توتر الحدود.. هل يشعل حربا بين “حزب الله” وإسرائيل؟
– شهدت الحدود الجنوبية اللبنانية توترا أمنيا في الآونة الأخيرة، بسبب محاولات القوات الإسرائيلية تجريف أراض وإنشاء جدار إسمنتي بالمنطقة، وهو ما يرفضه الجانب اللبناني.
– أعربت قوات “يونيفيل” عن قلقها إزاء “سلسلة من الحوادث على طول الخط الأزرق بين لبنان وإسرائيل في الأشهر الأخيرة والتي أدت إلى زيادة التوتر”.
– استبعد مسؤول حكومي ومحللا سياسيا اندلاع اشتباك أو عملية عسكرية بين جماعة “حزب الله” وإسرائيل
رغم حالة التوتر التي تشهدها الحدود الجنوبية اللبنانية منذ عدة أسابيع، إلا أن مسؤولا حكوميا ومحللا سياسيا استبعدا اندلاع اشتباك أو عملية عسكرية بين جماعة “حزب الله” وإسرائيل.
وعدّ الطرفان، في حوارين منفصلين مع مراسل الأناضول، التهديدات المتبادلة بين إسرائيل و”حزب الله”، “تراشقا إعلاميا لن يرق لمستوى جديد يتطلب وضعا أمنيا خاصا”.
وبعد تكرر المناوشات مع الحزب اللبناني على الحدود خلال الأسابيع الماضية، توعد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بإعادة لبنان إلى العصر الحجري في أي حرب تدخلها مع حزب الله.
فيما رد أمين عام جماعة “حزب الله” حسن نصر الله، قائلا: “إذا ذهبتم (إسرائيل) إلى الحرب مع لبنان أنتم ستعودون إلى العصر الحجري”.
وعلى مسافة أيام من اجتماع مجلس الأمن الدولي للبحث في التجديد لقوات الطوارئ الدولية المؤقتة العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل) التي تنتهي ولايتها في 31 أغسطس/ آب الجاري، تزداد المناوشات بين لبنان وإسرائيل.
وكان الجيش اللبناني قد أعلن في 8 أغسطس الجاري، خلال جولة على الحدود برفقة الأناضول، أن بلاده “لا تعترف بالخط الأزرق الموجود داخل مزارع شبعا المحتلة إسرائيليا” الذي سبق أن حددته الأمم المتحدة جنوب البلاد.
ومنذ منتصف تموز الماضي، شهدت المنطقة الحدودية بين لبنان وإسرائيل توترا أمنيا، بسبب محاولات القوات الإسرائيلية تجريف أراض وإنشاء جدار إسمنتي في المنطقة، وهو ما يرفضه الجانب اللبناني، لكون المنطقة تحتلها إسرائيل ترافق ذلك مع إطلاق صواريخ من جهة مجهولة إلى إسرائيل.
وفي 11 يوليو/ تموز الماضي، قدم لبنان شكوى رسمية لدى الأمم المتحدة ضد إسرائيل على خلفية “تكريس” احتلالها للجزء اللبناني من بلدة “الغجر” الحدودية.
والأربعاء، أعربت قوات حفظ السلام الأممية في لبنان “يونيفيل”، عن قلقها إزاء “سلسلة من الحوادث على طول الخط الأزرق بين لبنان وإسرائيل في الأشهر الأخيرة والتي أدت إلى زيادة التوتر”.
وتأتي حالة التوتر هذه في ظل تطورات أمنية داخلية كان أبرزها اشتباك مخيم “عين الحلوة” ومقتل مسؤول في حزب “القوات” اللبنانية، الأمر الذي يفاقم من الأوضاع الصعبة التي تعيشها البلاد جراء الأزمات الاقتصادية والسياسية.
اشتباك مستبعد
وفي تعليقه على الأحداث الأخيرة في الجنوب، استبعد وزير الأشغال العامة والنقل اللبناني علي حمية، “حصول أي تطور أمني على الحدود الجنوبية”.
وقال حمية في تصريح للأناضول: “الحكومة تحضر ملفا إنمائيا للمناطق الحدودية الواقعة بموازاة خط الانسحاب (الخط الأزرق) لأن سكانها لبنانيون ويجب على الدولة اللبنانية الاهتمام بهم”.
من جهته، قال الباحث في الشؤون الأمنية والسياسية خالد حمادة، إن كل ما يحصل على الحدود الجنوبية من مناوشات “لن يؤدي إلى التصعيد أو يجر باتجاه عمليات عسكرية تفجر الصراع بين إسرائيل وحزب الله”.
