خمسة تطورات اقتصادية قد تُحدث عاصفة تهزّ إسرائيل
بالتزامن مع التحذيرات الإسرائيلية المتزايدة من تبعات الانقلاب القانوني على مختلف مجالات دولة الاحتلال، يتخوف الإسرائيليون من أن يكون شهر تشرين الأول/ أكتوبر المقبل مليئاً بالأحداث التي قد تزيد من حالة عدم اليقين لدى المستثمرين، وتضع اقتصاد الاحتلال في صدمة أخرى، سواء هوية محافظ بنك إسرائيل، ورئيس المحكمة العليا، إلى نشر التصنيف الائتماني لدولة الاحتلال، وسواها من الأحداث المدرجة على جدول الأعمال.
وتوقع الكاتب الاقتصادي في مجلة “غلوبس”، أهارون كاتس أن “يكون شهر تشرين الأول/ أكتوبر مثيرًا بشكل خاص للاقتصاد الإسرائيلي، دون أن يعني أن الوضع كان هادئًا هنا في الفترة الماضية، لكن يبدو أن الشهر المقبل سيشهد اجتماع سلسلة أحداث غير عادية، وذات أهمية خاصة، سوف تستحوذ على عناوين الأخبار واهتمام المستثمرين، سواء في إسرائيل أو جميع أنحاء العالم، ويتوقع أن تؤثر موجة الأحداث على الوضع الاقتصادي في إسرائيل، وحالة عدم اليقين الذي تفتقر إليه، على الفور أو على المديين المتوسط والطويل”.
وأضاف كاتس، في مقال، أن “أولى الأحداث المقلقة هو مستقبل محافظ بنك إسرائيل، البروفيسور أمير يارون، بعد انتهاء فترة ولايته الخمس سنوات في كانون الأول/ ديسمبر المقبل، وتعهده بالإعلان عن قراره المعتمد بالطبع على الرسالة التي سيتلقاها من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لأن هوية المحافظ لها أهمية كبيرة، وعلى مدى الأشهر الماضية، فإن حالة عدم اليقين الاقتصادي اقترنت بهوية المصرفي الأول في الدولة، مما سيزيد من توتر المستثمرين، حتى خارج إسرائيل، لأن المحافظ الحالي كان له موقف رافض للانقلاب القانوني”.
ونقل عن كبير الاقتصاديين ببنك “مزراحي” رونان مناحيم، أن “السيناريو المحتمل في حال تغير محافظ بنك إسرائيل يتمثل بزيادة أسعار الفائدة، مما سيشكل تحديًا كبيرًا للسوق المحلية، وإذا حصل على موافقة الحكومة لولاية ثانية، فإن السوق سينظر إليها إيجابياً، ومثل هذه الخطوة ستقلل من حالة عدم اليقين، وتظهر أن كبار المسؤولين في الحكومة يفكرون بعقلانية، وفي حال لم يستمر يارون بمنصبه، فإن حالة عدم اليقين ستزداد”.
وأشار إلى أن “الحدث الثاني المقلق ما ستقدم عليه شركة التصنيف الائتماني العالمي- “موديز” بنشر تصنيفها لإسرائيل، واستيائها من حالة عدم اليقين في مواجهة الأزمة الجارية، مما يثير المخاوف أنها ستسقط إسرائيل خطوة من درجتها الحالية، وإضافة للأزمة السياسية، فإن إيرادات الدولة انخفضت في الأشهر الأخيرة، وهي حقيقة ستؤثر على قرار شركة التصنيف، كما يتآكل الفائض العام المحتفظ به في خزائن الحكومة بعد 2022، ويتوقع أن ينفد في المستقبل القريب”.
وأكد أنه “بعد تقرير وكالة “موديز” في نيسان/ أبريل الماضي، حول سياسة إسرائيل المالية المقيدة والميزانية، لكن منذ ذلك الحين زاد العجز، وانخفضت الإيرادات المتوقعة، وحتى لو لم تخفّض الشركة تصنيف إسرائيل، لكن هناك خوف حقيقي من خفض توقعات التصنيف إلى سلبية، لأن جميع التقارير المنشورة حتى الآن دعت لضرورة اتخاذ قرارات قانونية بإجماع واسع، وتطويق الأضرار الاقتصادية المترتبة على ذلك، مما يعني أن يكون لها تأثير مباشر على سعر صرف الشيكل”.
