اترك المكان كما كان أو أنظف مما كان
الشيخ أحمد علي حمّاد- رئيس هيئة الدعوة في أم الفحم
أُخاطب في مقالي هذا جميع أبناء أحياء مدينتنا أم الفحـم، وجميع أبناء مجتمعنا، بأن نحرص على نظافـة بلداننا، لأن الأذى في الطريق طامـة كبرى، ونصيحتي لكم عـدم إلقاء القاذورات والنفايات في الشـوارع والأماكن العامة، فإن نظافـة البلد ليس وقفًا على البلدية، بل هي مسـؤولية ملقاة على كاهل كل واحـد منا، ويجـب الامتناع عـن مثل هذه الأمور، ديانة وقانونا ومروءة، وإنسانية وذوقًا وعرفًا. وإزالـة الأذى مـن الإيمان والصدقـات، فبادر بإزالة الأذى، فهذا عمل ينفعـك في الآخرة، وهو من أحسن أعمال هذه الأمّه لقول الرسول صلـى الله عليه وسلم: “عُرضت علـي أعمال أمتي حسـنها وسيئها، فوجدت في محاسن أعمالها الأذى يماط عن الطريق، ووجدت في مســاوئ أعمالها النخاعة تكون في المسجد لا تدفن”. رواه مسلم.
والأذى كل مـا يضر بالمارة من حجر أو شـوك أو غيـره، فإماطة مثل هـذه الأمور من أعمال الخير العظيمة عند الله تعالى.
والحديث أعلاه، يحثّنـا على فعل ما ينفع الناس ويجلـب لهم مصلحة، والبعـد عن كل ما يضرهم ويسبب لهم مفسدة، وهذا الحديث يحفظه الكثير منّا، ولكن تطبيقه علـى أرض الواقع لا يكاد يذكر، مع العلم أنّ الإسـلام حرص على المرافق العامة ونظافتها والعناية بها، كالطرقات، والمتنزّهات، وكل ما يدخل ضمن المرافق العامة التي يستفيد منها الناس، وبين الحديث فضل إزالة ما يؤذي الناس في طريقهم وحاجاتهم، وحثّ على فعل كل ما ينفع الناس ويخفف عنهم ويبعد عنهم الضرر.
أخي السائق، إنّه من السيء ما نرى من البعض حين يلقي الأوساخ من سيارته في شوارع البلدة، ومنهم من يحملها طول طريق سفره خارج البلدة حتى إذا دخل البلد ألقاها في شوارعها! أهكذا نعز بلدنا وهل غيرها أحق بالبرّ منها؟ ومثل ذلك ما يـوزع من مناشير ومطويات دعائية فـي بعض المحطـات مـن المدينة، ثمّ يزعجك أن تجد الأرصفـة امتلأت من هذه المنشورات بعد أن قام سائق السيارة برميها بشكل عشوائي من خلال نوافـذ السيارة، مما يزيد من حجم المشكلة.
فعلى المسلم أن يكون حريصًا على تنفيذ تعاليم دينـه، وأن يدرك أهمية الحفاظ على نظافة البيئـة وحرمة إفسـادها، ولتبقى الأكياس والمنشورات داخل السيارة ثمّ تقوم بإزالتها فيما بعد خير مـن أن تُلقى من نوافذ السيارة، فـإن نظافة الطريق دليل على رقـي أهل البلد، وتعرف سمات المجتمع من نظافة الطريق، فهي أبهج للنفس.
ثمّ أن ممارسة ذلك أمام أطفالك يعلمهم أن يقوموا بذات الأمر لأنّ الأهل قدوة أبنائهم.
ومن عوامـل انشراح النفس، المكان الطيب النظيف، ومن أسباب خبث النفس، قذارة المكان، وليكن برنامجك اليومي إماطـة أذى: ورقة، حجر، علبة أو أي شيء مما يؤذي وليكن ذلك يوميًا، فإن التزم كل فرد منا بهذا، سـوف نزيل آلاف الأوراق يوميًا.
أين الانتماء للبلد؟
مـن لـوازم الانتماء، أن نحافظ علـى أم الفحم وكل بلادنا نظيفة، خذوا زمام المبادرة بالتغيير للأفضل والتبديل للأحسن، حتى تكون أم الفحم وكل بلداتنا نظيفة، ولا تترددوا بإماطة ورقـة أو علبة أو حجر أو كيس كل يوم.
فالـكـل منـا يـشـكو، ويتألـم، وينتقـد، ويتساءل: ما الحل؟ وما المخـرج، فالحل فينا والمخرج بأيدينا.
إنّ النظافة والنظام، سـمـة مـن سـمات التحضـر والـرقـي، والله تعالـى يقـول: “إن اللـه يحب التوابين ويحب المتطهرين”. وقال تعالى: “وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَنۢبَتْنَا بِهِۦ حَدَآئِقَ ذَاتَ بهجة”، مما يدل دلالة صريحة أنّ الجمال يبهج النفس ويشرحها، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم فـي الحديث الذي يرويه أبو هريرة أنه قال: “كان على الطريق غصن شجرة يـؤذي الناس فأماطها رجل فأدخل الجنة”. انظر أخي المسلم: كيف يكون ثواب وجزاء من يميط الأذى عن طريق المسلمين.
وفـي الجانب الآخر، نـرى أنَّ فئة مـن الناس، تراهـم يلقون مـا بأيديهم فـي الطرقات وفي الشـوارع والمتنزهـات، حتى الحدائق العامة تشكو من طغيان ابن آدم واعتدائه عليها، فهو يلقي الأوساخ في الشارع بدل من أن يلقيها في سلة المهملات، وكأن المطلوب منه الحفاظ على سلة المهملات نظيفة!
إنَّ الإسلام طهـارة ونظافة وعبـادة ولطافة، والنظافـة جمـال، والطهـارة ركـن وقائي من الأمـراض، فتحلوا بهما وربـوا أولادكم عليها وساهموا في نشرها في مدينتنا، فالمسلم بـوازع مـن عقيدتـه، وإيمانـه يجـب عليه أن يحافظ على نظافة الطريق.
فالطريق مرفق عام، وهـو مـلـك للناس جميعًا، ولو اعتبر كل إنسان الطريق جـزءا من بيته لحافظنا عليه، فإذا كان من آداب الطريق عدم الأكل أثناء السير لأن ذلك مناف للمروءة، ومن الآداب أيضًـا عـدم رفع الصوت في الطريق حتى لا يؤذي السائرين، فما بالك أخي برمي النفايات في الطريق.
معسكر العمل الإسلامي التطوعي “اعمار”
من هذه المنطلقات، وإيمانًا بهذه القناعات، فإننا نطلق اليوم الجمعة- إن شاء الله- معسكر العمل التطوعي الإسلامي “اعمار”. نبدأ به في متنزه “سويسة” الذي يرتاده أهلنا طوال فترة الصيف، فأحببنا أن نكون هناك لنهيئ المتنزه ونصلح مرافقه ونعده ليكون على أحسن حال استقبالًا لعيد الأضحى المبارك.
أسال الله أن يوفقنا وإياكم ويعيننا ويكتب لنا ولكم الخير والهداية والسداد، وأن يقينا وإياكم الشرور، وأن يجعل بلدنا وكل بلداننا، آمنًا مطمئنًا سخاء رخاء جميلًا طيبًا نظيفًا، وسائر بلاد المسلمين.