تقرير: لماذا يتم الدفع بمرشحين مؤيدين للسيسي في انتخابات الرئاسة المصرية؟
تشهد الساحة السياسية في مصر، على غير العادة، زخما في أعداد المرشحين المحتملين لانتخابات الرئاسة المقبلة في مصر، نهاية العام العام الجاري، سواء من قبل الأحزاب أو الأفراد الذين أعلنوا بالفعل نيتهم الترشح أمام رئيس النظام الحالي، عبد الفتاح السيسي.
ولم تشهد الانتخابات السابقة في عامي 2014 و 2018 سوى مرشح واحد في كل مرة أمام السيسي الذي فاز باكتساح في الأولى بنحو 97% مقابل نحو 3% لمنافسه حمدين صباحي، وفاز في الثانية بأكثر من 97% أمام مرشح مغمور مؤيد له أيضا يدعى مصطفى موسى مصطفى، وحصل على نحو 3% لذر الرماد في العيون.
وكان آخر المنضمين إلى سباق الترشح حزب الشعب الجمهوري، الذي أعلن مؤخرا عن نية الحزب الدفع بمرشح للمنافسة في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وتفويض الهيئة العليا للحزب في اختياره، والمزمع انعقادها خلال العام القادم 2024، وسط تساؤلات حول هذه الوفرة التي يمثلها المؤيدون للنظام.
وبرر الحزب قراره بأنه يسعى إلى تعزيز مبدأ التنافسية في حب الوطن ويهدف إلى تطبيق سياسات يسار الوسط المنبثق عنها برامج الحزب الاقتصادية والاجتماعية التي يتبناها الحزب منذ نشأته، وتقديم نموذج يحتذى به في الواجب والمسؤولية الوطنية.
“حزب الشعب الجمهوري”
أصبح حزب الشعب الجمهوري هو ثاني الأحزاب المصرية التي تعلن الدفع بمرشح في انتخابات الرئاسة المقبلة، بعد حزب الوفد الذي أعلن رئيسه، عبد السند يمامة، في حزيران/ يونيو الماضي، نيته الترشح للرئاسة، واحتدام المنافسة مع عضو الهيئة العليا للحزب، فؤاد بدراوي، الذي أعلن نيته أيضا خوض الانتخابات الرئاسية عن الحزب.
حزب الشعب الجمهوري هو أحد الأحزاب الموالية للنظام بقوة وممثل في مجلس النواب الحالي بواقع 50 نائبا بعد أن حل ثانيا في انتخابات مجلس النواب لعام 2021 بعد حزب مستقبل وطن، تلاه حزب الوفد في المركز الثالث بـ26 مقعدا.
سخرية نجيب ساويرس
حتي اسم الحزب يضحك ..😂 الشعب الجمهوري و لا الشعب الملكى و لا الشعب الملاكى 😂😂…. https://t.co/sdsNJiPJxn
— Naguib Sawiris (@NaguibSawiris) July 6, 2023
وانضم رئيس هيئة تيار الاستقلال، أحمد الفضالي، أحد الداعمين للنظام الحالي، إلى قائمة المرشحين المحتملين لانتخابات الرئاسة المقبلة، بعد إعلان الهيئات الفرعية لتيار الاستقلال ترشيحها له لخوض السباق الرئاسي.
وارتبط اسم الفضالي الذي ظهر في مقطع مصور خلال ما عرف إعلاميا باسم “موقعة الجمل” إبان ثورة 25 يناير 2011 إلى جانب معتدين على المتظاهرين في ميدان التحرير وسط القاهرة الذي شهد أول ثورة شعبية ضد الرئيس الراحل حسني مبارك.
ومن الملاحظ أن جميع من أعلنوا قرار الترشح سواء من الأحزاب أو الأشخاص أعلنوا تأييدهم للسيسي وللحكومة، ومن المدافعين بقوة عن جميع سياساته، باستثناء المرشح المعارض أحمد الطنطاوي عضو مجلس النواب السابق الذي كان أول المعلنين عن عزمه الترشح.
“الدفع بأكثر من مصطفى موسى في انتخابات 2024”
ويرى المتحدث الرسمي السابق باسم الجبهة الوطنية للتغيير، سمير عليش، أن “تقدم أكثر من مرشح في انتخابات الرئاسية المصرية المقبلة، على عكس ما جرى في الانتخابات السابقة من اقتصار المنافسة على مرشح واحد فقط؛ هو من أجل تفتيت أصوات المعارضة، وخلق حالة من التشتيت لدى الشارع المصري قبيل الانتخابات”.
وأكد: “أن جميع المرشحين هم من مؤيدي الرئيس الحالي ومن أكثر الداعمين له ولسياساته بل والمدافعين عنها وعن قرارات حكومته، ولا يعكس بأي حال من الأحوال تغير المناخ السياسي في مصر، أو حدوث انفراجة في مناخ الحريات السياسية، ومثلهم مثل المرشح الرئاسي السابق موسى مصطفى موسى الذي قال إنه سوف يعطي صوته في الانتخابات للرئيس السيسي، ما يجري هو الدفع بأكثر من مصطفى في انتخابات الرئاسة”.
