المجتمع العربي بين نارين: نار الجريمة ونار الشرطة
الإعلامي أحمد حازم
قتل المواطن العربي بشكل عام، والفلسطيني بشكل خاص، كان هدفا أساسيا للصهيونية. وأحفاد هرتسل في إسرائيل لا يزالون ينفذون هذا الهدف، من خلال استغلال أي حدث، والبراهين كثيرة ومتعددة على ذلك ماضيا وحاضرا. كتاب “ادفع دولارًا تقتل عربيا” للكاتب الأمريكي لورانس غريزوولد، اختار عنوانه عن الشعار الذي طرحته الصهيونية في نيويورك عام 1948 لحثّ الأميركيين على دعم الصهاينة في فلسطين بهدف إبادة الفلسطينيين وتهجيرهم. وقد أظهر الكاتب الأمريكي الوحشية الاجرامية، التي مارسها الصهاينة في فلسطين، وأوضح كيف اعتمدوا على أسلوب القتل، حتى في دعاياتهم لجلب التبرعات من الولايات المتحدة وغيرها من الدول، من خلال شعار “ادفع دولارًا تقتل عربيا”. خلال هبة أكتوبر، التي شهدها المجتمع العربي (خلال الانتفاضة الثانية عام ألفين في الأراضي الفلسطينية)، أقدمت الشرطة الاسرائيلية على قتل 13 شابا عربيا في الداخل الفلسطيني بكل دم بارد خلال ثلاثة أيام، وذلك خلال مظاهرات تضامنية مع انتفاضة الأراضي الفلسطينية، والتي كان سببها تدنيس شارون للأقصى المبارك.
الشرطة الاسرائيلية، والجيش الاسرائيلي وجنرالاته وحكومة إسرائيل، لا يفهمون سوى لغة القتل في التعامل مع الفلسطينيين. وهذا الأمر يعكس مدى الحقد الأعمى على العربي، والذي يتعلمه اليهودي منذ صغره في بيته ومحيطه ومجتمعه، وبذلك يترعرع اليهودي الصغير وينمو وكله شغف لقتل العربي. عندما تقدم الشرطة الاسرائيلية على قتل فلسطيني من المجتمع العربي، أو في أراضي السلطة الفلسطينية، لا يهتز جفن للقاتل، لأنه يعرف أن القانون يحميه والحكومة تحميه وإسرائيل كلها تحميه، لأن الضحية فلسطيني.
مجتمعنا العربي يعاني من خطرين: أولهما خطر تفشي جرائم القتل فيه من خلال منظمات الخاوة والاجرام، وثانيهما خطر نار الشرطة الإسرائيلية على هذا المجتمع. الخطران مرتبطان ببعضهما البعض. يقول محمد بركة (أبو السعيد) رئيس لجنة المتابعة العليا، إن “كل يوم يمر، يؤكد مجددًا على أن قضية الجريمة الدائرة في المجتمع العربي، هي مشروع سياسي إسرائيلي حكومي رسمي، بهدف تفتيت مجتمعنا، وجعله ينشغل بحاله، ويبتعد عن قضاياه الأساسية المركزية، وأولها مواجهة السياسات الرسمية العنصرية والقمعية”.
“ابو السعيد” على حق في قوله. فكل الدلائل تشير إلى أن انتشار العنف والجريمة في المجتمع العربي، يتم بتشجيع من قوات الأمن والشرطة، وغض الطرف عن ممارسات الضالعين في ارتكاب الجرائم حتى وتوفير حصانة لهم مقابل تعاونهم مع جهاز الشباك أو الشرطة.
الباحث النصراوي ساهر غزاوي يقول في دراسة له تحت عنوان “الإعدامات الميدانية – فلسطينيون من مناطق الـ 48 قتلوا على يد أجهزة الأمن الإسرائيلية خارج إطار القانون” إن 79 شابًا من مناطق الـ 48 قد سقطوا برصاص أجهزة الأمن الإسرائيلية منذ عام 2000 وحتى عام 2022 واصفًا ذلك بسياسة “الإعدام الميداني”. المجتمع العربي وحسب الاخصائيات الأخيرة، يشكل 21%. من مجمل سكان إسرائيل لكن عدد الضحايا الذين سقطوا فيه بسبب نار الشرطة يساوي خمسة أضعاف عدد اليهود (16 قتيلا)، قتلتهم الشرطة مما يعني ان شرطة بني صهيون تركز على قتل الشباب العرب بذرائع مختلقة.
ويبدو ان هذا العدد من الضحايا العرب لم يشف غليل بن غفير. الإذاعة الإسرائيلية العامة (كان 11) تحدثت في الثالث من هذا الشهر عن المساعي للسماح للشرطة باستخدام أكثر للرصاص الحي ويأتي ذلك فيما اسمته الإذاعة “المخاوف من اندلاع تصعيد أمني يشمل احتجاجات في المجتمع العربي في مناطق الـ 48 يعمل فيها الفلسطينيون في إسرائيل على قطع الطرق أمام الإمدادات العسكرية الإسرائيلية.” وهذا يعني إعطاء الشرطة إمكانية اكثر لفتح النار على فلسطينيي الـ 48.
مركز عدالة ولجنة المتابعة العليا في البلاد يرون أن هناك حاجة ضرورية وملحة للتدخل الدولي الفوري، وسيقدمان طلبا إلى الأمم المتحدة لحماية الجماهير الفلسطينية في الداخل.
نعم انها خطوة في غاية الأهمية ونشد على أياديكم.