حكومة اشتية تتجاهل مطالب المعلمين والأطباء والمستشفيات مهددة بالإغلاق يوم الأحد
واجه المعلم أحمد (اسم مستعار)، رسالة غير متوقعة مفادها “لا يوجد راتب” على شاشة ماكينة الصراف الآلي عندما حاول تحصيل راتبه الشهري قبل يومين.
وقد أثار هذا الحادث سلسلة من الأفكار في رأسه وتساءل أحمد عما إذا كانت هناك مشكلة في حسابه المصرفي، أو تأخير في تحويل الراتب، أو ما إذا كانت مشاركته في أنشطة احتجاجية سابقة، نظمها المعلمون للدفاع عن حقوقهم، قد أدت إلى تجميده من وزارة التربية والتعليم في حكومة اشتية.
ومع التعمق في الأمر، أصبح من الواضح أن راتبه قد حُجب فُجائيًا وبغير تبرير من الوزارة بسبب مشاركته الأخيرة في الاحتجاجات بالضفة الغربية.
وما زاد من غضبه أن وزارة التربية والتعليم استدعته لاجتماع مع لجنة تحقيق يوم الثلاثاء الماضي، والتي حققت في مطالبه والأيام التي قضاها في الاعتصامات. وقد اشتكى في حديثه لصحيفة “فلسطين” من أن اللجنة لم تتوصل بعد إلى أي قرار في هذا الشأن، ما أدى إلى إطالة أمد محنته.
وأفاد أحمد أنه مضرب عن العمل منذ بداية العام الدراسي الحالي بسبب نقله من إحدى المدارس في أحياء الخليل القريبة من مسكنه إلى منطقة بعيدة تشوبها اعتداءات متكررة من قوات الاحتلال.
وأكد المعلم، الذي يعاني أمراضًا مزمنة، أن قرار النقل كان انتقاميًا لمشاركته السابقة في الاحتجاجات إلى جانب زملائه المعلمين، وجميعهم موحدون في مطالبتهم بالمعاملة العادلة والحقوق التي تحاول الوزارة التهرب منها، كما قال.
وعد هذه الخطوة بمثابة تكتيك قسري لإجباره على قبول شروط غير عادلة.
وناشد هذا المعلم أصحاب القرار المختصين بالتدخل السريع، وشدد على الحاجة الملحة لمنع حكومة اشتية ووزارة التربية والتعليم من التعدي على حقوقهم.
وأول من أمس، نفذ المعلمون إضراباً واعتصاماً أمام مديريات التربية الرئيسية في الضفة الغربية تلبية لنداء “حراك المعلمين”. وقد تركزت شكواهم الأساسية حول تدني الرواتب والاحتجاج على تنصل الحكومة في الالتزام بالاتفاقية.
وفي أبريل من العام السابق، تم التوصل إلى اتفاق بين الحكومة وحراك المعلمين على تخصيص 10% من المكافأة المتفق عليها مبدئياً البالغة 15% ابتداءً من عام 2022 لإدراجها في موازنة 2023، على أن يتم التنفيذ في موعد أقصاه يناير/كانون الثاني 2024.
إضافة إلى ذلك، تم الاتفاق على تشكيل اتحاد ديمقراطي للمعلمين يكفل لهم حرية الترشح للانتخابات. كما نصت الاتفاقية على الإلغاء الفوري لكل الاستقطاعات والعقوبات المفروضة على من شاركوا في الاحتجاجات، مع الالتزام بعدم فرض عقوبات مستقبلية. إلا أن الوزارة لم تفِ بهذه الالتزامات.
وقف عن العمل
وأكد العضو في حراك المعلمين يوسف اجحا، أن وزارة التربية والتعليم قد أصدرت يوم الأربعاء الماضي قرارات بوقف عددًا من المعلمين عن العمل نتيجة مشاركتهم في الإضراب السابق.
وأشار اجحا لصحيفة إلى أنه تلقى قرارًا يقضي بتوقيفه عن العمل دون توضيح الأسباب في نص القرار. وعد هذه القرارات تعسفية وغير قانونية، مشيرًا إلى أن الجهة المخولة قانونيًا بإيقافهم عن العمل هي لجنة التحقيق التي لم تنه عملها بعد.
