شارون انسحب منها ونتنياهو تورط فيها.. غزة و”السيوف الحديدية”
الإعلامي أحمد حازم
في الثاني عشر من شهر أيلول/ سبتمبر عام 2005 أعلنت الحكومة الإسرائيلية الانسحاب من قطاع غزة بقرار من رئيس الحكومة الإسرائيلية آنذاك، أرئيل شارون، وأخلت إسرائيل بموجبه المستوطنات ومعسكرات الجيش من القطاع المحاصر، وأربع مستوطنات أخرى متفرقة في شمالي الضفة الغربية. هذا الانسحاب جمّلته إسرائيل بصياغة أخرى للتخفيف من حدة تداعياته وأعطته اسم “خطة فك الارتباط”.
انسحاب شارون كان نتيجة معركة “أيام الغضب” التي فشل فيها شارون من تحقيق أهدافه بمنع الصواريخ وعمليات المقاومة التي تُطلق من قطاع غزة تجاه المستوطنات الواقعة في محيط غزة الذي يسمونه “غلاف غزة”. وبالرغم من أن الانسحاب لم يلق موافقة العديد من حزبه “الليكود” إلا أنّه فعل ذلك، وخطوته كانت عقلانية لأنه عرف أنَّ الانسحاب وترك غزة بحالها هو الأفضل.
ويبدو أن نتنياهو لم يتعلم من شارون بمعنى لم يفهم ولم يأخذ العبر من وراء انسحابه. بمعنى ان غزة من الصعب ان تقهر. ست حروب شنّتها إسرائيل على غزة منذ العام 2008 وكل حرب أعطيت اسما وكل حرب تمَّ تحديد أهدافها. الحروب انتهت وغزة لا تزال قائمة بمن فيها.
وزير خارجية الولايات المتحدة بلينكن ووزير دفاعها لويد أوستن، وصلا إسرائيل ولحق بهما بعد أيام الرئيس الأمريكي جو بايدن، مما يعني ان الحرب على غزة ليست إسرائيلية فقط انما بدعم معنوي امريكي، وإلّا كيف نفهم وجود أهم ثلاث شخصيات أمريكية في إسرائيل وقت الحرب وكيف نفهم تحريك حاملة الطائرات الامريكية جيرالد فورد الى المنطقة؟ هذا يعني بكل وضوح أنَّ الأمريكيين جاهزين للتدخل عسكريا اذا ما توسع نطاق الحرب ليشمل مشاركة جهات أخرى. ألم يقل بلينكن الأسبوع الماضي: إننا نحمي ظهر تل أبيب؟”.
مراسل الشؤون العسكرية في موقع “واينت” العبري يوسي يهوشوع، يقول “إن إسرائيل ورغم الدعم الأميركي غير المسبوق، ستكون قبالة تحديدات كبيرة أمام المجتمع الدولي، والأصوات التي تدعو لوقف الحرب على غزة التي تعيش كارثة إنسانية، ويبقى السؤال عمّا إذا ما كانت إسرائيل ستحقق أي إنجاز أو هدف من الحرب”.
هيئة البث الإسرائيلية (كان 11)، كشفت مساء الخامس عشر من الشهر الحالي عن وثيقة تظهر أهداف الحرب التي يشنها الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة، والتي صادق عليها كابنيت الحرب الإسرائيلي. الذي يضم إلى جانب نتنياهو كل من وزير الدفاع، يوآف غالانت، ووزير الدفاع السابق، بيني غانتس ووزير الشؤون الإستراتيجية، رون دريمر، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق، غادي آيزنكوت.
والأهداف الواردة في الوثيقة تتضمن أربعة بنود: “إسقاط حكم حماس وتدمير قدراتها العسكرية، إزالة التهديد من القطاع تجاه إسرائيل، بذل أقصى الجهود لحل قضية الرهائن وآخرها حماية حدود الدولة ومواطنيها”. فهل تستطيع إسرائيل تحقيق هذه الأهداف؟
الإجابة وردت في حديث لصحيفة “يديعوت أحرونوت” مع رئيس الحكومة الأسبق، ايهود باراك، الذي قال فيه: “لا نستطيع القضاء تمامًا على حماس فهي حركة تحمل أيديولوجيا متجذرّة في قلوب أنصارها وعقولهم”. وماذا يقترح باراك في هذا الموضوع؟ يقول باراك: “الخطوة العملية المهمة تتمثل في القضاء على قدرات حماس العسكرية في القطاع”. لكن باراك يعترف بأن هذا الأمر ليس سهلا اذ يقول: “هذه مهمة معقدة جدًا، ولكن علينا التركيز عليها”.
باراك على حق في قوله. فلو أمعنا النظر في هذه الأهداف لوجدنا أن إسرائيل حتى كتابة هذه السطور، لم تحقق أي هدف من الأهداف الأربعة التي حددتها لحربها على غزة باستثناء القتل والتدمير.
ولكن في حال أقدم الجيش على اجتياح قطاع غزة، ماذا يقول باراك؟ “ننوي نزع سلاح حماس ونأمل بأن نكون قادرين على إعادة السلطة الفلسطينية الى هناك أو أية جهة أخرى”. يعني وجود خياران بالنسبة لباراك: فإما تسليم القطاع لسلطة عباس، وإما لجهة أخرى لم نفهم ما هو المقصود منها.
ولكن بشكل عام من المسؤول الرئيس عمّا يجري الآن وعن نتائج عملية “السيوف الحديدية” التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي في غزة؟ الكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي، يجيب على هذا التساؤل في تحليل له بصحيفة هآرتس: إن “نتنياهو يتحمل مسؤولية كبيرة جدا عما حدث، وعليه أن يدفع الثمن، لكن الأمر لم يبدأ معه، ولن ينتهي”.