قادة الخير وقادة الشر
الشيخ كمال خطيب
الرجال صنفان أحدهما صالح والآخر طالح. فالرجل الصالح هو شخص عرف ربه سبحانه معرفة حسنة وأدى حقه قدر استطاعته وخالق الناس بخلق حسن، وعاش في دنياه مجتهدًا أن يضع أقدامه وأن يسير على الصراط المستقيم إلى أن يأتيه اليقين فيلقى الله عز وجل على ذلك. وأما الرجل الطالح فهو شخص قُطعت صلته بخالقه سبحانه ولم يؤد ما عليه من حقوق للناس ولرب الناس، وعاش على الشرور والآثام، ويظل على ذلك حتى يلقى ربه فيجزيه بما صنع {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا ۗ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ۗ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ} آية 30 سورة آل عمران. ولقد شبّه النبي ﷺ الصالح والطالح في معاملتهما مع الناس ومع أفراد المجتمع بحامل المسك ونافخ الكير، فقال ﷺ: “مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يجذبك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحًا طيبًا. ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحًا خبيثًا”.
هذا التعريف والوصف للصالح والطالح يصدق وينطبق على العامة من الناس حيث الشخص يكون خيره أو شرّه في نفسه ولنفسه وربما امتد وتأثر به أناس آخرون حوله. لكن هناك أشخاصًا آخرين في المجتمع في نفوسهم طاقات كبيرة ومواهب ضخمة وقدرات مميزة، هذه الطاقات والقدرات والمواهب يمكن أن تُستغل في الخير ويمكن أن تُستخدم في الشرّ. ويوم يكون هؤلاء أخيارًا، فإن خيرهم تتسع دائرته لتشمل كل من حولهم، بل وأبعد من ذلك بكثير وهؤلاء هم قادة الخير، وعلى العكس من ذلك، فيوم يكون هؤلاء أشرارًا في أنفسهم فيوظّفون ويستخدمون طاقاتهم وقدراتهم ومواهبهم في الشرّ، فإن شرهم يتجاوزهم إلى كل من حولهم من الناس بل لعله يصل إلى أناس بعيدين عنهم وأماكن كذلك بعيدة. بل ولعل تأثير شرّهم يظلّ بعد موتهم، هؤلاء هم قادة الشرّ لأن قدراتهم وطاقاتهم ومواهبهم أهّلتهم ليشغلوا مناصب قيادية ذات تأثير.
قادة الخير وقادة الشرّ هؤلاء هم الذين وصفهم النبي ﷺ بمفاتيح الخير ومغاليق الشرّ لمّا قال: “إن من الناس مفاتيح للخير مغاليق للشرّ، وإن من الناس مفاتيح للشرّ مغاليق للخير، فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه وويل لمن جعل الله مفاتيح الشرّ على يديه”.
فقادة الخير ليس أن خيرهم يعود على أنفسهم، وإنما ومن خلال مواقع تأثيرهم والقدرات التي يملكونها، فإنهم يصيغون الناس ويوجهونهم، بل إنهم يصنعونهم في قوالب الخير التي يصنعونها بأيديهم والتي أحبها وارتضاها الله تعالى وبالإمكانات التي يتحكمون بها، هؤلاء ممن قال الله تعالى فيهم: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ ۖ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ} آية 73 سورة الأنبياء.
وقادة الشرّ ليس أن شرّهم يعود على أنفسهم، وإنما ومن خلال مواقع تأثيرهم والقدرات والمواهب والإمكانات التي تحت أيديهم، فإنهم يصيغون ويصنعون الناس في المواصفات والقوالب التي ارتضاها إبليس، وهؤلاء ممن قال الله تعالى فيهم: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ*وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُم مِّنَ الْمَقْبُوحِينَ} آية 41-42 سورة القصص.
وقد قيل: “الناس على دين ملوكهم”، فبعد وصول الغنائم العظيمة الكثيرة إلى عمر في المدينة أرسلها سعد بن أبي وقاص، نظر إليه عمر وقال: “إن قومًا أدوا هذا لأمناء، فقال له علي بن أبي طالب: إنك عففت فعفّت رعيتك ولو رتعت لرتعوا”. وقال ابن كثير: “كانت همة الوليد وانشغالاته بالبناء والعمران، فكان الناس في زمانه إذا لقي الرجل غيره قال: ماذا بنيت وكم عمرت. وكانت همة وانشغال أخيه سليمان في النساء، فكان الرجل يلقى الرجل فيسأله كم امرأة عندك. وكانت همة عمر بن عبد العزيز في القرآن والصلاة، فكان الرجل في زمانه يسأل غيره هل قرأت وردك، كم صليت الليلة وهكذا.. “.
