للأسر الفلسطينية في غزة، أن الهجوم الإسرائيلي جعل القطاع غير صالح للسكن تقريبا في غضون أربعة أشهر فقط.
وفي ظل تهديد بالمزيد من الدمار الشامل والموت، وبسبب الافتقار إلى الخيارات، اضطرت العديد من العائلات النازحة في جميع أنحاء غزة إلى اتخاذ تدابير متطرفة للعثور على مأوى.
وتحدث الموقع إلى واحدة من 5 عائلات لجأت إلى مزرعة في رفح، حيث حولت أقفاص الدجاج المفتوحة إلى أسرة لأطفالها.
لا أصدق أن أطفالي ينامون في أقفاص الدجاج
قال رأفت لقمان لـ”ميدل إيست آي” إن عائلته تضم 32 شخصا بينهم أطفال حديثو الولادة وأطفال صغار، وإنهم قرروا القدوم إلى هذه المزرعة لأنهم لم يتمكنوا من العثور على أي مكان آخر يذهبون إليه.
وأضاف: “لقد جئنا إلى هنا معتقدين أنه يمكننا تحملها لبضعة أيام، لكن هذه الحرب استغرقت وقتا أطول. لا أستطيع أن أصدق أن أطفالي ينامون في أقفاص حيث ينام الدجاج. أنظر إليهم وينكسر قلبي من أجل الطفولة التي أعطيهم إياها. ولكن ماذا يمكنني أن أفعل؟”.
ومن داخل أقفاص الدجاج، يمكن للأطفال بسهولة اكتشاف حدود رفح المصرية بجدرانها العالية المغطاة بالأسلاك الشائكة.
وقال لقمان: “أخذت ابنتي دبها معها عندما أخلينا منزلنا في المرة الأولى، وظلت تحتفظ به معها طوال الوقت”.
خائفة من النوم
لكن في أحد الأيام، أمطرت السماء وغمرت المزرعة بالماء، كانت نائمة في القفص وسقط الدب في مياه الأمطار وضاع. وبكت ابنتي كثيرا في اليوم التالي. ومرة أخرى، شعرت أنا وأمها بالعجز الشديد. لا يمكننا حتى الحصول على دمية جديدة لها”.
ويقول أطفال لقمان إنهم اعتادوا على واقعهم الجديد الآن ومن الصعب أن يتذكروا أنه في يوم من الأيام كان لديهم منزل وغرف نوم.
وقالت ميس، ابنة رأفت البالغة من العمر 12 عاما: “ما زلنا محظوظين لأننا لم نمت وأن والدينا على قيد الحياة، لكن بصراحة، ما زلت أشعر بالخوف من النوم في الأقفاص. فهي باردة جدا ومظلمة في الليل. لطالما كرهت الحشرات، لكنها موجودة في كل مكان هنا، ولا يمكنني فعل أي شيء حيال ذلك”.
العيش في منازل مدمرة
وفي وسط غزة، يعيش النازحون أيضا في ظروف مزرية بسبب الاكتظاظ في الملاجئ -تشمل المدارس والمستشفيات والمساجد- ونقص الخدمات الأساسية، بما في ذلك المياه النظيفة والصرف الصحي ونظام الصرف الصحي العامل.
كان أبو أحمد جابر، وهو أب وجد، يحتمي في مدرسة تديرها الأمم المتحدة وقرر العودة إلى منزله الذي تعرض للقصف بعد ظهر أحد الأيام بينما كانت الأسرة في المنزل تتناول الغداء.
يقول جابر: “الوضع في المدارس فظيع. اكتظاظ لا يمكن تخيله. لا مراحيض ولا طعام ولا ماء ولا خصوصية على الإطلاق. لذلك قررتُ العودة مع عائلتي إلى منزلي الذي تعرض للقصف والعيش في أي مكان بقي واقفا”.
عندما قصفت إسرائيل منزله، غمر الدخان كل المكان، مما أدى إلى اسوداد ضوء الظهيرة. وقال جابر:” كنا نظن أننا أموات”.
قبل مجيء الإسعاف نزفت ابنته لساعات
قام الرجل المسن وأبناؤه بإخراج أختهم الحامل وابنتها البالغة من العمر سنة واحدة من تحت الأنقاض بأيديهم العارية. فرت الأسرة إلى مدرسة بحثا عن مأوى، حيث نزفت ابنته لساعات قبل أن تتمكن سيارة الإسعاف من شق طريقها إليهم.
على الرغم من تجربتهم المؤلمة، اتخذ جابر، الذي يعاني من السكر ومشاكل في القلب، قرارا بالعودة إلى منزلهم المدمر في البريج، وسط غزة، لأنه شعر أن جميع البدائل الأخرى تفتقر إلى الكرامة.
وقال جابر بصوت مُلئ بالحزن والغضب: “هذا منزلي. كيف يمكنني تركه؟ لقد بنيته حرفيا بيدي حجرا حجرا. أنظر إليه 20 مرة في اليوم وأنا أعاني من حقيقة أنني لا أستطيع حتى إعادة بناء أو إصلاح أي شيء”.
يبكي كل ليلة ولا يستطيع النوم
واستمر يقول: “أبكي كل ليلة. لا أستطيع النوم بعد الآن. إذا غفوت واستيقظت لأي سبب من الأسباب، لا يمكنني العودة للنوم. أعيش حياة بدائية للغاية وسط الأنقاض، لكنني أفضل أن أفعل ذلك على مغادرة منزلي والنزوح من مكان إلى آخر مثل قطعة الشطرنج. ماذا فعلت أنا وعائلتي؟”.
وأضاف: “أدركت أنه لا أحد يهتم بنا لأننا موجودون في غزة، لقد تحولنا إلى مقاطع فيديو ليشاهدها الناس. لماذا من الصعب أن نحصل على حقوقنا الأساسية التي تنص عليها جميع القوانين الدولية؟ لا أستطيع أن أفهم العالم.”
القلق من نكبة أخرى يطاردهم
لقد أعاد نزوح ما يقرب من مليوني شخص في غزة ذكريات النكبة عام 1948 عندما تم تهجير 750,000 فلسطيني قسرا من منازلهم من قبل الميليشيات الصهيونية لإفساح المجال أمام دولة إسرائيل المنشأة حديثا.
ويقول التقرير إن الفلسطينيين في غزة يعيشون اليوم ما عاشه أجدادهم منذ أكثر من 70 عاما فيما يُسمى النكبة، والخوف من عدم القدرة على العودة يطاردهم ويقلقهم.
وينقل عن جابر قوله: “إذا تم تدمير المنزل، فإن الأرض لا تزال هناك، وهي لي. أفضّل أن أموت هنا على أن أعيش نكبة أخرى كما فعلت عائلتي قبلي، أنا لا أطلب المساعدة للمغادرة أو الإخلاء. أنا أطلب إنهاء هذه الحرب والمساعدة في إعادة بناء منزلي وإعادة بناء غزة، كل ما أريده حقا هو السلام. أريد أن أرى أطفالي يتزوجون، ولديهم وظائف ونتطلع إلى مستقبلهم مع أطفالهم”.