فساد وفشل حكومات إسرائيل.. من غولدا مائير إلى نتنياهو
الإعلامي أحمد حازم
بالرغم من دخولها الشهر الثاني فإن الحرب الإسرائيلية على غزة، لم تغير أي شيء في عقلية أمراء الحرب، ولم يتحرك لهم أي شعور إنساني بوقف هذه الحرب التي أسفرت لغاية الآن عن سقوط عشرات آلاف القتلى والجرحى، وتدمير هائل للمباني السكنية، إضافة لمستشفيات ومدارس ومساجد وكنائس.
وهذه الحرب المدمرة ليست الأولى التي يلاقي قادة إسرائيل انتقادا شعبيا لهم بسببها. فقد سبق للجمهور الإسرائيلي أن وجّه اللوم الشديد لرئيسة الحكومة الإسرائيلية السابقة غولدا مائير في حرب أكتوبر عام 1973، الأمر الذي أدّى إلى عزلها من منصبها بسبب الهجوم الذي شنّته مصر على إسرائيل في يوم الغفران من ذلك العام، تماما كما جرى في السابع من أكتوبر هذا العام.
الباحثة داليا شيندلين- خبيرة استطلاعات رأي وباحثة في مركز Century International للبحوث والسياسات الدولية ومقرّه واشنطن، وباحثة في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية- تقول في مقال لها في مجلة “فورين أفيرز” الأمريكية: “لأكثر من عشرين عامًا، وعدت الأحزاب اليمينية المهيمنة على المشهد السياسي الإسرائيلي الناخبين بأنّ البلاد أصبحت أكثر أمانًا ممّا ستكون عليه في ظلّ أيّ سياسة أخرى، وأيّدها معظمهم. لكن في 7 تشرين الأول، حطّم هجوم حماس هذه الفكرة. مع ذلك، فإنّ إسرائيل لم تتغيّر. فعلى الرغم من لوم الإسرائيليين لقياداتهم على الإخفاقات الأمنيّة الكارثية التي أحاطت بالهجمات، من غير المرجّح أن يتغيّر توجّههم السياسي الأساسي”.
رئيس الحكومة الأسبق ايهود باراك، انهارت حكومته ايضًا بسبب الانتفاضة الثانية التي بدأت عام 2000 وخسر المنصب أمام شارون في العام 2001. أمّا حرب إسرائيل مع حزب الله عام 2006 فقد أبعدت أولمرت عن منصبه كرئيس حكومة لفشله في إدارة هذه الحرب. كما تعرض أولمرت لاتهامات بالفساد في عام 2007، واستقال من منصبه عام 2008 بسبب هذه الاتهامات. وعلى ذمة شيندلين، فإن ثلاثة أرباع الإسرائيليين لم يكونوا راضين عن أداء أولمرت، وهي النسبة نفسها التي تريد الآن أن يتخلّى نتانياهو عن السلطة.
بعد إعلان حكومة نتنياهو عن صفقة تبادل الرهائن مع حماس، جرى استطلاع للرأي في الثاني والعشرين والثالث والعشرين من الشهر الماضي، تبين منه أنّ الائتلاف الحاكم سيخسر 23 مقعدًا من مقاعده الـ 64 في الكنيست. وفي استطلاع آخر أظهر أنّ الليكود سيخسر حوالي نصف مقاعده في الكنيست البالغ عددها 32 مقعدًا، وأنّ أكثر من ثلاثة أرباع الإسرائيليين يعتقدون أنّ نتانياهو يجب أن يستقيل بعد الحرب أو حتى خلالها. ولذلك فإن الخبيرة شيندلين التي تجري استطلاع الرأي العامّ الإسرائيلي الفلسطيني المشترك بالتعاون مع المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحيّة، تستبعد بقاء نتانياهو في منصبه.
والسؤال المطروح: ماذا بعد رحيل نتنياهو؟ هل سيطرأ أي تغير في المرحلة القادمة، أي في حكومة مقبلة يرأسها سياسي غير نتنياهو؟
تقول الباحثة شيندلين “على الرغم من الاستياء الشعبي الهائل من قيادة نتانياهو، من المرجّح أن تسمح له المخاوف بشأن عدم الاستقرار السياسي بالبقاء في السلطة حاليًا. وحتى لو تمّت الإطاحة بنتانياهو في نهاية المطاف من السلطة، فإن رحيله لن يُحدث تغييرًا جوهريًا في السياسة الإسرائيلية”.
قد تكون الباحثة على حق في عدم التغيير. ولنفترض- كما تقول الاستفتاءات- أن بيني غانتس سيكون رئيس الحكومة القادمة بعد الحرب، لكن يجب أن لا ننسى أنَّ حزب غانتس يضم أعضاء سابقين في حزب الليكود. بمعنى فيه نكهة يمينية، وغانتس مضطر في هذه الحالة للحفاظ عليها.
في مقال له نشرته صحيفة “هآرتس” يقول إيهود أولمرت، إن “نتنياهو وحكومته “المتعطشة للدماء” حكومة تهيمن عليها “عصابة من البلطجية من أمثال وزير الأمن ايتمار بن غفير، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ولا خيار سوى الإطاحة بحكومة نتنياهو، ويجب أن تبدأ الخطوة الأولى على الفور عقب انتهاء الحملة العسكرية في غزة وربما قبل ذلك”.
رئيس الحكومة السابق يائير لبيد، يرى أنَّ “نتنياهو فقد ثقة الشعب وحان الوقت أن تذهب هذه الحكومة الى البيت، وأن تعفينا من العقوبة التي تلحق بنا بسببها”. وكان لبيد قد صرَّح في الخامس والعشرين من شهر ديسمبر، العام الماضي، بأنَّ “حكومة نتنياهو ليست حكومة يمينية، بل حكومة جنون، ولن نهدأ وإسرائيل تتفكك من الداخل”.