ماذا لو خسر بوتين حربه في أوكرانيا؟
لا أحد يعرف كيف ستنتهي حرب فلاديمير بوتين في أوكرانيا، لكن زبيغنيو بريجنسكي -وهو مفكر إستراتيجي ومستشار للأمن القومي في عهد الرئيس الأميركي جيمي كارتر- حدد المخاطر عام 1994 في مقال بمجلة “فورين أفيرز” (Foreign Affairs) الأميركية قال فيه “من دون أوكرانيا لن تظل روسيا إمبراطورية”.
بهذه المقدمة يرى والتر راسل ميد -في عموده بصحيفة “وول ستريت جورنال” (Wall Street Journal) الأميركية- أن بوتين يتفق تماما مع بريجنسكي، وبالنسبة له ولأتباعه من القوميين الروس، فإن “روسيا إمبراطورية أو لا شيء على الإطلاق”.
وهذا معناه أن انتصارا أوكرانيا -يمكن وصفه بأنه نهاية الصراع بحيث تبقي أوكرانيا مع كل أراضيها الأصلية أو معظمها مستقلة عن موسكو ومتحالفة مع الغرب- سيمثل زلزالا جيوسياسيا. وسيتمخض عنه اختفاء روسيا التي عرفتها أوروبا وخافتها منذ القرن الثامن عشر، والتي كان وجودها الهائل باديا في الأفق وكانت عازمة على التوسع غربا.
وأضاف الكاتب أن بوتين يحتاج إلى شعب أوكرانيا لتعزيز هيمنة السلاف الأرثوذكس في الاتحاد الروسي، لأنه من دونهم، وفي مواجهة ارتفاع عدد السكان في دول آسيا الوسطى منذ سقوط الاتحاد السوفياتي، لا يتوقع القوميون الروس سوى الموت والانهيار.
بوتين يحتاج إلى شعب أوكرانيا لتعزيز هيمنة السلاف الأرثوذكس في الاتحاد الروسي، لأنه من دونهم، وفي مواجهة ارتفاع عدد السكان في دول آسيا الوسطى منذ سقوط الاتحاد السوفياتي، لا يتوقع القوميون الروس سوى الموت والانهيار
وعلق الكاتب بأن هذه الاعتبارات تؤكد مدى التزام القوميين الروس المتشددين بالنصر في أوكرانيا، ومدى أهمية هزيمة روسيا عالميا.
وأردف بأن نصرا أوكرانيا سيترك الكرملين الضعيف والفاقد للمصداقية تحت رحمة الصين القوية وآسيا الوسطى الصاعدة في الشرق وتحالف أمني متجدد في الغرب وأقليات عرقية مضطربة في الوطن، كما أن انتصارا أوكرانيا سيشكل تحديا سياسيا خطيرا لموسكو.
كذلك، فإن هزيمة روسية ستعزز بشكل أساسي قبضة أميركا عالميا، وسيعزز نصر كييف المكانة الأميركية والغربية بشكل كبير.
ولفت إلى أن خروج أوكرانيا منتصرة سيشجع بولندا ودول البلطيق والدول الإسكندنافية على الانخراط في كتلة مؤيدة للدفاع عن الدول الأوروبية وتوطيد التحالف مع الأميركيين.
وأضاف ميد أن الانتصار على روسيا سيعيد صياغة السياسة الأوروبية وكذلك التنافس بين واشنطن وبكين.
وأنهى مقاله بالتذكير بأن كل الأخبار لن تكون جيدة، إذ إن تركيا بقيادة الرئيس طيب أردوغان لن تصبح أكثر مرونة إلا إذا تلاشى خوفها من روسيا. ويمكن لكرملين واهن وساخط أن يلقي بنفسه في أحضان الصين المترقبة، كما يمكن أن يشكل عدم الاستقرار الروسي تحديات أمنية ضخمة، وفقا للكاتب.