“رجعت حليمة لعادتها القديمة” في جرائم القتل
الإعلامي أحمد حازم
ودّعنا عام 2023 حاملًا في طياته عشرات القتلى الذين سقطوا في مجتمعنا العربي نتيجة إطلاق نار قامت به منظمات إجرامية أو عصابات أخرى أو آخرين. وقد حمل العام الماضي معه سجلًا بأسماء 228 شخصا بينهم 16 امرأة، وهو عدد يسجل لأول مرة في تاريخ المجتمع العربي، المثقل كاهله بأعباء سياسية واقتصادية واجتماعية.
جرائم القتل لا تزال مستمرة والمجرمون القتلة ماضون في جرائمهم (ومش مهتمين لحدا) وعدد الثكالى والأرامل في تصاعد مستمر. لقد أصبحت الجريمة وللأسف إحدى ميزاتنا. المجتمع العربي وعلى ما يبدو سيظل فيه هذا الوضع مستمرًا، ومطلع العام الجديد خير شاهد على ذلك. ففي شهر كانون الثاني/ يناير الماضي أي الشهر الأول من العام الحالي وحسب المركز العربي لمجتمع آمن (أمان) لاقى تسعة أشخاص حتفهم معظمهم قُتل رميًا بالرصاص أي بمعدل قتيلين كل أسبوع. ووفق معطيات مبادرات ابراهيم، سجل المجتمع العربي (حتى كتابة هذه السطور) 18 ضحية منذ بداية 2024 في ظروف متعلقة بالعنف والجريمة منهم 14 قتلوا بسلاح ناري، كما أنّ أربع ضحايا كانوا أقل من جيل 30 وامرأة واحدة. وفي الفترة المقابلة لعام 2023 كان عدد الضحايا 13 ضحية. معطيات صادمة وبداية “مميزة” للمجرمين القتلة.
كتبت في مقال سابق، أنّ الأشرار في مجتمعنا سائبون وما عاد الكلام ينفع. فهل أصبحنا مجتمع قتل صار جاهزًا للدخول الى موسوعة (غينتس) للأرقام القياسية فيما يتعلق بالجرائم؟ هل نسينا اننا مجتمع عربي أصيل له أخلاقياته، أم أننا أصبحنا في أرضنا مجتمع بلا أخلاق؟ قولوا لنا بربكم يا من يهمهم الأمر.
مدير مركز أمان والباحث في علم الإجرام، المحامي رضا جابر، يعتقد بأن المنظمات الاجرامية لا تتصرف بصورة عشوائية، بل عن تفكير وتنظيم مسبق. فقد ذكر في تصريحات صحفية أنّ “المنظمات الإجرامية مُنظّمة، تدرس عناصرها كل خطوة تتخذها، وتقيس بها درجة الخسارة أمام الربح، فإذا كانت درجة الخسارة أكثر تتراجع خطوة أو خطوتين”.
هناك من يحمل الحكومة اليمينية المسؤولية عما يجري في مجتمعنا العربي من جرائم قتل. حتى أنّ البعض يرى أن تغيير اسم وزارة الأمن الداخلي إلى وزارة الأمن القومي، لها علاقة بتفاقم اعمال القتل في المجتمع العربي خصوصا أنّ اليميني المتطرف بن غفير هو الذي غيّر الاسم وهو الذي يشغل منصب وزير هذه الوزارة. قد يكون ذلك صحيحا لكن مهما تتسع دائرة التحليلات فإن آفة العنف لن تهدأ.
لقد تعوّدنا على “الطخ” وأصبح صوت الرصاص يلازمنا في حياتنا مثل الأكل والشرب. جرائم قتل في محلات البيع وعلى الشوارع وإطلاق نار في صالونات حلاقة. حتى المساجد في مجتمعنا سجّلت حالات قتل، ولم يبق بعد سوى المقابر لتكون شاهدا على عمليات قتل.
المعلومات المتوفرة تؤكد أنّ المجرمين في المجتمع العربي لم يكتفوا بقتل شخص، بل طوّروا ممارسات القتل لتصبح مجازر أكثر فتكًا. فقد شهد العام الماضي ثلاث جرائم حرق، ثلاث جرائم قتل جماعي وسبع جرائم مزدوجة وجريمة ثلاثية. الأمر الملفت للنظر والدليل الواضح على اهمال الشرطة. إنّ معدل فك لغز القتل ضئيل للغاية. حيث تمّ حل 23 لغز جريمة فقط في 2023 أي حوالي 10.5% فقط! في وقت ارتفعت فيه الجريمة العام الماضي بأكثر من 200% عن العام الذي سبقه. وهذا يعني أن العديد من القتلة يتجولون بحريّة ويشكلون خطرًا على المجتمع. فهل أصبحنا عرب جرائم القتل؟ كل شيء غير مستبعد، في مجتمع أصبح فيه قتل الإنسان أسهل من شرب الماء.
وبعد اتساع دائرة الجريمة وابتعاد البعض عن القيم والأخلاق، فإن فضيلة الشيخ رائد صلاح لم يطاوعه ضميره السكوت على ما يشهده المجتمع العربي، فسارع مشكورًا الى أطلاق مبادرة “إفشاء السلام” في سبيل استعادة هذه القيم، وبث روح التسامح في المجتمع العربي، وتأسيس لجان لها، لمحاربة العنف والجريمة المتصاعدة في مجتمعنا، على أمل المساعدة في الخروج من كارثة العنف الكبيرة التي يعيشها مجتمعنا.
السؤال المطروح: لماذا نحن المجتمع الفلسطيني في دولة قانون القومية نتميز بكثرة جرائم القتل دون سوانا من الفلسطينيين؟ فهل هو “البطر”؟ أم أننا “شبعنا وكثرنا شبع؟” وبدلًا من الشكر لله صرنا نقتل خلافًا لأمر الله.