تصاعد الأزمة: “نتنياهو لا يقيّم الضغوط الأميركية بشكل صحيح”
قال وزير إسرائيلي من حزب الليكود خلال اجتماع مغلق، أمس، إن “الإدارة الأميركية تتصرف تجاه نتنياهو بصورة غير نزيهة ومهينة. وليس من كرامة نتنياهو أن يستجدي لقاء (مع بايدن). وهذا وضع صعب وإشكالي”، وفق ما نقل عنه موقع “واينت” الإلكتروني اليوم، الخميس.
ووصف وزراء إسرائيليون آخرون تعامل إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، تجاه الحكومة الإسرائيلية بأنه “أشد حتى من تعامل إدارة (الرئيس الأسبق باراك) أوباما”.
كذلك اعتبر قسم من الوزراء أنه كان يتعين على الرئيس الإسرائيلي، يتسحاق هرتسوغ، أن يرفض دعوته إلى البيت الأبيض. إلا أن مصادر مقربة من هرتسوغ أفادت بأن الزيارة منسقة مع نتنياهو.
ويتوقع أن يصل هرتسوغ إلى واشنطن يوم الثلاثاء المقبل. وسيلتقي مع بايدن في البيت الأبيض في اليوم نفسه. وسيلتقي هرتسوغ لاحقا مع نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، ووزير الخارجية، أنتوني بلينكن، وكذلك مع مستشار الأمن القومي، جيك سوليفان. وسيلقي هرتسوغ في اليوم التالي خطابا أمام أعضاء مجلسي الكونغرس.
وسيسعى بايدن، حسب “واينت”، إلى استقبال حار لهرتسوغ، بحيث يظهر فرقا بين دعمه لإسرائيل وبين حكومة نتنياهو، التي وصفها هذا الأسبوع بأنها “الأكثر تطرفا منذ غولدا مئير”. وهذه ستكون ثاني زيارة لهرتسوغ إلى واشنطن خلال أقل من سنة، بينما يرفض بايدن دعوة نتنياهو إلى البيت الأبيض منذ عودته إلى منصب رئاسة الحكومة، في نهاية العام الماضي.
ويسود توتر في العلاقات بين إدارة بايدن وحكومة نتنياهو بسبب تركيبة الحكومة اليمينية المتطرفة، وخصوصا بسبب عضوية اليمين المتطرف العنصري، المتمثل ببتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، وأيضا على خلفية خطة “الإصلاح القضائي” لإضعاف جهاز القضاء. وأفاد الكاتب في صحيفة “نيويورك تايمز”، توماس فريدمان، أمس، بأنه على خلفية العلاقة المتوترة، تُجري إدارة بايدن “إعادة تقييم” للعلاقات مع حكومة نتنياهو، لكنها لا تشمل العلاقات الأمنية.
ولفت “واينت” إلى أن “إعادة تقييم” العلاقات أجرتها عدة إدارات أميركية في الماضي. فقد تم إجراء “إعادة تقييم” علاقات في المرة الأولى في العامين 1974 و1975، بمبادرة وزير الخارجية، هنري كيسنجر، على خلفية غضب الولايات المتحدة إثر رفض رئيس الحكومة الإسرائيلية، يتسحاق رابين، الاستجابة لمطلبها بالدخول إلى مفاوضات حول اتفاق مرحلي بين إسرائيل ومصر.
وفي العام 2015، أبلغ أوباما نتنياهو بأنه يجري إعادة تقييم للعلاقات في أعقاب حملة نتنياهو الانتخابية حينها ضد قيام دولة فلسطينية وإطلاق تصريحات عنصرية ضد المواطنين العرب في إسرائيل. كما أجرى الرئيس الأميركي، رونالد ريغن، إعادة تقييم علاقات مقابل حكومة مناحيم بيغن، وجورج بوش الأب مقابل حكومة يتسحاق شمير، وجورج بوش الابن مقابل حكومة أريئيل شارون.
