إسرائيل أكدته وفلسطين نفته.. تقرير: ماذا وراء إمداد رام الله بأسلحة أمريكية؟
– إسرائيل توكد إدخال مدرعات وأسلحة أمريكية للسلطة الفلسطينية من قاعدة تابعة للولايات المتحدة في الأردن.
– مسؤول فلسطيني: السلطة الوطنية لا يمكن أن تساوم على مواقفها السياسية مقابل حصولها على ما هو حق لها.
– خبراء يستبعدون أي صفقات سياسية محتملة وراء إدخال الأسلحة الأمريكية ويعتقدون أنها محاولة للحفاظ على كيان السلطة الفلسطينية.
في 12 من سبتمبر/ أيلول الجاري، تم الكشف عن إدخال مدرعات وأسلحة أمريكية للسلطة الفلسطينية من قاعدة تابعة للولايات المتحدة في الأردن، وذلك بموافقة إسرائيلية.
وبالرغم من نفي الجانب الفلسطيني لهذه الأخبار إلا أن إسرائيل أكدتها، بينما استبعد خبراء أن يكون للصفقة “أي بعد سياسي حقيقي، وأنها تنفيذ لاتفاقيات تضمن استمرار بقاء كيان السلطة الفلسطينية”.
تضارب الروايات
نفى متحدث الأجهزة الأمنية الفلسطينية طلال دويكات، في حديث للوكالة الفلسطينية الرسمية “وفا”، صحة الأنباء المتداولة عن تلك الأسلحة الأمريكية، بينما قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن السلطة الفلسطينية “تسلمت” عددا من المركبات (المدرعات) المحصنة من أجل استبدالها بمركبات محصنة قديمة.
وأوضح دويكات آنذاك أن “ترويج هذه الأخبار يأتي في سياق حملة التحريض ضد السلطة الوطنية وأجهزتها الأمنية، بالتزامن مع حملة التحريض ضد الرئيس محمود عباس”.
وأضاف: “من حق السلطة الوطنية الحصول على كل ما يلزمها من أجهزة ومعدات كي تمارس عملها الاعتيادي، حفاظا على أمن المواطنين وحماية لحقوقهم وسلمهم الأهلي”.
وأشار إلى أن السلطة الوطنية “لا يمكن أن تساوم على مواقفها السياسية مقابل حصولها على ما هو حق لها”، موضحا أن السلطة وأجهزتها الأمنية “ستستمر في بذل الجهود التي تمكنها من حماية مقدرات شعبها، وحماية المجتمع الفلسطيني من الفوضى والفلتان”.
بدوره أقر نتنياهو تسلم السلطة الفلسطينية عددا من المركبات (المدرعات) المحصنة من أجل استبدالها بمركبات محصنة قديمة، فيما نفى تسليم السلطة أي أسلحة حديثة أو معدات قتالية.
وأضاف: “ما فعلناه هو تنفيذ قرار اتخذ من قبل وزير الجيش بيني غانتس (في حكومة بينيت-لابيد) في كانون ثاني/يناير 2022، وتسليم عدد من المركبات المحصنة من أجل استبدالها بمركبات محصنة قديمة”.
وتابع: “هذا ما قمنا به، لا دروع ولا دبابات، ولا بنادق كلاشينكوف، ولا شيء، لذلك في بعض الأحيان لا تكون الأخبار الكاذبة محمية أيضا، ومن الجيد أن نكشف هذه الكذبة”.
تقوية أجهزة الأمن
ومن جهته، رأى الخبير السياسي الفلسطيني جهاد حرب أن الصفقة أو الدعم “يأتي لتقوية الأجهزة الأمنية في مواجهة التحديدات بالضفة الغربية”.
وقال: “”هناك أعداد كبيرة من المسلحين في الضفة، أغلبهم اليوم ليسوا من المقاتلين ضد الاحتلال الإسرائيلي بل هم نواة الفلتان الأمني في عدد من المناطق المختلفة”.
وأشار إلى أن سلاح الأمن الفلسطيني في غالبه يعود إلى الأعوام 1994، و2007، أي أنها أسلحة تقادمت وقدرتها على العمل ولم تعد فعالة.
وأوضح أن اتفاقيات السلطة الفلسطينية مع إسرائيل “تنص على تقديم مثل هذه الأسلحة، أي أنها جزء أساسي من المساعدات للأمن الفلسطيني”.
وفي السياق، لفت الخبير الفلسطيني إلى أنه “من الضروري وجود عربات مدرعة لدى الأمن الفلسطيني، في ظل انتشار أسلحة متعددة مع العائلات الفلسطينية والعشائر والمجموعات الخارجة عن القانون”.
لكنه في المقابل استبعد وجود أي “صفقة سياسية خلف تلك المساعدة”، في إشارة إلى الجهود الأمريكية لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية.
وأردف: “التطبيع الإسرائيلي – السعودي يمر بمراحل صعبة ويواجه عقبات عديدة”.
محاولة للحفاظ على وجود السلطة
وبدوره، قال مدير مركز “يبوس” للدراسات، سليمان بشارات، إنه عقب اتفاقية أوسلو، كان واضحا أن هناك توجه دولي تقوده الولايات المتحدة “للتحرر من العبء الإداري والخدماتي في القضية الفلسطينية، وكذلك العبء السياسي أمام العالم”.
أوضح، أن هذا التوجه “كان أحد محفزات إنشاء السلطة الفلسطينية ككيان يقوم بهذا الدور”.
وأضاف: “تقديم المساعدات المالية والأمنية بما فيها ما يتم الحديث عنه من صفقة سلاح، هو محاولة للحفاظ على وجود هذا الكيان الفلسطيني للاستمرار بوظيفته الإدارية الخدماتية وتحمله المسؤولية المباشرة عن ذلك”.
وأشار إلى أن تلك المساعدات “تأتي في ظل طبيعة التحولات الميدانية التي تجري بالضفة الغربية، وحالة عدم الاستقرار، وبداية ظهور حالة قوة موازية للقوة الأمنية الفلسطينية من هذه التشكيلات المسلحة”.
واعتبر بشارات أن التوترات الأمنية في الضفة “تزيد من مخاوف واشنطن وإسرائيل من تكرار نموذج قطاع غزة”، مشددا على أن هذا النموذج إذا ما حدث بالضفة “سيكون له ارتدادات أمنية كبيرة”.
وتابع:” باعتقادي هناك محاولة لتعزيز الأجهزة الأمنية الفلسطينية لمنع انتشار أو توسع نموذج المجموعات المسلحة بالضفة، ومن ثم تهديد وجود المؤسسة الأمنية الرسمية”.
ولم يستبعد بشارات أن يكون هذا الدعم “استجابة للمطالب السعودية بمنح للفلسطينيين مزيدا من الحقوق ودعائم إقامة دولة فلسطينية، من أجل البدء بعملية تطبيع مع إسرائيل”.
وبحسب إعلام أمريكي وعبري، تقود واشنطن محادثات بين الرياض وتل أبيب تأمل أن تفضي إلى تطبيع العلاقات بينهما.
وتزايد خلال الشهور الأخيرة، حديث مسؤولين إسرائيليين عن قرب تطبيع العلاقات مع السعودية، لكن الرياض أكدت في أكثر من مناسبة أن ذلك لن يحدث إلا بعد التوصل إلى حل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.