آلة الهدم الإسرائيلي.. “كابوس” يلاحق أهالي بلدة يتما جنوب نابلس
لم يعلم المواطن محمد النجار أن منزله الجديد في بلدة يتما جنوب نابلس سيواجه مصير الهدم الإسرائيلي بعدما دفع من أجله عشرات آلاف الدولارات لإيواء عائلته.
ويستحضر النجار ذكريات التعب والشقاء والضيق المالي حتى حصل على منزله الذي شيَّده على أرض ورثها عن أجداده ووالده وتحديدًا قبل قدوم الاحتلال ومستوطنيه لأرض فلسطين.
وروى النجار، تفاصيل “الفاجعة الجديدة”، لافتًا إلى أن قوة إسرائيلية عسكرية قدمت للمنزل قبل أيام وقامت بتسليمه ورقة إخطار بالهدم.
وأشار إلى أن ورقة الإخطار التي أصدرتها القوة الإسرائيلية بحق منزلي والعديد من منازل البلدة جاءت بذريعة أن هذه المنازل تقع في منطقة “ج”.
وللنجار حكاية مؤلمة مع بناء هذا المنزل، كما يروي، فمكث أكثر من 15 عامًا في منزل بالإيجار حتى جمع آلاف الدولارات والتوقيع على “شيكا مالية” من أجل بناء المنزل الذي سكنه مطلع العام الجاري.
ويتساءل: “نملك الأرض أبًا عن جد وعشنا طوال حياتنا نبني ونزرع ونحصد دون أن يتعرَّض لنا أحد .. واليوم يأتي الدخلاء وخفافيش الليل حتى يكدروا علينا صفو حياتنا”.
وأكد النجار أن إخطارات الهدم للمنشآت السكنية والتجارية في محافظات الضفة الغربية المحتلة في تصاعد منذ تشكيل حكومة اليمين المتطرفة برئاسة بنيامين نتنياهو.
ولا يختلف الحال كثيرًا عند الشاب محمد صنوبر الذي وصف إخطار الهدم بحق منزله بـ”الصاعقة” التي وقعت عليه.
وأشار صنوبر إلى أنه يعمل منذ سنوات داخل الأراضي المحتلة عام 48 من أجل بناء المنزل قبل إتمام مراسم الزفاف، وقال: “اليوم بعد أن وصلت للنهاية أجد حلمي ينهار أمامي”.
وأضاف: “هذه قمة الظلم والاستعباد والقهر، فمن هم هؤلاء حتى يمنعوننا من البناء في أرضنا؟”، متسائلًا في الوقت ذاته عن دور السلطة ومؤسساتها “التي تتغنَّى بإنجازاتها أمام جرائم الاحتلال المتصاعدة”.
وبحسب رئيس المجلس القروي في يتما أحمد صنوبر فإن سلطات الاحتلال أخطرت بتاريخ 6 أغسطس الجاري 13 منزلًا بالهدم ومنشأتين لتربية الحيوانات وسور زراعي.
وذكر صنوبر، أن البلدة وعلى مدار خمس سنوات سابقة تسلَّمت أكثر من 60 أمرًا وإخطارًا بالهدم ومنع البناء نفذ أحدها في عام 2022م.
وأوضح أن الاحتلال يمنع البناء في البلدة رغم وجود اتفاقيات مسبقة مع السلطة تسمح بذلك، لافتًا إلى أنه في حال تقدَّم أحد المواطنين بطلب بناء فإنه يماطل بشكل كبير قبل منحه الرخصة لذلك.
وبيَّن أنه وبحسب المخطط الهيكلي المرسوم للبناء في البلدة فإن الاحتلال لا يسمح بالبناء سوى بربع المساحة المقرَّرة فقط.
وأكد أن إجراءات الاحتلال من شأنها منع تمدّد قرى وبلدات الضفة وبقاء السيطرة على أراضيهم لصالح المشاريع الاستيطانية.
وانتقد صنوبر غياب الدعم الرسمي للبلدة وتعزيز صمود المواطنين فيها وكذلك غياب أي دعم أو تعويض مالي للمنازل أو الممتلكات التي تعرَّضت للهدم أو المصادرة.
من جهته، عدَّ مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة غسان دغلس أن ما يحدث في بلدة يتما، ينطبق فعليًا على جميع القرى والبلدات الفلسطينية في محاولة إسرائيلية لتطبيق “خطة الضم”.
وأشار دغلس إلى أن حكومة الاحتلال تواصل “خطة الضم” تحت عدَّة مسمَّيات، متوقعًا أن تشهد الفترة المقبلة تصاعدًا في عمليات الهدم ومنع البناء للمواطنين الفلسطينيين.
وتواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي محاربة الوجود الفلسطيني في المناطق (ج) في الضفة الغربية المحتلة، وذلك عبر خطة عمل تقضي بمضاعفة الميزانيات الهادفة إلى مراقبة البناء والتوسع الفلسطيني في المناطق (ج).
وأفادت صحيفة “هآرتس” العبرية بأن وزارة الاستيطان خصَّصت مؤخرًا، ميزانية بقيمة 40 مليون شيقل لمجالس المستوطنات المحلية والإقليمية مقابل نحو 20 مليونًا كانت مخصصة لذلك في الماضي.
يُذكر أنه في السنوات الأخيرة تعمل وتنشط في مستوطنات الضفة ما يسمَّى “دوريات الأراضي” التي تراقب البناء والزراعة الفلسطينية، إذ تقدم هذه الدوريات تقاريرها إلى “الإدارة المدنية” وسلطات جيش الاحتلال من أجل إصدار إخطارات بالهدم ووقف العمل والبناء للفلسطينيين.