كيف سرّع فوز أردوغان بالرئاسة جهود تطبيع علاقات تركيا مع مصر؟
تقترب مصر وتركيا من تطبيع العلاقات بشكل كامل، وتجاوز خلافات الماضي التي امتدت نحو عقد من الزمن، في أعقاب فوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بولاية جديدة حتى عام 2028.
وفي اتصال نادر، هو الثاني من نوعه منذ شباط/ فبراير الماضي لتقديم التعازي في ضحايا الزلزال الكبير أجرى رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي اتصالا هاتفيا مع أردوغان، وقدم له التهنئة بمناسبة فوزه بالانتخابات الرئاسية، وإعادة انتخابه رئيسا لتركيا.
واتفق الجانبان بحسب المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، على تدعيم أواصر العلاقات والتعاون بين الجانبين، وفي ذلك الإطار قرر الرئيسان البدء الفوري بترفيع العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين وتبادل السفراء.
جهود حثيثة لتطبيع العلاقات
وأعلنت تركيا مطلع أيار/ مايو الجاري، في تطور على استمرار جهود تطبيع العلاقات بين البلدين، أن مواطنيها الراغبين في السفر إلى مصر، سيتمكنون من الحصول على تأشيرات الدخول في المعابر المصرية.
وفي آذار/ مارس الماضي، زار وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، القاهرة، بعد أسابيع قليلة من زيارة نظيره المصري سامح شكري مدينة أضنة التركية في شباط/ فبراير الماضي، لتقديم مساعدات مصرية لضحايا الزلزال التركي، وهي أول زيارة من وزير خارجية تركي لمصر منذ أكثر من 10 سنوات.
وفي نيسان/ أبريل الماضي، اتفق البلدان خلال زيارة شكري لأنقرة، على إطار زمني محدد للارتقاء بالعلاقات الدبلوماسية، علاوة على التحضير لعقد قمة بين الرئيسين السيسي وأردوغان، والتي كانت مرهونة بفوز الأخير في الانتخابات الرئاسية.
وكان اللقاء الوحيد بين السيسي وأردوغان على هامش افتتاح نهائيات كأس العالم لكرة القدم التي أقيمت في قطر عام 2022، وتصافحا حينها لأول مرة.
التطبيع على طريقة أردوغان
يعتقد سياسيون ومحللون أن فوز أردوغان بالانتخابات الرئاسية يعزز موقف تركيا في جهودها لتطبيع العلاقات مع مصر على طريقة أردوغان الذي أظهر سيطرة سياسية واسعة وغير مسبوقة في تاريخ السياسة التركية الحديثة بشكل ديمقراطي.
وقال السياسي المصري خالد الشريف، إن “الانتخابات التركية أظهرت قوة وزعامة وشعبية أردوغان وهو ما دفع الإدارة المصرية إلى الإقرار بتسريع وتيرة تطبيع العلاقات مع تركيا، رغم أنها كانت تتمنى هزيمة أردوغان في الانتخابات وفوز منافسه”.
وأضاف: “هي ليست أمنية الإدارة المصرية بل الغرب وأمريكا وجميع خصوم أردوغان وأعداء سياسته كانوا يرون في الانتخابات فرصة للتخلص منه، لكن أداء أردوغان ونتائج الانتخابات أظهرت عمق وقوة الديمقراطية في تركيا”.
وأوضح الشريف: “الأمر الثاني، نجاحات أردوغان في الملف الليبي ومنع الانقلاب العسكري والصدمات المسلحة، والأمر الثالث تصاعد قوة تركيا في ظل زعامة أردوغان الإقليمية والدولية. كل هذه الأمور دفعت الإدارة المصرية إلى السير في ركب الدول المطبعة مع تركيا والإقرار بالواقع”.
ملفات ساخنة على الطاولة
من شأن فوز أردوغان واستمراره يعزز موقف تركيا تجاه الملفات المطروحة على الطاولة مع مصر، بحسب مدير المعهد الدولي للعلوم السياسية والاستراتيجية في إسطنبول، الدكتور ممدوح منير، خاصة أن الانتخابات التركية أظهرت قوة وزعامة وشعبية الرجل.
وأوضح، أن “الرئيس أردوغان حرص منذ فترة رئاسته الماضية على إعادة العلاقات مع النظام المصري تدريجيا، ويعود هذا النهج التركي لعاملين أساسيين هما أن الرئيس التركي قرر تجديد استراتيجيته التي تقوم على صفر مشكلات مع الدول الإقليمية، وأعاد تطبيع العلاقات مع السعودية والإمارات، ورفع مستوى التمثيل مع مصر”.
وبحسب المنير، فإن تلك القضية كانت هدفا لهجوم المعارضة التركية على أردوغان واتهامه بإقحام الدولة التركية في صراعات إقليمية لا تخدم تركيا، لذلك فإن أردوغان سيتجاوز عقبة السيسي لتحسين العلاقات مع مصر والذي سيكون مفيدا اقتصاديا للبلدين.
وأعرب عن اعتقاده بأن “أردوغان يحاول، وهو ما يميز استمرار بقائه على رأس السلطة، استغلال عودة العلاقات إلى طبيعتها في لعب دور الوساطة في مرحلة لاحقة متقدمة بين النظام والمعارضة، كما أن ملف غاز المتوسط وليبيا وسوريا كلها ملفات سيحتاج فيها أردوغان إلى حالة تفاهم وليس إلى صراع مع السيسي”.
تطبيع ملح وعاجل
ويقول الكاتب والمحلل السياسي وعضو حزب “العدالة والتنمية” يوسف كاتب أوغلو، إن “الرئيس أردوغان حريص على استكمال تطبيع العلاقات مع مصر على جميع الأصعدة دبلوماسيا وسياسيا، وبشكل عاجل وملح؛ لأن هذا يخدم مصلحة البلدين بشكل كبير”.
بخصوص الملفات التي قد تعيق ولا تعرقل التفاهمات الجديدة، أوضح : “هناك بعض الخلافات تتمثل في تواجد المعارضة المصرية على الأراضي التركية والمطالبة بتسليمها سواء الإعلامية أو السياسة، لكن قوانين تركيا ليست مضطرة للتعاطي معها، ولا تعتبر جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية ولن تعكر صفو الأجواء وتبادل السفراء في أقرب وقت ممكن”.
لكن السياسي التركي رأى أن “تركيا تعطي اهتماما كبيرا للاستثمار في مصر التي تعد بوابة أفريقيا، كما أن هناك حاجة لزيادة الصادرات التركية إلى مصر، بالإضافة إلى موضوع الطاقة وترسيم الحدود في البحر المتوسط”.