وأوضح أن “الحدث الثالث يتمثل في عودة الكنيست من عطلته الصيفية إلى دورته الشتوية في 15 تشرين الأول/ أكتوبر، مما قد يزيد من حالة عدم اليقين والفوضى السياسية، ومسألة التقدم في الانقلاب القانوني في الكنيست ستنضم قريبا لنقاش عاصف مماثل بشأن قانون التجنيد، الذي لن يخفف النيران، ولا يتوقع أن يهدئ المستثمرين، وفي الوقت الحاضر، فإن رؤية التطبيع مع السعودية تفشل بتشجيع الإسرائيليين، وإيجاد قاسم مشترك بينهم”.
إلى ذلك، أكد أن “الحدث الرابع يتعلق بمؤشر الأسعار للشهر المقبل، لأن شكل التضخم اعتبر مفاجأة سلبية عندما ارتفع قليلاً فوق توقعات السوق، ليعود مستوى الأسعار لمستواه السنوي 4.1%، وفي هذه الحالة، يعتبر مؤشر أيلول/ سبتمبر حرجًا بشكل خاص، ويرجع ذلك لحقيقة أنه سيعيد الإسرائيليين للاتجاه الهبوطي، وينخفض مرة أخرى لما دون عتبة 4٪، ويتوقع أن يظهر مؤشر الأسعار معدل التضخم السنوي 3.9%”.
وأضاف أن “الحدث الخامس يرتبط بإمكانية انتهاء ولاية رئيسة المحكمة العليا القاضية إستر حايوت، على خلفية خلافاتها مع وزير القضاء، ياريف ليفين، بشأن الانقلاب القانوني، وفي تشرين الأول/ أكتوبر ستعقد المحكمة جلسة استماع مشحونة بشأن طلب تشكيل لجنة اختيار القضاة، رغم معارضة ليفين، والنقص الحاد في عدد القضاة، وبالتالي فإن استقلال المحكمة، واستمرار الاضطراب في النظام القانوني، لن يساعد في تهدئة النفوس”.
هذه الأحداث الخمسة من شأنها أن تلقي بظلالها السلبية على الاقتصاد الإسرائيلي، مما دفع المعلق الاقتصادي لـصحيفة “يديعوت أحرونوت”، سيفر بلوتسكر، للتوقع بأن “تعمل هذه التطورات على تراجع أسهم دولة الاحتلال في الجانب الاقتصادي، لأنه يحمل ضمنياً عدم ثقة كبار الاقتصاديين حول العالم بها، ويعني مع مرور الوقت التسبب في أزمة سياسية اجتماعية مستمرة، قد تؤدي للمساس باقتصادها، ومثل هذا المساس قد يحدث بسبب الانخفاض الحاد في الاستثمارات الأجنبية في فرع التكنولوجيا المتطورة”.
وأضاف في مقال، أن “المشكلة أعمق بكثير من هذه الأحداث، وتتعلق بتصاعد القلق الإسرائيلي من التضخم، وانعدام الثقة بقدرة الحكومة على اتباع سياسة اقتصادية صحيحة، وافتقاد مصداقيتها، مما أسفر عن تراجع أسعار السوق للبنوك الكبرى بـ17 مليار شيكل، وتراجع الإيرادات الحكومية إلى 120 مليار شيكل”.
تؤكد هذه التطورات أن التبعات المترتبة على الاحتجاجات الإسرائيلية لم تتوقف على الجوانب السياسية والقانونية، بل وصلت الأبعاد الاقتصادية والاستثمارية التي تشكل تهديدًا خطيرًا على دولة الاحتلال، التي تعد نفسها من الدول الرائدة اقتصاديًّا على مستوى المنطقة والعالم، ويتعلق ذلك بحجم الثمن الباهظ الذي ستدفعه من جراء تدهور أوضاعها الاقتصادية، بسبب المؤشرات المقلقة التي باتت تصدر تقييمات سلبية لوضعية الاقتصاد الإسرائيلي.