وأوضح أن سبب هذه القرارات هو مشاركة المعلمين في الإضراب الأخير للمطالبة بحقوقهم. وأشار إلى أن الحكومة أصدرت قرارات نقل تعسفية بحق عدد من المعلمين منذ بداية العام الدراسي، وأن تصاعد وتيرة الإجراءات التعسفية تزامن مع استقالة وزير التربية والتعليم مروان عورتاني. وعدّ أن رفضه للإجراءات العقابية بحق المعلمين كان أحد أسباب استقالته.
وأوضح أن الحكومة لم تنفذ أيًا من بنود الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع المعلمين، إضافة إلى تصاعد الإجراءات العقابية ضدهم وعدم استجابتها لمطالبهم المتعلقة بحقوقهم.
نقابة الأطباء
الوضع لا يختلف كثيرًا في أروقة نقابة الأطباء، إذ قررت تصعيد الاحتجاجات للمطالبة بتأمين الكوادر الطبية في المناطق التي تتعرض لاجتياحات دوريًا، ومحاسبة مسؤول في الوزارة قام بتشهير بالأطباء وتهديدهم.
وهدد العضو بمجلس نقابة الأطباء، رمزي أبو يمن، أنه في حال عدم استجابة حكومة اشتية لمطالبهم، فإنهم سيغلقون جميع المستشفيات وتسليم مفاتيحها يوم الأحد القادم.
وأكد أبو يمن، وهو نقيب أطباء محافظة قلقيلية، في تصريحات لصحيفة “فلسطين”، أهمية الوقوف إلى جانب الكوادر الطبية وتقدير الجهود التي يبذلونها لحماية المرضى والتخفيف من معاناتهم، وعدم التشهير بالأطباء أو تهديدهم، بل احترامهم ودعمهم في مهمتهم الإنسانية الرفيعة.
وقد أصدرت المحكمة الإدارية في رام الله أمس قراراً يقضي بوقف إضراب الأطباء في القطاع الصحي الحكومي، حسبما أفادت وزيرة الصحة في حكومة اشتية مي الكيلة.
كان مجلس نقابة الأطباء في الضفة الغربية اتخذ سلسلة من القرارات مساء الثلاثاء الماضي بهدف دفع الحكومة للاستجابة لمطالبهم. وكان من بين هذه القرارات إغلاق أقسام الطوارئ كاملةً يوم الأربعاء الماضي وعدم قبول حالات جديدة.
وأفاد المجلس في بيان أن هذا القرار يأتي كجزء من استمرار خطواتها الاحتجاجية ضد “تشهير” الوكيل المساعد في وزارة الصحة، أسامة النجار، ببعض أطباء الجراحة.
حقوق مشروعة
ودعا مدير مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية حلمي الأعرج، حكومة اشتية إلى الالتزام الصارم بالقانون الأساسي وضمان حقوق المواطنين والموظفين، بما في ذلك المعلمين والأطباء.
وأكد الأعرج، أهمية الحفاظ على حرية الرأي والتعبير، وضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين والموظفين، مشددًا على أن القانون يقف إلى جانب المعلمين والأطباء وحقهم في الاعتصام والمطالبة بحقوقهم.
وأشار إلى دعم المجتمع المدني لحقوق المعلمين والأطباء، وكذلك دعواتهم لحكومة اشتية بتلبية مطالبهم وتسديد مستحقاتهم، وعدم اتخاذ إجراءات ضدهم بسبب مشاركتهم في الاحتجاجات.
كما أكد حقهم في التظاهر بمشروعية وفقًا للقوانين المحلية.
وشدد الأعرج على ضرورة تنفيذ القرارات التي اتخذتها حكومة اشتية بخصوص حماية وتلبية احتياجات المعلمين والأطباء، ودعا إلى حل عادل ومنصف لتلك القضايا، مع ضمان استقرار العملية التعليمية والرعاية الصحية في البلاد.