الشاهد على الشهود
إنّ قادة الخير ومفاتيح الخير ومناجم الفضيلة وعلى رأسهم وفي مقدمتهم الأنبياء والمرسلون عليهم صلوات الله وسلامه، هؤلاء هم مصابيح الخير للناس كل الناس وهم صالحون في أنفسهم مصلحون لغيرهم وهم شهداء الله على خلقه، ولذلك وصف الله سيد المرسلين وأشرف النبيين محمد ﷺ لما قال له: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} آية 107 سورة الأنبياء.
هذا الرحمة المهداة والنعمة المسداة ﷺ يحدث عنه صاحبه وأقرب الناس إليه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فيقول: “قال لي رسول الله ﷺ اقرأ عليّ. فقال: أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: إني أحب أن أسمعه من غيري، فاستفتح بسورة النساء حتى إذا بلغ قوله تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَٰؤُلَاءِ شَهِيدًا} آية 41 سورة النساء، قال: حسبك الآن، فرفع رأسه فإذا عينا رسول الله ﷺ تذرفان من البكاء”.
إن معنى الحديث يدل على أن مفتاح الخير الأول وقائد الخير الأعظم في هذا الكون سيدنا محمد ﷺ قد بكى عند سماع هذه الآية التي تتحدث عن مشهد سيكون يوم القيامة، حيث يأتي الله بالأمم لموقف الحساب، ويُؤتى بالأنبياء وهم خير البشر مفاتيح الخير ليشهدوا على أقوامهم بالتصديق أو التكذيب، ثم يُؤتى برسول الله محمد ﷺ ليكون الشاهد ليس على الأمم فقط وإنما على الرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام. وماذا سيكون حال من كذّبوا الرسل وكفروا بهم، وكيف سيكون حال من كفر برسول الله محمد ﷺ ولم يهتد بهداه وعصى ما جاء به {يَوْمَئِذٍۢ يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ ٱلرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّىٰ بِهِمُ ٱلْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ ٱللَّهَ حَدِيثًا} آية 42 سورة النساء.
إن قادة الخير وفي مقدمتهم الأنبياء عليهم السلام وبما يقدمونه وبما يصيغون به منهاج حياة الناس وفق القالب الذي أراده الله سبحانه: {صِبْغَةَ اللَّهِ ۖ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً ۖ وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ} آية 138 سورة البقرة.
قادة الخير هؤلاء وصفات الخير التي كانوا عليها، فإن الله سبحانه يذكّرهم بها في حياتهم وبعد مماتهم بذكر شمائلهم وصنيع أعمالهم {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا*وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا} آية 54-55 سورة مريم.
ها هو مبعث الخير ومنبع الخير وقائد الخير ﷺ وهو يرسل أصحابه ليحملوا الخير والنور الذي أنزله إليه إلى الناس، فإنه يريد أن يطمئن قبل أن يرسل معاذ بن جبل إلى اليمن فيقول له: “كيف تقضي إذا عُرض لك قضاء؟ قال: أقضي بكتاب الله. قال: فإن لم تجد في كتاب الله؟ قال: فبسنة رسول الله ﷺ. قال: فإن لم تجد في سنة رسول الله ﷺ ولا في كتاب الله؟ قال: أجتهد رأيي ولا آلو. فضرب رسول الله ﷺ صدره وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله”.
إنه ﷺ فرح وضحك وسعد لما سمع أن خيره سيصل إلى الناس مثل ما بكى وسيبكي يوم القيامة لما عرف أن من الناس من سيكفرون ويرفضون الخير والنور الذي جاء به ﷺ.
ومثل سيدهم وقائدهم وحبيبهم محمد ﷺ فكذلك كان قادة المسلمين من مدرسة محمد ﷺ قادة للخير ومشعلًا للنور والهداية. فها هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قصته المشهورة يوم وجد في الطريق عجوزًا يستذل ويطرق الأبواب، فسأله عمر عن سبب فعلته تلك فقال: “إنها الحاجة، أنا يهودي وأتسول لأدفع الجزية، فقال عمر: والله ما أنصفناك نأخذ منك شابًا ثم نضيعك شيخًا والله لأعطينك من مال المسلمين، وأعطاه عمر رضي الله عنه”.