إرهاب المستوطنين
ورغم نفي مصادر أميركية وإسرائيلية قيام إدارة بايدن بإعادة تقييم العلاقات مع حكومة نتنياهو، إلا أن الخبير في الشؤون الأميركية والمحاضر في جامعة بار إيلان والباحث في “معهد القدس للإستراتيجية والأمن”، بروفيسور إيتان غلبواع، رأى في مقال نشره في صحيفة “يسرائيل هيوم” اليمينية، اليوم، أن نتنياهو “لا يقيّم الضغوط الأميركية بشكل صحيح”.
وأضاف غلبواع أن “الأزمة بين الولايات المتحدة وإسرائيل تتفاقم، وتتزايد التقديرات في واشنطن أنه ينبغي إنقاذ إسرائيل من نفسها. وهذا تدخل أميركي في شؤون داخلية إسرائيلية، وهو ظاهرة غير مألوفة لكنها ليست جديدة”.
وأشار إلى أن “التخوف الأميركي ليس حيال التعديلات القانونية فقط، وإنما (بسبب) التعامل مع الفلسطينيين والعنف في يهودا والسامرة. بل أن الأميركيين قلقون من أن الخلافات الداخلية في البلاد تلحق ضررا بالردع الإسرائيلي ضد الأعداء في المنطقة وإيران خصوصا”.
وتابع أنه يوجد غضب في الإدارة الأميركية تجاه إسرائيل، “وتعتقد إدارة بايدن أنه مسموح لها مطالبة إسرائيل بأن تأخذ إسرائيل بالحسبان مواقفها بشكل أكبر. وهم غاضبون من تصريحات وزراء وأعضاء كنيست في الائتلاف، التي تستهدف الرئيس ونائبته ووزراءه بأنهم لا يدركون ما يحدث هنا”.
ورأى غلبواع أن اعتقاد نتنياهو أن الولايات المتحدة لن تشدد ضغوطها على إسرائيل، بسبب انتخابات الرئاسة العام المقبل، هو “اعتقاد خاطئ”. فالجالية اليهودية في الولايات المتحدة “يتحفظون من سياسة الحكومة، في المسائل القانونية وكذلك بما يتعلق بالصراع مع الفلسطينيين، وهي التي تمارس ضغوطا على بايدن كي يتخذ مواقف أوضح تجاه إسرائيل”.
ولفت إلى أن “الولايات المتحدة تنظر إلى الخلاف بين أحزاب الائتلاف أكثر من النظر إلى الخلاف بين الائتلاف والمعارضة. فقد وعدهم نتنياهو أن يمسك بزمام الأمور ويسيطر على الوضع. لكن بنظر الأميركيين أن الأكثر تطرفا في الائتلاف، سموتريتش وبن غفير، هم الذين يملون الخطوات. ولذلك يمارس الأميركيون ضغوطا على نتنياهو كي يلجم المتطرفين وجعل سياسة الحكومة أكثر اعتدالا، سواء في المسائل القانونية أو الصراع مع الفلسطينيين”.
وتطرق غلبواع إلى مقال فريدمان: “المقال يمثل موقفا متطرفا أكثر للإدارة تجاه نتنياهو، لكن في تقديري أنه يصعّد بقدر معين الانتقادات، لأنه يستخدم مصطلح ’إعادة تقييم’، الذي يعني المس بتزويد السلاح الأميركي لإسرائيل مثلما حدث في العام 1975”.
وأضاف أنه “في هذه المرحلة، قد يتم التعبير عن الاستياء الأميركي بشكل أقل في العلاقات الاقتصادية والأمنية وبشكل أكثر في المجالات السياسية، وبالأساس في الدفاع عن إسرائيل في مؤسسات الأمم المتحدة ووكالاتها”.
وشدد غلبواع على أن “جميع المواقف الأميركية الأخيرة تشكل تلميحات لنتنياهو بأن عليه تغيير سياسته، وإلا فإن الأزمة ستشتد. وهذا لا يتعلق بالشؤون الداخلية فقط التي تزعج الإدارة الأميركية، وإنما الممارسات في يهودا والسامرة. وهم يعتقدون أن الحكومة لم تعالج بالشكل المناسب الاعتداءات اليهودية في حوارة وترمسعيا، الأكثر إشكالية، لأنها توجد فيهما سكان كثيرون الذين هم مواطنون أميركيون”.