أ . د . مشهور فواز
ناقشت لجنة الاجتهاد والفتوى في الاتحاد العالمي لعلماء مسألة الأموال التي اكتسبها الزوجان أثناء فترة الزواج ، وذلك في حال لم يكن اتفاق واضح بين الزوجين حول هذا المال المختلط أو المستثمر أو المدخر وتوصلت اللجنة الى ما يلي :
أولا : نؤكد على استقلال الذمة المالية لكل من الزوجين، وأنّ عقد الزوجية ليس سببا في خلطة المال بين الزوجين.
ثانيًا – التأكيد على حقوق الزوجية المالية التي قررتها الشريعة، حال الزواج أو حال الفراق، أو الموت، من المهر، والنفقة، والمتعة والميراث، وغيرها من الحقوق المقرة شرعا، وأنها حقوق خالصة للمرأة.
ثالثاً – إنّ المال الذي اكتسبته المرأة حال الزوجية يعدّ خالصًا لها، لا يحل للزوج التسلط عليه بدعوى الزوجية.
رابعًا – إنّ حق المرأة في مال زوجها لا يتعدى حقوقها المالية المقررة شرعًا، وأنّ ملكية الرجل لماله حق خالص له، له فيه مطلق التصرف، ولا يتوجب عليه إلا ما أوجبه عليه الشرع، وأنّ ما كسبه الرجل بكدّ يده؛ لا يحل للزوجة منه شيء بدعوى بقائها في بيت الزوجية.
خامسًا- إنّ عدم إفصاح المرأة عن نيتها؛ لا يعدّ تبرعًا؛ إلاّ إذا صرحت به، ويحفظ حق المرأة فيما دفعته في بيت الزوجية؛ بناءً على قاعدة: المشروط عرفًا؛ كالمشروط لفظًا، ولأنّ الحقوق على المشاحة.
سادسًا – يتم توزيع المال المشترك المكتسب بين الزوجين حسب الاتفاق بينهما إن كان بينهما اتفاق واضح؛ استنادًا لقول النبي صلى الله عليه وسلّم:” المسلمون عند شروطهم”. رواه أبو داود وغيره. ولقول عمر بن الخطاب – رضي الله عنه-:” مقاطع الحقوق عند الشروط”
سابعًا – إذا حدث نزاع بين الزوجين حول المال المشترك بينهما، ولا يوجد اتفاق بينهما، ولا دليل إثبات عند أحدهما، فإنه يرجع إلى جميع وسائل الإثبات الشرعية لتحديد مساهمته من عدمها، ومقدار هذه المساهمة عند الإثبات.
ثامنا : ما أنفقته الزوجة في مشروع ربحي تجاري؛ فلها حقها به بحسب نسبة ما وضعته من المال فإن أنكر الزوج الشراكة؛ رجع للقضاء أو التحكيم للفصل بينهما.
تاسعًا : ما أنفقته الزوجة في مشروع غير ربحي، مثل: شراء أرض، أو شراء سيارة، أو أثاث بيت؛ فيكون للزوجة الحق فيه بحسب نسبة ما وضعته من المال ويفصل القضاء أو المحكم عند التنازع.
عاشرًا: ما كان جهدًا معتبراً في الفقه الإسلامي، كإدارة المرأة لشركة زوجها، أو كانت تعمل فيها؛ فيعد وظيفة عرفا؛ لها في ذلك أجرة المثل إن لم تحدد لها الأجرة.
عاشرًا : ما أنفقته المرأة في المأكل والمشرب والحاجيات المنزلية، فإن كان مما يستهلك عادة، فلا شيء لها فيه؛ لأنَه من باب التسامح غالبًا إلاّ إذا اتفقت مع الزوج على اعتباره دينًا . انتهى قرار لجنة الفتوى في الاتحاد العالمي .
بخصوص : ” ما يقدّمه الزّوج للزوجة من الذّهب خلال الحياة الزّوجية ”
ينظر في المسألة :
إن قامت قرينة أنّ ما قدّمه الزوج للزوجة هو هبة وهدية لها كأن يكون قد قدم ذلك لها في ذكرى ميلادها أو في ذكرى زواجهما أو في يوم عيد أو بمناسبة نجاحها أو شفائها ونحو ذلك فهذا ليس له حقّ الرّجوع فيه ، ولكن إن كان قد قدّم لها خلال الحياة الزّوجية كمية ذهب ولم تقم قرينة أنّ ما قدمه لها كهبة أو هدية وليس مع الزّوجة بينة على ذلك فإنّ هذا يكون بمثابة ملك للزوج قد أعطاه للزوجة كعارية للبس والتّزين ولا يجوز للزوجة المطالبة به.
ونؤكّد على الزّوج بوجوب التّوضيح فيما هو ملك له وما هو ملك للزوجة وذلك لأنّه إذا كان هذا الذّهب ملكًا له فإنّه يلزمه زكاته إذا كان بالغ النّصاب وإذا كان ملكًا للزوجة وهو بنية التّزين وليس بنية الادخار وهو أقل من نصف كيلو فلا يلزمها زكاته ، كما أنّه إذا كان الذّهب ملكًا للزوج فإنّه في حال وفاته ينتقل لورثته وإذا كان ملكًا للزوجة فإنّه في حال وفاتها ينتقل لورثتها ، وعلاوة على ذلك فإنّ عدم الوضوح يفضي للنزاع والخلاف والخصومات وسدّ باب الذّريعة في مثل هذه الحالات واجب .