كيف ينعكس “تمرد فاغنر” على موسكو في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؟
نشر موقع “أتلانتك كاونسل” مقالا لأستاذ الحوكمة والسياسة بجامعة جورج ميسون، مارك كاتز، قال فيه إن تمرد زعيم مجموعة فاغنر يفغيني بريغوجين، كان يهدف إلى استبدال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو ورئيس هيئة الأركان العامة فاليري غيراسيموف، (وليس الرئيس الروسي فلاديمير بوتين).
ورأى في تقرير، أن ماجر من المرجح أن يؤثر على نشاط مجموعة فاغنر في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت وزارة الدفاع الروسية ستنجح في تأكيد سلطتها على قوات مرتزقة فاغنر في أوكرانيا، أم أنها ستبقى موالية لبريغوجين. قد يكون هناك قدر أكبر من عدم اليقين فيما يتعلق بقوات فاغنر العاملة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ويمكن لموسكو أن تجلب الجيش الروسي وقوات أمن الدولة لمواجهة الموالين لفاغنر بريغوجين في مسرح أوكرانيا. لكن في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، قد لا يكون هذا ممكنا.
وتواجدت القوات المسلحة الروسية النظامية – البحرية والجوية بشكل أساسي – بالإضافة إلى قوات فاغنر في سوريا منذ أن أرسلت موسكو قواتها هناك لأول مرة في عام 2015. كما تم نشر قوات فاغنر في ليبيا في عام 2018، وفي العديد من الدول الأفريقية الأخرى، بما في ذلك جمهورية أفريقيا الوسطى ومالي والسودان وبوركينا فاسو، منذ سنوات.
وقد يكون من الصعب التأكيد بقوة على سيطرة وزارة الدفاع الروسية على قوات فاغنر العاملة في سوريا وبقية الشرق الأوسط إذا قررت الأخيرة المقاومة. علاوة على ذلك، قد يكون من المستحيل تأكيد مثل هذه السيطرة في ليبيا وأماكن أخرى في أفريقيا، حيث يكون وجود فاغنر أكبر بكثير من أي وجود عسكري روسي نظامي.
قوات فاغنر في هذه المناطق لديها العديد من الحوافز لعدم التعاون. قد يكون أولئك الموجودون في الشرق الأوسط وأفريقيا يقاومون بشكل خاص من أجل حماية الدخل الذي يدرونه من “حماية” الحكومات وأمراء الحرب.
ويخشى مرتزقة فاغنر في كل من الشرق الأوسط وأفريقيا أيضا إعادة الانتشار في أوكرانيا، حيث ادعى بريغوجين في أيار/ مايو أن عشرين ألفا من مقاتلي فاغنر لقوا حتفهم في معركة عام 2023 على باخموت وحدها.
وقد يتعاطف الديكتاتور السوري بشار الأسد مع أي جهد يبذله الرئيس الروسي بوتين لتأكيد سيطرته على قوات فاغنر المتمركزة في بلاده. ومع ذلك، لن يرغب رئيس النظام السوري في رؤية صراع بين القوات المسلحة الروسية النظامية وقوات فاغنر، لأن هذا قد يشجع العديد من معارضيه على إحياء معارضتهم لنظامه.
كما يعتمد الجنرال خليفة حفتر في ليبيا ومحمد حمدان دقلو – المعروف أيضا باسم حميدتي – في السودان بشكل أكبر على دعم فاغنر.
وفي نيسان/ أبريل، كشفت شبكة “سي إن إن” أن شركة فاغنر كانت تسلح قوات الدعم السريع التابعة لحميدتي في حربها ضد القائد العسكري السوداني، الجنرال عبد الفتاح البرهان، عبر الأراضي التي يسيطر عليها حفتر في ليبيا المجاورة.
ورأى أن إضعاف أو تقليل قدرة فاغنر على دعم حفتر وحميدتي سيكون غير مرحب به، خاصة أنهما لا يملكان أي ضمانات بأن وزارة الدفاع الروسية ستكمل من حيث انتهت قوات فاغنر.
ويجب ملاحظة أن أزمة فاغنر الأخيرة لا تؤثر فقط على دول الشرق الأوسط التي تتواجد فيها، بل في جميع المنطقة، حيث إن العديد من القادة الاستبداديين هناك لا يرغبون في رؤية تكرار ما جرى مع بوتين في بلدانهم.
كما أن تمرد فاغنر يثير التساؤلات حول قدرة بوتين التصرف خارج روسيا، لاسيما أن الوضع الداخلي يعد محور تركيزه.
ورأى أن تركيا قد تنتهز هذا كفرصة لممارسة قدر أكبر من الحرية في الأماكن التي تدعم فيها روسيا وتركيا أطرافا متعارضة (مثل سوريا وليبيا والصراع الإقليمي بين أرمينيا وأذربيجان حول ناغورنو كاراباخ).
وقد ترى إيران في احتمال تراجع التركيز الروسي على سوريا أكثر من مجرد فرصة لزيادة نشاطها هناك، وقد تعتبر طهران أنه من الضروري القيام بذلك خوفا من أن يبدأ نظام الأسد في الانهيار بطريقة أخرى.
كما أن زيادة النشاط الإيراني في سوريا من شأنه أن يزيد من المخاوف الإسرائيلية الكبيرة، ويمكن أن يؤدي إلى صدام بينهما.
وقد يؤدي تركيز بوتين على الشؤون الداخلية والحرب في أوكرانيا إلى تسريع التوجه بين حكومات الشرق الأوسط – بما في ذلك تلك الموجودة في الخليج الغني بالنفط – للنظر إلى الصين، وليس روسيا، على أنها قوة موازنة للولايات المتحدة.
ورأى أن تمرد فاغنر سيجبر حكومات الشرق الأوسط على خفض توقعاتها حول ما يمكن لروسيا بوتين أن تفعله لهم، وتعديل سياساتهم الخارجية وفقا لذلك.