سياسة التضييق.. السلطة تحوّل أزمات غزة إلى أدوات لتحقيق أجندتها
لم يرق للسلطة في رام الله المساعدة القطرية المقدمة لتشغيل المولد الرابع في محطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة، فسارعت إلى إرسال مذكرة احتجاج إلى الدوحة، في إطار سياستها التضييقية على القطاع.
وبحسب مصادر في السلطة، فإن رئيس حكومة رام الله محمد اشتية أرسل خطابًا شديد اللهجة لدولة قطر أعرب فيه عن استياء السـلطة الفلسـطينية من تقديم قطر مبالغ مالية لحل أزمة الكهرباء.
وأضاف اشتية في رسالته: “هذا مزعج وتجاوز لوجود السلطة كونها الممثل الشرعي للفلسطينيين، وهذا يمكن أن ينعكس على علاقة الســلطة بقطر”، وفق تعبيره.
ويبدو أن حكومة اشتية تسعى برسالتها إلى دولة قطر إلى تشديد الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة، واستخدام الأزمات الحياتية كأداة لتحقيق أهداف سياسية، وفق ما يقول مراقبون.
خارج السياق الوطني
ورأى الكاتب والمحلل السياسي تيسير محيسن أن السلطة تظهر بشكل مستمر موقفها الحقيقي تجاه قطاع غزة بأنها تعتبره “خارج الولاية السياسية لها”.
وقال محيسن: إن السلطة لن تتراجع عن موقفها الرافض للسياقات الحاصلة في واقع قطاع غزة، وهو ما ينعكس على جوانب العلاقة المؤسساتية وسبل الدعم المقدم لفلسطين عامة، حيث تتلقى السلطة دعمًا من جهات مختلفة ويفترض أن يوزع هذا الدعم على كل أبناء الشعب الفلسطيني.
وأشار إلى أن السلطة أوقفت أكثر من مشروع كاد أن يخفف من معاناة سكان قطاع غزة، من جراء أزمة الكهرباء المتفاقمة، بزعم أنها المسؤولة عن ذلك، بهدف تحقيق أهداف سياسية وأمنية.
وأوضح أن رسالة الاحتجاج التي أرسلتها حكومة اشتية لدولة قطر بسبب توفير تمويل لتشغيل المولد الرابع، تعكس مواقف السلطة الخارجة عن السياق الوطني والإنساني، وهي تنفي ادعاءات السلطة أنها حامية للشعب الفلسطيني وتعمل من أجل راحته.
عرقلة مشاريع
ولفت محيسن إلى أن السلطة معنية باستمرار أزمة الكهرباء في قطاع غزة بعرقلة المشاريع التي تصل القطاع، من أجل زيادة الضغط على السكان، والحصول على مكاسب سياسية على طاولات حوار المصالحة.
من جهته، يعتقد الكاتب والمحلل السياسي ياسين عز الدين أن سياسة السلطة تتكامل مع سياسات الاحتلال ومخططاته تجاه قطاع غزة.
وقال عز الدين: إن الاحتلال يفضل أن يدفع السلطة في الواجهة لتقوم بـ”العمل القذر” نيابةً عنه، بهدف إبقاء غزة “فزاعة” يخيفون بها الناس في الضفة الغربية المحتلة، وأنه إذا تمردتم على السلطة فهذا ما سيحصل لكم.
وأضاف أن وجود حياة محترمة في غزة واقتصاد مزدهر سيكون دعمًا معنويًا كبيرًا لمشروع المقاومة، وستصبح غزة نموذجًا ملهمًا للفلسطينيين في الضفة الغربية والداخل المحتل، إضافة للدول العربية.
ولفت إلى أن السلطة ودولة الاحتلال تسعيان لاستمرار التضييق على قطاع غزة، بهدف إقناع الشارع أن المقاومة ليست ذات جدوى، وتجلب الأزمات لهم.