أخبار رئيسيةمقالات

المحامي رمزي كتيلات: تعاطي الجهاز القضائي مع العرب في ظل الحرب وصل لمستويات عنصرية تفوق ما ساد في نظام الفصل العنصري البائد في جنوب أفريقيا

المحامي والناشط الحقوقي رمزي كتيلات لـ “موطني 48”:

• تعاطي الجهاز القضائي مع العرب في ظل الحرب وصل لمستويات عنصرية تفوق ما ساد في ظل نظام الفصل العنصري البائد في جنوب أفريقيا

• هناك مساحة لا يمكن وغير مسموح لنا كمجتمع وكبشر أن نتنازل عنها، وهي أن نتعاطف مع ما يجري وما يعيشه الأبرياء في قطاع غزة

طه اغبارية

منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، والحرب التي شنّتها المؤسسة الإسرائيلية على قطاع غزة تجاوز عدد المعتقلين من المجتمع العربي في الداخل الفلسطيني 170 شخصا، وقدّمت النيابة العامة الإسرائيلية، لوائح اتهام بحق 74 شخصا من المجتمع العربي في إطار الملاحقة السياسية للمواطنين العرب.

ويواجه المواطنون العرب حملة تحريض غير مسبوقة من قبل المؤسسة الإسرائيلية الأمنية والسياسية والقضائية، التي تهدد باستهدافهم في حال التحرك ضد الحرب على غزة، ووصل الأمر، مؤخرا، إلى اعتقال قيادات من المجتمع العربي، أفرج عنهم لاحقًا، بعضهم بشروط مقيدة.

وطالت سياسة الترهيب التي تعتمدها المؤسسة الإسرائيلية طلبة جامعات وموظفين بالمؤسسات الحكومية والقطاعات الخاصة. وتعرض البعض للفصل من الدراسة والعمل، فيما يواجه آخرون ملاحقات أمنية بسبب منشورات على وسائل التواصل فُسّرت على أنها تماهٍ مع حماس وتحريضية.

اللافت في الفترة الراهنة، هو انضمام الجهاز القضائي الإسرائيلي إلى الحملة ضد المواطنين العرب، من خلال سياسة الكيل بمكيالين ففي حين تتجاهل المحاكم حملات التحريض التي يشنّها يهود ضد العرب ومنها ما تدعو صراحة إلى القتل، تُصعّد من إجراءاتها ضد العرب، حتى لو كان الحديث عن نشر آية قرآنية أو حديث نبوي أو خاطرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة.

للحديث عن هذه الأجواء، وازدواجية الجهاز القضائي الإسرائيلي في التعاطي معها، التقت صحيفة “المدينة” المحامي والناشط الحقوقي رمزي كتيلات.

يرى كتيلات أنّ “الأجواء التي تسود البلاد في كافة المجالات، السياسية والأمنية والاجتماعية، تركت تأثيرها على الجهاز القضائي بمركباته (النيابة والقضاة). لو أردنا أن نشير إلى مثال واحد فقط، هو قرار القاضي (أورن سلفرمان) في محكمة القدس خلال محاكمة ناشط يهودي مؤيد للقضية الفلسطينية، فقد قال القاضي في معرض قراره: لو أنّ الكلام المنسوب لهذا الناشط قيل من عربي لكانت هناك خطورة واضحة من (العربي) قائل هذا الكلام. وهذه مقولة خطيرة تمثل- برأيي- المناخ الموجود تجاه العرب في الجهاز القضائي الإسرائيلي وتُؤكد على تأثر القضاة من الأجواء المتوترة والمعادية للعرب بشكل عام”.

وحول إمكانية طرق أبواب المحافل الدولية والمنظمات الحقوقية في العالم لكشف الإجحاف الذي يتعرض له المواطنون العرب في البلاد في هذا الشأن، يقول كتيلات: “لا بد أن تكون هناك مواقف للمنظمات الحقوقية في مجتمعنا بهذا الخصوص، وما أعلمه أنّ هناك توثيق وحراك تقوم عليه الكثير من المؤسسات الحقوقية العربية في البلاد من أجل بناء قاعدة بيانات وأدلّة حول هذا الواقع الذي نعيشه كمحامين وكمعتقلين”.