ومثل عمر رضي الله عنه قائداً للخير فإنه صلاح الدين رضي الله عنه يوم هزيمة الصليبيين في حطين وقد حدثت الفوضى في صفوفهم، وكانوا يصطحبون معهم نساءهم وأطفالهم، فكان أن فقدت إحداهن طفلها فراحت تصرخ وتبكي كالمجنونة، فقيل لها اذهبي إلى صلاح الدين الأيوبي، ولما دخلت عليه راحت تبكي بكاء شديدًا وراحت تمرغ وجهها في التراب، فرقّ لها قلب صلاح الدين ودمعت عيناه وأمر بالبحث عن طفلها، فلما جيء به أعطاه إلى أمه التي راحت تبكي من الفرح وصلاح الدين يبكي لبكائها.
حبس الشمس ومغيبها
معلوم أن القدس قد بناها الكنعانيون العرب، وخلال تاريخها فقد تعرضت لاحتلالات كثيرة. فحين كان أهلها وسكانها يزيغون عن الطريق، فقد كان الله تعالى يسلّط عليهم غيرهم فيحتلونها، بل قد وصل الأمر أن قائدًا من قادة الخير من بني إسرائيل يومها وهو يوشع بن نون والذي كان على الإسلام والتوحيد، وخلال سيره نحو القدس، حتى أن رسول الله ﷺ قد ذكره في الحديث الصحيح لمّا قال مفاخرًا عن كرامة ذلك النبي وقد أوشكت الشمس أن تغيب قبل إذ يتم دخولها، فتوجه إلى الشمس قائلًا لها: أنت مأمورة وأنا مأمور، ثم توجه إلى ربه قائلًا: اللهم احبسها علينا، فأخّر الله له غروب الشمس”. وفي حديث الإمام أحمد عن رسول الله ﷺ قال: “إن الشمس لم تُحبس على بشر إلا ليوشع ليالي سار إلى بيت المقدس”.
فإذا كان الله سبحانه قد حبس الشمس عن الغروب إكرامًا واستجابة لنداء وطلب ورجاء قائد من قادة الخير هو يوشع بن نون، فما بال الذين ينسبون أنفسهم اليوم إلى يوشع بن نون يقتلون قريبًا من عشرة آلاف طفل فلسطيني زاعمين أنهم يتقربون بذلك إلى الله؟ ما بالهم يهدمون المساجد والمشافي والمدارس وهم يفتخرون بالانتساب ليوشع بن نون وهو بريء من نسبهم وأفعالهم براءة الذئب من دم يوسف؟!
وهل قائدًا للخير يكتب اسمه وتوقيعه على قذيفة دبابة ثم تُطلق على البيوت والأحياء في غزة، ولعلّها قتلت أطفالًا ونساء كما فعل رئيس الدولة الإسرائيلية هرتسوغ. فإذا كان بفعل وصلاح القائد يوشع بن نون أن الله سبحانه قد حبس الشمس من المغيب، فما أسهل أن تغيب شمس المشروع الصهيوني بسبب سياسة بنيامين بن نتنياهو هذه الأيام وهذا الزمان حيث لن تُحبس الشمس كرامة لهم ولن تقف عجلة التاريخ كرمال عيونهم، وإنما ستجري نواميس الله في تبادل الحضارات عليهم “وتلك الأيام نداولها بين الناس” آية140سورة آل عمران.
يتمنون لو كانوا حميرًا أو كلابًا
وليس أن فعل رئيس إسرائيل فقط هو فعل قادة الشرّ ، بل إن من بين المسلمين في هذا الزمان من تفوقوا على الشيطان ويفتخرون بأنهم من تلاميذ مدرسته وقد أصبحوا عنوانًا للشرّ والظلم والقهر.
أليس هو من قادة الشرّ هذا الذي يدوس كرامة شعبه فيقتل ويهجّر ويشرّد من أجل أن يظلّ على كرسي الرئاسة وشعار أتباعه “يا الأسد يا منحرق البلد” ويقول هو: “استلمنا سوريا وكان تعداد سكانها 7 ملايين وسنعيدها مثل ما استلمناها” أي أنه سيقتل أهلها وقد قتلهم وشرّدهم.
