معرض لرسام كاريكاتير جزائري: عن همجية الاحتلال وازدواجية الغرب
خلال كلّ عدوان عسكري ارتكبه الاحتلال الإسرائيلي على غزّة في العقد الحالي والذي سبقه، كان رسّام الكاريكاتير الجزائري، باقي بوخالفة، يُخصّص معظم رسوماته، التي ينشرها على صفحات جريدة “الشروق” الجزائرية، لمقاربة العدوان من جوانبه السياسية والإنسانية المختلفة، وانتقاد الصمت العربي والتواطؤ الغربي مع جرائم الاحتلال.
مع تكرُّر الحروب الإسرائيلية على القطاع، بات في رصيد بوخالفة عددٌ غير قليل من الرسومات الكاريكاتيرية التي قارب فيها الموضوع؛ وهي الأعمال التي يُقدّم مختارات منها في معرض بعنوان “غزّة: روح الروح”، افتتح في “غاليري Ezzou’ Art” بالجزائر العاصمة السبت الماضي، ويستمرّ حتى الخامس والعشرين من كانون الثاني/ يناير الجاري.
في المعرض ستّ وثلاثون لوحةً يُجسّد الرسّام في بعضها صورَ الدمار اليومية التي يعيشها الفلسطينيّون في غزّة في ظلّ الإبادة الجماعية التي يرتكبها الكيان الإسرائيلي منذ أكثر من ثلاثة أشهر، والتي خلّفت حتى الآن أزيد من 23 ألف شهيد، غالبيتهم من الأطفال والنساء، متوقّفاً عند همجية الاحتلال الذي يتعمّد قصف المستشفيات ورياض الأطفال والمدارس ودُور العبادة، ومُبرزاً ما يعيشه الأطفال من آلام نفسية وجسدية جرّاء التهجير القسري والقصف الذي لا يتوقّف إلّا ليُستأنف من جديد.
تُبرز بعض الأعمال المعروضة أهمّية مقاطعة الشركات الاقتصادية العالمية الداعمة للحرب الإسرائيلية على غزّة، وتُندّد أُخرى بازدواجية الخطاب الغربي تُجاه ما يُرتَكب فيها من مجازر، مسائِلةً الموقف غير الإنساني لأنظمة الغرب وإعلامه من الإبادة الجماعية، والموقف المخزي للهيئات الدولية منها، بينما تُشيد أعمالٌ أُخرى بمواقف بلدان وشخصيات لم تتردّد في إعلان مساندتها للحقّ الفلسطيني والعمل على كشف أكاذيب الرواية الاستعمارية. وهذه المواضيع يقاربها الرسّام الجزائري بأسلوب حادٍّ في سخريته، مباشر في كثير من الأحيان، وغالباً ما ينطلق من التقاط المفارقات والتناقضات وإبرازها.
يهدف المعرض، وفق بوخالفة، إلى إبراز تضامنه المطلَق مع غزّة ومع القضية الفلسطينية، معتبراً أنّ ذلك “واجبٌ أخلاقي في هذا الظرف”، ومضيفاً خلال افتتاح المعرض أنّ الكاريكاتير هو أحد أكثر الفنون قدرةً على النقد والسخرية والتعبير عن موقف الفنّان من القضايا الجوهرية.
وباقي بوخالفة، الذي تخرّج من “المدرسة العليا للفنون الجميلة” في الجزائر العاصمة وأصدر كتاباً في 2010 بعنوان “اللوز: واحد أكبر من اثنين”، ظهر في المعرض بزيّ شيخٍ يحمل دميةً مضرَّجة بالدماء، في محاكاة لمشهد الجدّ الفلسطيني خالد نبهان الذي تداولت وسائل الإعلام ومنصّات التواصل الاجتماعي فيديو يُظهره وهو يحمل جثمان حفيدته الصغيرة ريم التي استشهدت في قصف نفّذه الاحتلال في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، وهو يردّد: “هذه روح الروح”؛ وهي الجملة التي استلهم منها الفنّان عنوان المعرض.