أخبار رئيسية إضافيةمقالات

مرّة هيك ومرة غير هيك.. ما هذا التناقض يا سعوديّون؟

الإعلامي أحمد حازم

الموقف السعودي تجاه إسرائيل مثير فعلًا للتساؤل والاستغراب: مرة يرفضون استقبال وفد إسرائيلي ومرة يستقبلون وفدًا آخر. لا أدري لماذا هذا التغير في الموقف، فهل هو مزاجي (ولا أعتقد ذلك) أم ناجم عن عوامل ومستجدات سياسية معينة.

القناة 13 الإسرائيلية، ذكرت أن السعودية رفضت منح تأشيرة دخول إلى أراضيها لكلّ من وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، ووزير التربية والتعليم يوآف كيش، للمشاركة في مؤتمر الـ “يونيسكو” في الرياض “لقاء لجنة التراث العالمي”. السعوديون لا يريدون مشاركة وفد رسمي إسرائيلي في مؤتمر دولي لكيلا يفهم ان القبول بالزيارة هي مقدمة للتطبيع. مشكورة السعودية على هذا التفكير.

إسرائيل بذلت كل جهدها من أجل ان يحصل الوزيران الإسرائيليان على دعوة للمشاركة في المؤتمر، لكن السعوديين، أصروا على عدم السماح للوزيرين بالمشاركة وعدم منح تأشيرتي دخول للأراضي السعودية. مشكورة السعودية على هذا الموقف.

ولكن، كيف كانت ردة الفعل لدى إسرائيل؟ من الطبيعي أن تلجأ إسرائيل الى الأم (أمريكا) التي نصحت “المدللة” إسرائيل بالتراجع فورًا عن طلب المشاركة في المؤتمر. كيف؟ أمريكا قالت للجهات الإسرائيلية المختصة ان تعلن عن انسحابها من المشاركة في المؤتمر وكما يبدو حفاظًا على ماء الوجه، بدلًا من “البهدلة” بعدم سماح السعودية بدخول الوزيرين.

أمريكا تجد دائما مبررات لأفعالها. وحسب القناة 13، الأمريكيون أبلغوا مسؤولين كبارًا في إسرائيل برفض فكرة المشاركة من أساسها. لماذا يا أمريكان؟ لأن واشنطن تعتقد بأن “دخول الوزراء الإسرائيليين إلى أراضي المملكة يدخلها في وضع معقّد بسبب التقدّم في الاتصالات بين إسرائيل والسعودية بشأن التطبيع، وهذا ليس التوقيت المناسب لزيارة الوزراء للسعودية وما زال الأمر مبكرًا”.

ولكن ما حصل هو العكس تماما. فقد وصل الوفد الاسرائيلي (بدون وزراء) الى الرياض الأحد، وكأن المشكلة في الوزيرين وليس بوفد رسمي. خداع في خداع.

هنا أريد أن أذكر السعوديين بحدث مماثل: السعودية وجهت دعوة لدبلوماسيين إسرائيليين لحضور حفل الترحيب بولي العهد السعودي محمد بن سلمان في باريس بمناسبة ترشيح السعودية لاستضافة مؤتمر إكسبو 2030. وفي اللحظات الأخيرة قامت السعودية بإلغاء الدعوة.

صحفي لبناني مقرب من الرياض، أكد لي أنَّ “إلغاء الدعوة للدبلوماسيين الإسرائيليين، يأتي للحساسية المفرطة عند السعوديين إزاء كل تحرك قد يعتقد بانه من أجل التطبيع، وأيضًا رسالة سعودية لإسرائيل مفادها رفض سياسة الحكومة الإسرائيلية بشأن القضية الفلسطينية والتصعيد في الضفة الغربية”. ما قاله الصحفي اللبناني لي مجرد كلام فارغ لا معنى له. لماذا؟ لأن السعوديين يتصرفون بوجهين: وجه معارض لاستقبال وفد رسمي ووجه مؤيد له.

قناة “I24NEWS” الإسرائيلية، قالت إن “وفدا إسرائيليا وصل السعودية مطلع أيلول/ سبتمبر الجاري، لحضور مؤتمر حكومي رسمي حول الأمن السيبراني”، ورأت القناة أن “العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل والسعودية، لم تعد حلما بعيد المنال، حيث أن حقبة جديدة في الشرق الأوسط قد تكون على الأبواب”.

التناقض واضح تماما في السلوك السياسي السعودي. فمرة يلغون زيارة وفد رسمي ومرة يرحبون بزيارة وفد آخر. والأمريكان ليسوا أفضل من الإسرائيليين، فهم أيضًا يعترضون على زيارة وفد إسرائيلي بحجة تعقيد عملية المفاوضات بشأن التطبيع بين البلدين والتي تقودها الولايات المتحدة ومرة تلتزم واشنطن الصمت لزيارة وفد آخر.

على كل حال، قبل التفكير في اتخاذ أي خطوة باتجاه التطبيع مع إسرائيل، على غرار اتفاقات ابراهام، ليقرأ السعوديون ما جاء في مقال المتخصص في الجغرافيا السياسية والإسلام السياسي في الشرق الأوسط جون هوفمان بمجلة “ناشونال إنترست” الأميركية في شهر أكتوبر/ تشرين أول العام الماضي: “رغم الإشادة الكبيرة بها، فإن اتفاقات أبراهام لا تعزز السلام، بل تمثل إضفاء الطابع الرسمي على نظام سياسي واقتصادي وأمني قسري، كما انها فُرضت من أعلى إلى أسفل لتهميش الفلسطينيين والرأي العام العربي من أجل الدفع باتجاه “تطبيع” رفيع المستوى، وتشكيل تحالف أكثر رسمية يمكن من خلاله للجهات الفاعلة الإقليمية الحفاظ على الوضع الراهن، ويمكن لواشنطن -على الأرجح- أن تعزز مصالحها”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى