الصابون النابلسي.. صناعة تقليدية بعبق زيتون فلسطين
بطريقة تقليدية يعود عمرها إلى مئات السنوات، يحافظ الفلسطينيون في مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية على صناعة الصابون من زيت الزيتون.
ففي “صبانة طوقان” الواقعة على ميدان الشهداء وسط نابلس، يعمل نحو عشرة من العمال الفلسطينيين على صب الخليط في أرضية المصنع، بعد عملية طبخ على النار استمرت 5 أيام.
ويعد مبنى المصنع المشيد من الحجر القديم، واحدا من أشهر المباني التاريخية في المدينة العريقة.
وتشتهر نابلس بصناعة الصابون النابلسي، والذي يعد واحد من أشهر الصناعات التقليدية التي لا تزال تحافظ على طريقتها رغم التطور في الصناعات.
عامل منذ 30 عام
العامل أحمد دويكات أحد موظفي مصبنة طوقان، يقول “أعمل في مصبنة طوقان منذ ما يزيد عن 30 عاما، وما تزال الطريقة ذاتها تستخدم”.
ولفت إلى أن “زيت الزيتون يعد المكون الرئيسي للصناعة”.
وبيّن دويكات، أن “الخليط أو ما يسمى بالطبخة تستخدم فيها زيت الزيتون والصودا الكاوية والمياه وتستمر عملية الطهي على مدار خمسة أيام متتالية”.
ويقدم دويكات شرحا حول الصناعة بينما ينهمك العمال في نقل الطبخة (الصابون) وصبها على أرضية مخصصة في الطابق العلوي من المصنع وتركها لتجف لمدة 24 ساعة ثم تبدأ عملية التقطيع وتتم كل العملية بطريقة يدوية.
ويشير دويكات إلى أن الصابون وبعد التقطيع يتم ترتيبه على شكل أبراج اسطوانية تاركين بينها فتحات للسماح بدخول الهواء.
ويترك الصابون لنحو 30 يوما ويعرض للهواء لتجف بصورة كاملة صيفا، غير أن الكمية ذاتها تحتاج لنحو 60 يوما لتجف في فصل الشتاء.
وتعد عملية لف القطع بالغلاف الورقي المرحلة الأخيرة قبل عرضها للبيع أو تصديرها.
بقاء رغم المنافسة
ويقول نائل القبج مدير شركة طوقان للصابون النابلسي، أن الصابون النابلسي أهم سمات الهوية التراثية في مدينة نابلس، وما يزال يحافظ على شهرته رغم المنافسة الكبيرة من الصابون المستورد.
وأشار القبج، إلى أن “السمة الرئيسية في الصابون النابلسي عدم استخدام أية ألوان أو معطرات، وبقائه على ما هو عيله منذ مئات السنوات”.
ولفت إلى أن “الكمية المنتجة في مصنع تراجعت من 600 طن إلى 300 طن سنويا، جراء منافسته من قبل الصابون المستورد ذا الروائح والألوان والأسعار الأقل، وانتهاج السلطة الفلسطينية سياسية السوق المفتوح”.
ويشيد القبج بالصابون النابلسي ويقول “يخلو الصابون النابلسي من أي مواد كيماوية أو شحوم أو زيوت غير صافية، لذلك يفضله الكثيرون”.
ويعد القبج شحنة من الصابون لتصديرها لدولة الكويت، ويقول إلى أن غالبية انتاج مصنعه يسوق في الأسواق الأردنية ومحليا، غير أن كميات ليست بالكبيرة تصل بعض الدول العربية والأسواق الأوروبية كسويسرا وبريطانيا، بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
ويرفض القائمون على شركة صبانة طوقان الانتقال إلى الصناعة الحديثة، وعن ذلك يقول القبج “هذه صناعة تقليدية وتراثية والمحافظة عليها سمة هامة نتمسك بها”.
وتخضع منتجات المصبنة للرقابة من قبل مؤسسة المواصفات والمقاييس الفلسطينية، إلى جانب المواصفات والمقاييس الملكية الأردنية.
مزار سياحي
ويعود عمر مبنى صبانة طوقان إلى ما يزيد عن 150 عاما، وتحول المبنى والمصنع لمزار سياحي، يقصده السياح الأجانب والمحليين.
وعن ذلك يقول القبج إن ” تمسكنا بالصناعة التقليدية القديمة جعل من المصنع مقصدا للسياح”.
وأشار إلى أن أبواب المصنع “تفتح يوميا أمام السياح الذين يعشقون كل ما هو قديم، يأخذهم إلى عالم أخر لم يعيشونه”.
وصبانة طوقان أنشئت في العام 1872، أي في العهد العثماني بحسب القبج، وتعد واحدة من أقدم الصبانات العاملة في نابلس.
وكانت نابلس تحوي في منتصف القرن الماضي على 52 صبانة بينما اليوم تعمل أربعة فقط، بينما تم تحويل عدد من الصابانات المتوقفة إلى مخازن للبضائع أو متاحف ومراكز ثقافية، بحسب أيمن أبو سير المختص بتاريخ وصناعة الصابون النابلسي.
وأشار أبو سير، إلى أن نابلس “تعرف بعاصمة الاقتصاد الفلسطيني وصناعة الصابون تحديدا”.
وبيّن أن ذلك يأتي “لوجود المدينة في منطقة تشتهر بزراعة الزيتون، حيث يعد زيتها المكون الرئيسي لصناعة الصابون”.
ولفت إلى أن تراجع صناعة الصابون النابلسي بسبب غزو الأسواق الفلسطينية بأنواع الصابون المعطر والشامبوهات، وغيرها من صناعة المنظفات الحديثة.
بطريقة تقليدية يعود عمرها إلى مئات السنوات، يحافظ الفلسطينيون في مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية على صناعة الصابون من زيت الزيتون. ففي “صبانة طوقان” الواقعة على ميدان الشهداء وسط نابلس، يعمل نحو عشرة من العمال الفلسطينيين على صب الخليط في أرضية المصنع، بعد عملية طبخ على النار استمرت 5 أيام. ويعد مبنى المصنع المشيد من الحجر القديم، واحدا من أشهر المباني التاريخية في المدينة العريقة