ورأى السياسي المصري أن “الشيء الإيجابي الوحيد في الأمر هو أن يستطيع مرشح المعارضة الحالي النائب السابق أحمد الطنطاوي خلق تيار شعبي معارض من الشباب يمكن أن يشكل أرضية للمعارضة خلال السنوات القليلة المقبلة، أشبه بالحالة التي حدثت في عهد مبارك عندما نزل أمامه في الانتخابات المرشح أيمن نور والذي خلق من بعدها تيارا شعبيا من المعارضة في غضون 5 سنوات”.
“ظاهرة تعدد المرشحين المؤيدين”
من جهته؛ يرى المرشح الرئاسي السابق في أول انتخابات رئاسية تعددية في مصر، أيمن نور، أن “تعدد المرشحين المؤدين ليست ظاهرة جديدة. مررنا بهذه التجربة في انتخابات 2005، وكنت حينها في منافسة حقيقية وقوية مع الرئيس الراحل مبارك، كان هناك 8 مرشحين بما فيهم مرشح الوفد الدكتور نعمان جمعة، والغريب في الأمر، أنهم كانوا في منافسة معي وليس مع مبارك، وكانت مؤتمراتهم للهجوم على شخصي”.
مضيفا: “فكرة المرشح المؤيد تتلخص في الصورة الخالدة لرئيس حزب الأمة، أحمد الصباحي، المرشح الرئاسي ضد مبارك والذي قال إنه “سيتنازل فورا لمبارك إذا لا قدر الله وفاز” ، وهذه الظاهرة تكشف أن الانتخابات المقبلة ليست انتخابات جديدة، المرشح الوحيد الذي نعتقد أن لديه بعض الجدية هو أحمد الطنطاوي، لكن قبوله للترشح بدون أي ضمانات تجعلنا نسأل ما هو المقابل الذي نحصل عليه من أجل إضفاء الشرعية والمصداقية على تلك الانتخابات دون أي ضمانات حقيقية”.
توقع نور وهو رئيس حزب غد الثورة أن “يكون هناك مرشح آخر قوي منافس بشكل أو بآخر قريبا في محاولة لمنع الأصوات الاحتجاجية، وهي كثيرة الآن، من أن تذهب إلى الطنطاوي وأعتقد أن النظام فطن إلى أن كل المرشحين المزيفين الشارع لفظهم بداية من عبد السند يمامة رئيس حزب الوفد إلى آخر القائمة التي لم تنته بعد ولا تمثل أي مقوم لأي انتخابات حقيقية، هؤلاء مرشحون مزيفون وغير حقيقيين باستثناء الطنطاوي”.
إجراءات انتخابات الرئاسة
وتنص الفقرة الثانية من المادة 140 من الدستور المصري على أن تبدأ إجراءات انتخاب رئيس الجمهورية قبل انتهاء مدة الرئاسة بمائة وعشرين يومًا على الأقل، على أن يتم الإعلان عن نتيجتها قبل 2 نيسان/ أبريل من العام المقبل.
وانتخب السيسي في 2 نيسان/ أبريل 2018، وتنتهي مدته يوم 2 نيسان/ أبريل 2024 وعليه يصبح 3 كانون الأول/ ديسمبر هو الحد الأدنى لفتح باب الترشح.
وزادت التعديلات الدستورية عام 2019 في المادتين 140، 142 مدة الرئاسة لتكون 6 سنوات، بدلا من 4 ولا يجوز أن يتولى الرئاسة لأكثر من مدتين رئاسيتين متتاليتين، ولكن لم يتم احتساب الفترة الأولى (2014- 2018) ضمن الفترتين.
ويشترط لقبول الترشح لرئاسة الجمهورية أن يزكي المترشح 20 عضوا على الأقل من أعضاء مجلس النواب، أو أن يؤيده ما لا يقل عن 25 ألف مواطن ممن لهم حق الانتخاب في 15 محافظة على الأقل، وبحد أدنى ألف مؤيد من كل محافظة منها.
وينص قانون هيئة الانتخابات على انتهاء الإشراف القضائي مطلع العام المقبل 2024، وقبيل الانتخابات، حيث تحدد المادة 34 من قانون الهيئة الوطنية للانتخابات مدة العمل بالإشراف القضائي الكامل بـ10 سنوات من تاريخ العمل بدستور 2014.
إلا أن مجلس أمناء الحوار الوطني، طالب بإجراء تعديل تشريعي على قانون الهيئة الوطنية للانتخابات للسماح بالإشراف القضائي الكامل على الانتخابات الرئاسية المقبلة في عام 2024، وهو ما وعد السيسي بدراسته لاحقا وسط شكوك حول وجود ضمانات كافية وحقيقية.