أحكام إعدام بالجملة.. ماذا يريد السيسي من الإخوان؟
في أقل من أسبوع؛ أصدرت محكمتان مصريتان أحكاما بالإعدام طالت 25 من معارضي رئيس الانقلاب في مصر عبد الفتاح السيسي، في قضيتين عرفت الأولي بخلية أوسيم وحكم فيها على أربعة بالإعدام، والثانية خلية دمياط التي شهدت 21 حكما بالإعدام، والرابط المشترك بينهما أنها أحكام صدرت من محاكم جنائية عادية وليست عسكرية.
وتأتي هذه الأحكام بالتزامن مع تصعيد الحملة ضد رئيس حزب مصر القوية ونائبه وآخرين، ثم تجميد الحزب، والتحفظ على ممتلكاته وممتلكات رئيسه وأسرته، وأخيرا وضعهم ضمن قائمة الكيانات الإرهابية سواء جماعات أم أفرادا.
في اتجاه آخر، بدأ جهاز الأمن الوطني حملات استدعاء لعدد من الصحفيين والسياسيين وتوجيه تحذيرات مبطنة بتخفيف حدة الانتقاد لرئيس الانقلاب وسياساته، كما حدث مع الصحفي المعارض محمد منير الذي نشر تفاصيل الاستدعاء الذي جرى معه صباح الخميس بصفحته على الفيسبوك.
من جانبه أكد عضو البرلمان المصري والقيادي بجماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمد جمال حشمت لـ “عربي21″، أن نظام الانقلاب يسير في اتجاه الاستئصال، سواء باستخدام القانون من خلال مثل هذه الأحكام المسيسة التي تصدرها دوائر محددة، يتم اختيار قضاتها بموافقة الجهات الأمنية، أو من خلال عمليات القتل خارج نطاق القانون، الذي ترجمته عمليات التصفيات الجسدية التي جرت خلال العامين الماضيين.
وأضاف حشمت الذي تم إدراجه مؤخرا ضمن قوائم الكيانات الإرهابية مع الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، أن السيسي لديه ضوء أخضر من المجتمع الدولي بعدم إزعاجه فيما يمارسه من تصفيات أو انتهاكات في حق المعارضين، طالما أنه دفع المقابل المطلوب منه، ولعل التصعيد ضد المعارضة بمختلف أطيافها، التي طالت أيضا من شاركوه في الانقلاب ثم انقلبوا عليه، أو قياداته في المؤسسة العسكرية، وتزامن ذلك مع ما يجري في سيناء، وصفقة الغاز مع إسرائيل، الأمر الذي يعني أن السيسي يسير في اتجاه اللا عودة واللا وطن.
وقال حشمت إن فكرة مساومة الإخوان بمن في السجون، أو بمثل هذه الأحكام، لن تفلح في محاولات الاعتراف بالانقلاب ومنحه الشرعية التي اغتصبها، خاصة أن السيسي في حد ذاته جزء أساسي من الأزمة، ولن يكون بأية حال شريكا في الحل.
ويستدل حشمت على دموية النظام المصري بأنه في أربع سنوات ارتفع عدد السجون العمومية و”الليمانات” و”المشددة” من 40 إلي 63 سجنا، إضافة إلى ما يقرب من 320 مركز احتجاز مركزي تم بناء أغلبها بعد الانقلاب، وهي أعداد تفوق حجم المستشفيات والمدارس والجامعات التي تم بناؤها مجتمعة خلال الفترة نفسها.
ويضيف الباحث السياسي الدكتور أسامة أمجد أن ما تم تسريبه من أخبار عن وجود اتصالات بين نظام السيسي والإخوان، كان أقرب لعمليات جس النبض، سواء من الإخوان أو من الأطراف المشاركة في الحكم بمختلف مؤسسات الدولة.
وأوضح أن الإخوان أعلنوا موقفهم الرافض لذلك، وأكدوا أن أيا مما نشر ليس له أساس من الصحة، فالسيسي يلعب بورقة أخرى، وهي التوسع في عمليات الإعدام، ليكون عدد الذين صدر بحقهم هذه الأحكام، الذي يرتفع بشكل مخيف كل يوم، ورقة ضغط في يد نظام السيسي إذا أقدم على مفاوضات من أجل المصالحة.
ويشير أمجد إلى أن أحد أهداف التوسع في هذه الأحكام هو إرهاب باقي قوى المعارضة سواء الإخوان أو غيرهم، خاصة أن دعوات مقاطعة الانتخابات من قوى المعارضة وما تنشره وسائل الإعلام العالمية من وجود أزمة سياسية خانقة في مصر، يمكن أن تعيد مشاهد ثورة كانون الثاني/ يناير مرة أخرى.
ولذلك عمل بمبدأ “اضرب المربوط يخاف السايب”، أي إنه يمارس الإرهاب ضد معارضيه في كل الاتجاهات بحسب أمجد.
ويؤكد الباحث السياسي أن السيسي لديه مخطط يعمل من خلاله، ويمكن تعديله أو تغييره حسب الأجواء والضغوط الدولية، ولكنه في النهاية يسير في اتجاه الإجهاز على المعارضة بأشكالها كافة، سواء العدوة منها أو الصديقة، وفي القلب منها الإخوان المسلمون، ومقابل ذلك ليس لديه مشكلة في توسيع دائرة التصفيات لإرضاء العديد من الجهات التي لا تريد أي وجود للإخوان أو التيار الإسلامي.
ويشير إلى أن دوائر الإرهاب التي تم تشكيلها لديها سيولة غير طبيعية في إصدار أحكام الإعدام وهو ما يخالف المواثيق الدولية، خاصة أن هناك قضاة يتسابقون في إصدار أحكام الإعدام مثل ناجي شحاتة، وشعبان الشامي، ومحمد شرين فهمي، وأخيرا شبيب الضمراني الذي أصدر أمس الخميس حكما بإعدام 21 معارضا فيما يعرف بقضية خلية دمياط.
المصدر: عربي 21