وأضاف: “الوضع على الحدود الجنوبية ملائم تماما لإسرائيل وحزب الله والدليل على ذلك أن كل ما أثاره الإسرائيلي حول موضوع الخيمتين التابعتين لحزب الله في مزارع شبعا انتهت إلى نزع الحزب لإحداها وإفراغ الخيمة الأخرى من المسلحين”.
تراشق إعلامي
ويرى حمادة أن التهديدات المتبادلة بين حزب الله وإسرائيل تأتي في إطار “التراشق الإعلامي الذي يستفيد منه الطرفين”.
وقال عن ذلك: “هذا التراشق لشد العصب ولا يرقى إلى مستوى أخذ الوضع الأمني إلى وضعية جديد”.
ويعتقد أن “احتمال حصول عملية عسكرية في الجنوب يبقى قراره لدى واشنطن أو طهران، وليس عند حزب الله أو تل أبيب”.
وأضاف: “اندلاع أي عملية عسكرية في الجنوب ستكون لحسابات إقليمية أو لإعادة ترتيب الأوضاع ورسم خريطة نفوذ جديدة يريدها الأميركي كجزء من المشهد في الشرق الأوسط”.
كما اعتبر خطابات التهديد نوعا من “الشكليات والمعادلات المتفق عليها وخاصة أنه منذ عام 2006 حتى اليوم، لم تحصل عملية جدية، لافتا إلى أن “نتائج حرب 2006 كانت في صالح كل من حزب الله وإسرائيل”.
وتابع: “إسرائيل اكتسبت الأمن على الحدود الشمالية بضمانة دولية، وحزب الله استثمر في الهدوء على الحدود وتفرغ لترتيب نفوذه في الداخل اللبناني”.
واستبعد حمادة ربط تلك الأحداث بالتجديد لليونيفيل أواخر الشهر الحالي، فيما أشار إلى علاقتها “بترتيبات دولية لإعادة رسم خرائط النفوذ في ظل التحولات الحاصلة في الشرق الأوسط”.
التوترات الداخلية
وعن التوترات الأمنية الداخلية، قال المحلل السياسي غسان ريفي إن هذه “الأحداث تعدّ نتيجة لانهيار الدولة بشكل كامل وخاصة أن لبنان يعاني منذ سنة تقريبا من شغور في سدة الرئاسة”.
وأضاف ريفي، إن “الأحداث الداخلية التي ازدادت في الفترة الأخيرة من اشتباكات مخيم عين الحلوة إلى مقتل مسؤول في حزب القوات اللبنانية إلى حادثة الكحالة كلها تشكل ضغطا على حزب الله واستهدافه داخليا”.
وفيما يتعلق بسلاح “حزب الله”، قال ريفي إنه “مشرع من قبل الدولة اللبنانية ومن حقه نقل السلاح وحمله بحسب الضرورات الأمنية وخاصة أنه جاء بعد التهديد الإسرائيلي على لسان وزير دفاعه”.
وفي 29 يوليو/ تموز الماضي، اندلعت اشتباكات في مخيم عين الحلوة استمرت عدة أيام بين مسلحين من فصائل إسلامية وقوات الأمن التابعة لحركة “فتح”، قبل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار تشرف على تنفيذه لجنة “هيئة العمل الفلسطيني المشترك”.
وأسفرت الاشتباكات عن 14 قتيلا وأكثر من 60 جريحا في المخيم الذي تأسس عام 1948، وهو أكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين في لبنان، إذ يضم حوالي 50 ألف لاجئ مسجل بحسب الأمم المتحدة، بينما تفيد تقديرات غير رسمية بأن عدد سكانه يتجاوز 70 ألفا.
وفي 2 أغسطس الجاري، توفي إلياس الحصروني (71 عاما)، وهو مسؤول سابق في حزب “القوات”، في حادث سير في منطقة بعيدة عن منازل بلدة عين إبل ذات الأغلبية المسيحية، وتبين لاحقا أنه “خُطف وقُتل”، بحسب عائلته.
فيما اندلعت اشتباكات على طريق بلدة الكحالة، وفي 9 أغسطس، عقب انقلاب شاحنة تابعة لـ”حزب الله” تحمل ذخيرة، ما أسفر عن سقوط قتيلين، أحدهما عضو في “حزب الله”، والثاني مواطن مسيحي.
وإلى جانب هذه التوترات الأمنية، يعاني لبنان من أزمة سياسية بسبب فشل البرلمان اللبناني منذ سنة في انتخاب رئيس للبلاد، فضلا عن أزمة اقتصادية تفاقمت منذ 2019 تعدّ الأسوأ في تاريخه، وقد صنفها البنك الدولي بأنها واحدة من بين أشد 3 أزمات عرفها العالم، حيث أدت إلى انهيار مالي غير مسبوق وتدهور الأوضاع المعيشية.