تقرير: “شبهات فساد” تحيط بمشروع صوامع القمح في الضفة
تساءل نشطاء عن سبب رفض حكومة محمد اشتية في رام الله الإفصاح عن تفاصيل مشروع إنشاء صوامع القمح، بما في ذلك أسماء الشركات المشاركة، ما يعزز من مخاوف وجود ممارسات فساد تهدد شفافية تنفيذ المشروع واستغلال الموارد العامة.
وقبل أيام وقعت حكومة اشتية اتفاقية مع القطاع الخاص لبناء أول صوامع تخزين للقمح في الضفة الغربية، وذلك في إطار مشروع يهدف إلى توفير بنية تحتية لتخزين القمح بسعة تصل إلى 80 ألف طن في محافظتي رام الله والخليل في مرحلة أولى تمتد لعامين.
ويؤكد النشطاء أن رفض الحكومة الإفصاح عن المعلومات الخاصة بالمشروع يؤشر بما لا يدع مجالًا للشك أن هناك شبهات فساد تُحيط بالمشروع قبل البدء بتنفيذه.
اختلاس وفساد
وتوقف الباحث في قضايا الحكم والسياسة جهاد حرب، عند توقيع حكومة اشتية اتفاقية المشروع قائلا: “لم يُفصح عن المالك الحقيقي للشركة التي رسا عليها العطاء”.
وشدد حرب على أنه “من الضروري جدًّا الكشف عن هوية الشركات المشاركة في هذا المشروع ومالكيها، فهذا أمر مهم للجمهور وللشفافية العامة”.
وقال: “نحن نتحدث هنا عن شركات ستحظى بامتيازات وفرص تجارية مهمة، لذا فالوضوح والشفافية يعدان عاملان حاسمان لتجنب أي اتهامات بغسل الأموال والتشكيك في نوايا المشروع”.
وأكد أن عدم الكشف عن تلك المعلومات يمكن أن يؤدي إلى مخاطر تتعلق بتضارب المصالح.
وأعرب الناشط ضد الفساد صهيب زاهدة، عن استيائه لعدم الكشف عن تفاصيل مشروع معين وشركات العطاءات المشاركة فيه، ووصف هذا السلوك بأنه “اختلاس وفساد”.
وأوضح زاهدة في مقابلة مع صحيفة فلسطين أن القانون الفلسطيني يكفل للمواطنين حق الوصول إلى معلومات المشاريع الحكومية، وشدد على أن هذه الخطوة من الحكومة تعكس وجود مصالح مشبوهة وراء هذا الإخفاء، وربط هذا التصرف بأن الشركات المستفيدة تعود ملكيتها لأشخاص مرتبطين بالسلطة.
وأشار إلى أن هناك معلومات تشير إلى أن شركة المقاولات التابعة لـ”طارق عباس”، نجل رئيس السلطة محمود عباس، ربما تكون من بين الشركات المشاركة في هذا المشروع، ما يثير تساؤلات حول نزاهة عملية منح العطاءات.
وأبدى زاهدة استياءه من أن الجهود لا تتجه نحو مشاريع أكثر أهمية في الوقت الحالي، مثل بناء مستشفى الحسن لعلاج السرطان.
وأكد أن هناك مجموعة من الأشخاص ذوي النفوذ يسيطرون على السلطة، يمتلكون ثروات وشركات، ويمارسون سيطرة على تدفق المعلومات المالية المتعلقة بمكتب رئيس السلطة، رغم وجود تشريع يجبرهم على الكشف عن هذه المعلومات.
وعد الناشط السياسي وعضو جمعية “يدًا بيد” لمكافحة الفساد سابقًا د. علي أبو زنيد، الطريقة التي بُدء بها المشروع تفتقر إلى الشفافية وتثير شبهات الفساد، وتشير إلى وجود تلاعب وتورط بعض المتنفذين في السلطة في هذا المشروع.
وأبدى أبو زنيد قلقه، من أن سلوك الحكومة في إطلاق المشاريع بهذه الطريقة يؤدي إلى تقويض الانتماء الوطني للمواطن، ويقوض ثقته في الحكومة.
وأشار إلى أن هذا النهج يتعارض مع القانون الفلسطيني الذي يضمن حق المواطن في الوصول إلى المعلومات.
وأوضح أبو زنيد أن تاريخ السلطة السابق في مجال الفساد عند إطلاق المشاريع يزيد من الشكوك بين المواطنين، ورأى أن عدم الشفافية وعدم الإفصاح عن المعلومات يؤكد وجود غموض يحيط بالمشروع.
وتساءل: هل هناك ضرورة عاجلة لإقامة مشروع صوامع القمح؟ ولماذا لم توضح أهميته وتفاصيله للمواطنين؟
في السياق، أعرب مدير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في جنوب الضفة الغربية، المحامي فريد الأطرش، عن رفضه عدم الكشف عن أسماء الشركات المشاركة في المشروع، مشددًا على أن هذا التصرف يعد مخالفًا للقانون وقد يشير إلى وجود شبهة فساد.
ونبه الأطرش، إلى أن هذه المعلومات ليست سرية ويجب أن يكشف عنها، إذ يمتلك المواطنون حق الوصول إلى معلومات حول المشاريع التي تنفذها الحكومة.
تجدر الإشارة إلى أن بعض المؤسسات والمناصب الحكومية شهدت شهدت مؤخرًا حالات توظيف لأقارب وأبناء كبار المسؤولين في السلطة، ومن بين الأمثلة على ذلك تعيين ابن مستشار رئيس السلطة للشؤون الدينية، وتعيين أقارب آخرين في مؤسسات حكومية بارزة، ما أثار مخاوف من انعدام الشفافية والتعارض في المصالح.