وفي سؤال إن كان هذا التعاطي مع العرب في الداخل الفلسطيني من قبل الجهاز القضائي الإسرائيلي يشبه المنظومات القضائية في الأنظمة الاستبدادية؟

أجاب كتيلات: “بكل تأكيد، ولو نظرنا للمقولة التي ذكرت سابقا على لسان القاضي أورن سلفرمان، لو تقاس هذه المقولة بالمعايير القضائية والقانونية فهي تصح في نظام أبارتايد (فصل عنصري) فيه قوانين خاصة بكل عرق عبر الكيل بمكيالين والعمل وفق معايير ازدواجية، وتعني أن يكون الشخص عربيا فهو يشكل خطورة، أمّا لو قام يهودي بنفس الفعل، فتتفهم المحكمة ذلك. وهذه النظرة أخطر من النظرة في الأنظمة الاستبدادية وتشبه فعليا ما كان سائدا في نظام الابارتايد البائد في جنوب أفريقيا، وهذا ما يمارس اليوم تجاه العرب، ونراه بشكل أوضح خارج الجهاز القضائي من خلال تعامل الأكاديمية الإسرائيلية مع الطلاب العرب، وتعامل المؤسسات والجهات الحكومية مع الموظفين العرب. هذه حالة تعم جميع مناحي الحياة منذ السابع من أكتوبر”.

فما المتاح للعربي- وفق القانون- في ظل هذا التضييق، وكيف يعبر عن مشاعره حيال ما يجري؟

كتيلات: “في الوضع الطبيعي، عندما تتم استشارة المحامي عمّا هو مسموح حسب القانون، تكون هذه الاستشارة بمثابة ضمانة للشخص في أنّه لن يتعرض لإجراءات بحقه وملاحقة. ولكن اليوم هناك فجوة كبيرة بين المسموح به وفق القانون الجاف، وبين الممارسات التي تقوم بها الاذرع المختلفة للمؤسسة الرسمية، من شرطة ونيابة ومخابرات. ولكن هناك مساحة لا يمكن وغير مسموح لنا كمجتمع وكبشر أن نتنازل عنها، وهي أن نتعاطف التعاطف الإنساني مع ما يجري وما يعيشه الأبرياء في قطاع غزة من أطفال ونساء، وأن نستنكر ما يحدث هناك من هدم للمساجد والمراكز الطبية التي توفر مقومات النجاة والاستمرار في الحياة، فهذه مساحة لا يمكن أن نتنازل عنها، وأي تراجع- حسب ما نراه- عن المساحات المسموحة من حرية التعبير يقابل بمزيد من الضغط من قبل المؤسسة الإسرائيلية، ويقابل بتقليص لمفهوم حرية التعبير المتاحة لأي إنسان والتي يجب أن تكون متاحة أيضا للمجتمع العربي في الداخل الفلسطيني”.

وحول نصيحته للناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، حيال ما ينشرونه؟

يكمل المحامي رمزي كتيلات: “بشكل عام، مهم أن يكون النشر في إطار الشأن الإنساني والكارثة التي يعيشها أهلنا في قطاع غزة، فهذه متاحة ومسموحة قانونيا، علما أنّ هناك الكثير من الأمور التي يجب أن تكون مسموحة، ولكنها قد تعرض الشخص للملاحقة في ظل الحالة الهستيرية والأجواء التي تفرضها المؤسسة الإسرائيلية، لذلك، يمكن أن يتعرض الشخص للمساءلة والاعتقال كذكر آيات معينة تتعلق بالنصر وحتمية النصر للمؤمنين، وآيات تتعلق بأوامر القتال، حتى وإن لم تكن تحمل التماهي مع جهة محظورة أو جهة تشارك في القتال الجاري في غزة، فهذه الأمور يمكن أن يتم تأويلها بشكل مباشر من قبل الأذرع الإسرائيلية المختلفة لملاحقة الناشر بغير وجه حق، وهذا ما رأيناه في كثير من الحالات”.

وفي حال جرت مساءلة شخص وخضوعه للتحقيق، يوصي المحامي رمزي كتيلات في ختام حديثه لـ “المدينة”: “في حال استدعي شخص لتحقيق رسمي من قبل الشرطة، هناك أمر يجب عدم التنازل عنه بأي حالة من الأحوال، وهو طلب التشاور مع محامي قبل الإجابة عن أي سؤال، لأنّ المحامي يستطيع أن يعطي هذا الشخص الأدوات اللازمة في كيفية التعاطي مع التحقيق والاستجواب وكيفية طرح الأمور بالشكل الصحيح الذي لا يدع مجالا للشك في أن الشخص لم يرتكب مخالفة وأنه قام بالمسموح في إطار حرية التعبير التي يجب احترامها”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى