أضخمها “الحوض المقدّس”.. الاحتلال يصعّد حربه الدينية بمشاريع تهويدية
سعت حكومة الاحتلال الصهيوني، في الاجتماع الأخير الذي عقدته في نفق أسفل المسجد الأقصى المبارك، إلى تصعيد حربها الدينية على المسلمين، بإقرارها مضاعفة تمويل المشاريع الاستيطانية التهويدية والتي كان في مقدمتها مشروع “الحوض المقدس”، ليكون مشروعاً تهويديًّا مركزيًّا لدولة الاحتلال، إضافة إلى اعتمادها سلسلة قرارات خطيرة لمحاولة تكريس تهويد القدس المحتلة، في خطوة من شأنها تأجيج حالة الغضب والتصعيد في الحرب الدينية.
وإضافة إلى القرار السابق، فقد خصصت حكومة الاحتلال 30 مليون شيكل لمواصلة الحفريات في منطقة حي المغاربة وحائط البراق، بزعم البحث عن الآثار، عدا عن تشكيل لجنة وزارية تحمل اسم “القدس الكبرى”، مهمتها إحياء “القدس كعاصمة لإسرائيل”.
ورأى خبراء ومختصون في أحاديث منفصلة لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أنَّ اجتماع حكومة الاحتلال وقراراتها، تؤكد الترجمة الحقيقية لإعلان الاحتلال حربه الدينية على القدس المحتلة والشعب الفلسطيني.
وقال هشام يعقوب، الباحث في مؤسسة القدس الدولية، إن قرارات الاحتلال تؤكد أن القدس تشكل رأس أولويات المخططات التهويدية والاستيطانية في فلسطين، لأن الاحتلال يعتقد أنها خاصرة ضعيفة بإمكانه استباحتها بلا حسيب أو رقيب.
وأضاف: هذه القرارات ترجمة فعلية لقرار إعلان الحرب على القدس الذي اتخذته الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة منذ تشكيلها، فقد تسابق وزراؤها إلى كيل التهديدات للقدس وأهلها ومقدساتها.
وتابع: من هنا تأتي أهمية أن تكون القدس في صدارة أولويات شعبنا وأمتنا، وأن نبذل قصارى جهدنا لكسر الاحتلال في القدس ومنعه من تحقيق غاياته، لأن خسارته في القدس تعني انهيار مشروعه الاستعماري الإحلالي”.
موازنات هدفها الحرب الدينية
الباحث في شؤون القدس، زياد ابحيص، بيّن أن حكومة الاحتلال دأبت على تخصيص جلستها الأسبوعية التالية للذكرى العبرية لتوحيد القدس لتخصيص ميزانيات لتهويد المدينة ولإقرار مشروعات فيها، إلى جانب قراراتها الأخرى، وقد سبق لها أن أقرت ميزانيات ومشروعات أكبر مما أقرته اليوم في الاجتماع المشابه في عام 2017 في الذكرى الخمسين لاستكمال احتلال المدينة.
وأوضح ابحيص، أن أهم ما جاء في اجتماع الحكومة الصهيونية في حفريات جوار المسجد الأقصى المبارك، إلى جانب موازنة دعم الحفريات وتهويد جوار المسجد الأقصى، هو التركيز على الجانب الرمزي وعلى انعقاد الاجتماع في الأنفاق المجاورة للمسجد الأقصى.
وسعت حكومة الاحتلال في اجتماعها إلى حضور أعضاء الحكومة بكامل طاقمها تقريباً، والحرص على أخذ صورة تذكارية بعده، “وهي إشارات رمزية كانت تختص بها الاجتماعات العشرية بالأساس، أي في 2007 وفي 2017، وهو تعبير عن مدى تعلق حكومة الصهيونية الدينية الحالية بمشروع تهويد القدس” وفق ابحيص.
وقلل ابحيص من إمكانية قدرة الاحتلال على تهويد مدينة القدس، لأن ذلك “لا تؤيده موازين القوى الدولية أو الإقليمية أو حتى داخل فلسطين المحتلة”، مبيناً أن التطور الصهيوني في تهويد المدينة ما يزال بطيئاً ومتعثراً وإن حقق تقدماً على الأرض.
وقال: هذا ما ينبغي أن يدفعنا لخوض معركة القدس بجدية وثقة أكبر، لأنها معركة ما تزال مرشحة للانتصار فيها رغم كل شيء، شرط أن نخوضها كما يجب وأن نكرس لها الطاقات والإمكانات.
المشروع الأخطر
وتضمن الاجتماع المصادقة على تخصيص ميزانية ضخمة لتطوير مشروع ما يسمى “الحوض المقدس”، أحد أكبر مشاريع تزوير تاريخ القدس وأحيائها، والذي أقرته حكومة الاحتلال في تسعينيات القرن الماضي، حيث دشّن الاحتلال الإسرائيلي مشروعاً استيطانيًّا تهويديًّا أقر له ميزانيات مالية كبيرة، يسعى من خلالها إلى فرض واقع جديد في مدينة القدس المحتلة، محاولاً خنق المسجد الأقصى وفرض سيادته المزعومة عليه وعلى محيطه من البلدات والأحياء المقدسية عبر مشروعه التهويدي “الحوض المقدّس”.
ومنذ الإعلان عن المشروع عام 1996م، وتنفيذ أجزاء منه، فإن دولة الاحتلال تسعى إلى السيطرة على منطقة مقدسية تبلغ مساحتها نحو 2.5 كيلو متر مربع حول البلدة القديمة، حيث سيمر المشروع التهويدي بمناطق عدة أبرزها: منطقة وادي الربابة في بلدة سلوان، مرورًا بحيي البستان ووادي حلوة في البلدة، ثم نحو منطقة طنطور فرعون والمقابر اليهودية في سفوح جبل الزيتون.
وأوضح الخبير في شؤون الاستيطان، ومدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية خليل التفكجي، أن مشروع “الحوض المقدس” هو جزء من السياسة الإسرائيلية الهادفة إلى توسيع مناطق النفوذ الإسرائيلي، واستخدام المزاعم الدينية لأجندة سياسية.
وذكر التفكجي، أن المشروع الاستيطاني يضع القدس وبلدتها القديمة في مخاطر محدقة، أهمها محاولة ربط الاحتلال هذا المشروع بعقيدته المزعومة، لافتاً إلى أن ذلك سيؤدي إلى خسارة كبيرة للقدس ومعالمها الإسلامية في حال نفذ الاحتلال المشروع.
وأكد أن الصراع الذي يجري في القدس وفلسطين المحتلة، هو صراع ديني بين الاحتلال والمسلمين، مشيراً إلى أن المشروع حال تنفيذه والانتهاء منه فإنه سيكون قد حاصر وخنق وسرق محيط البلدة القديمة من الناحيتين الجنوبية والجنوبية الشرقية بشكل كامل.
مزاعم وأساطير
وبيّن أن القبور الواقعة في منطقة طنطور فرعون، ليس لها علاقة بالروايات التي أطلق مشروع “الحوض المقدس” من أجلها، لكنها أُقحمت في المشروع باعتبارها جزءا من التاريخ اليهودي، لافتاً إلى أن “الأسطورة اليهودية” ومزاعم الاحتلال ترى بأن المقابر اليهودية في جبل الزيتون ترتبط بـ”الهيكل الثالث”.
والهيكل الثالث، وفقاً لأساطير الاحتلال سيشهد نزول المسيح المنتظر وهو يحمله من السماء باتجاه جبل الزيتون وسيدخل به من باب الرحمة لإقامة الهيكل الثالث في المسجد، الأمر الذي سيؤدي إلى تهويد المكان الذي سيمّر به المشروع الاستيطاني بالكامل تمهيدا لإقامة الهيكل الثالث المزعوم.