أليس هو من قادة الشرّ هذا الذي يسحق شعبه وينقلب على رئيس شرعي منتخب هو الشهيد الرئيس محمد مرسي ثم يزعم أنه فاز بانتخابات مزورة بنسبة 98%.
أليس هو من قادة الشرّ معمر القذافي الذي خاطب شعبه يوم قالوا لا لحكمه وظلمه وجبروته: “سأعيد ليبيا إلى عصر الحمير والجمال” وقد شبههم بالجرذان.
إن قادة الشرّ هؤلاء الذين يستعبدون شعوبهم ويصيغونهم وفق قوالب هم يصنعونها ليكون الناس عبيدًا لهم، بل يسبحون بحمدهم ولكنهم أمام البطش والظلم والقهر والتخويف يمارسونه، فإنهم لن يدركوا أنهم قادة للشرّ إلا يوم القيامة يوم يكون الانقلاب الحقيقي عليهم، يوم يقول من كانوا يصفّقون لهم ويهتفون باسمهم بين يدي الله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ} آية 29 سورة فصلت. {رَبَّنَا هَٰؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِّنَ النَّارِ} آية 38 سورة الأعراف.
وإذا كان قادة الشرّ قد زين الشيطان لأحدهم أنه الرب الأعلى وأنه الذي يحيي ويميت، فظلم وتجبر وطغى وقتل وهجّر وسجن، فإن عليه أن يتذكر أن من عدل الله سبحانه أنه جعل يومًا للحساب هو يوم القيامة، وعند ذلك سيقتص الله للمظلوم من الظالم، ويقتص لكل من سلب حقه أو ماله أو دمه في الدنيا في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون. يقول الرسول ﷺ: “لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد الشاة الجلحاء من الشاة القرناء”. إن الله يقتص من الشاة بلا قرون من الشاة ذات القرون كانت قد نطحتها في الدنيا مستقوية عليها، ثم يقول لها كوني ترابًا فيراها جبابرة الأرض وظَلَمتها وهم يعلمون كم هي حقوق العباد من المظلومين والمقهورين كانوا قد اعتدوا عليهم وظلموهم في الدنيا فيتمنون لو أنهم كانوا في الدنيا حيوانات حميرًا وكلابًا حتى يكونوا الآن ترابًا ولا يحاسبون أو يكون مصيرهم النار {يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا} آية 40 سورة النبأ.
وإن غدًا لناظره قريب
وإذا كان قادة الشرّ اليوم بكل أسمائهم وبلادهم وألقابهم قد ملؤوا الأرض ظلمًا وجورًا وقهرًا إنهم {الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ*فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ} آية 11-12 سورة الفجر، إن على هؤلاء أن يدركوا أن هذا حال غير طبيعي، وأن هذه انتكاسة وسقطة واعوجاج لا بد أن يصحح، وأن يعود الحال إلى الأمر الطبيعي.
إننا وفي غمرة الظلم والبطش والقهر والقتل، فإننا على يقين أن البشرية بانتظار قائد من قادة الخير لا بد أن يتقدم وأن يحمل راية الخير ليلتف حولها أخيار كثر. قال رسول الله ﷺ: “لا تقوم الساعة حتى تُملأ الأرض ظلمًا وجورًا وعدوانًا، ثم يخرج من أهل بيته من يملأها قسطًا وعدلًا كما مُلئت ظلمًا وعدوانًا”. وقال ﷺ: “لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لبعث الله عز وجل رجلًا منا يملأها عدلًا كما ملئت جورًا”. وقال ﷺ: “ينزل بأمتي في آخر الزمان بلاء شديد من سلطانهم لم يسمع بلاء أشد منه حتى تضيق عنهم الأرض الرحبة وحتى تُملأ الأرض جورًا وظلمًا، لا يجد المؤمن ملجأ أن يلتجئ إليه من الظلم فيبعث الله عز وجل رجلًا من عترتي فيملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما مُلئت ظلمًا وجورًا”.
بكل ثقة ويقين يملؤنا الأمل أننا بين يدي قدوم قادة الخير يطهّرون الأرض من الرجس وظلم قادة الشرّ.
وإن غدًا لناظره قريب.
نحن إلى الفرج أقرب فأبشروا.
رحم الله قارئًا دعا لي ولوالدي ولوالديه بالمغفرة.
والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.