مطالبات بتطبيق قرارات قمة جدة بشأن القدس وعدم الاكتفاء بالتصريحات
طالب مختصون في شؤون القدس، بتطبيق قرارات قمة “جدة”، عمليًا وعدم الاكتفاء بالتصريحات النظرية فقط عبر بيانات الشجب والاستنكار، ولا سيما في ظل تغول سلطات الاحتلال الإسرائيلي على المدينة المقدسة والمسجد الأقصى.
وأكد “رؤساء الدول العربية”، في البيان الختامي لقمة “جدة” التي انعقدت أول من أمس، دعم الوصاية الهاشمية، وإدارة أوقاف القدس، التابعة لوزارة الأوقاف الأردنية، وبيت مال القدس في الدفاع عن القدس وما تتعرض له من اعتداءات وانتهاكات.
ويقول رئيس مركز القدس الدولي د. حسن خاطر: إن القرارات والمواقف التي صدرت في القمة جيّدة من الناحية النظرية، التي تتمثل تأكيد مكانة القضية الفلسطينية بين الدول العربية والإسلامية، وأهمية حماية المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية.
وأوضح خاطر في تصريحات صحفية، أن هناك حلقة مفقودة في كل القمم العربية وهي أن القرارات التي تتخذ لا تجد طريقها إلى الواقع وتبقى داخل أروقة الجامعة العربية وبعيدة عن التنفيذ والتطبيق.
وتساءل: “ما معنى أن تكون القضية الفلسطينية المركزية لجامعة الدول العربية، دون أن يكون هناك صدى لهذا القرار على أرض الواقع ولا سيّما في ظل تعرض الأراضي الفلسطينية كلها لانتهاكات الاحتلال؟”.
وأضاف: إن “موضوع القدس ساخن باستمرار، لكونه يتعرض لاقتحامات ومخططات تهويدية يومية، ما يستدعي تدخلات عربية ملموسة لوضع حد للتغول على الأقصى”، مشيرًا إلى وجود مؤسسات عدّة في القدس لا تُستثمر.
وذكر خاطر أن هناك وكالة “بيت مال القدس” وهي عضو في منظمة التعاون الإسلامي ولها موضع قدم في المدينة المقدسة، ولا تُستثمر فعليًا في تقديم المساعدات والدعم للقدس وتعزيز صمود المقدسيين لمواجهة إجراءات الاحتلال.
وحذّر خاطر، من أن اعتداءات المستوطنين مستمرة وذاهبة باتجاه التصعيد في الأيام القادمة، لكون حكومة المستوطنين الفاشية منحتهم الضوء الأخضر للاستمرار في هذه السياسات العنصرية، مشددًا على أن “المقدسيين يتصدون لكل هذه الممارسات وحدهم بالرغم من قلة الإمكانيات المتاحة لديهم”.
وأيّد ذلك الباحث والناشط المقدسي راسم عبيدات، مؤكدًا أن المعيار الأساسي في نجاح القمم العربية هو التطبيق الفعلي للقرارات والنتائج الصادرة عنها، وليس بقاءها حبيسة الأدراج كسابقاتها.
وبيّن عبيدات في تصريحات صحفية، أن المجتمعين يتحدثون عن مركزية فلسطين ودعم أهل القدس وتعزيز صمودهم ورفض الإجراءات العنصرية للاحتلال فيها، “لكن لم ترقَ إلى التنفيذ العملي كما حدث في مؤتمر عُقد في ليبيا عام 2010”.
تجدر الإشارة إلى أن رؤساء الدول العربية عقدوا القمة الـ22 في ليبيا تحت عنوان “دعم صمود القدس المحتلة”، وأبرز نتائجها التوصية بدعم 500 مليون دولار لأهل القدس.
وأوضح عبيدات، أن هذا القرار لم ينفذ حتى الآن بالرغم من مرور أكثر من عشر سنوات عليه، معربًا عن خشيته من أن يتكرر ذات السيناريو في قمة جدة.
وأكد أن تنفيذ القرارات يحتاج إلى إرادة سياسية قوية وفعل وترجمة، ودون ذلك سيبقى كل ذلك ضمن الإطار الشكلي فقط، مضيفًا: “تغول وتوحش المتطرفين ضد المسجد الأقصى لم يتوقف حتى بعد انتهاء مسيرة الأعلام”.
وتابع عبيدات، “ما صدر من شعارات وهتافات عنصرية وفاشية من المتطرفين المشاركين في مسيرة الأعلام يوم الخميس الماضي، يحتاج إلى فعل جدي وفوري وليس استنكارًا واستجداء للأمم المتحدة فقط”، مشددًا على أن “العالم لا يحترم إلا القوي فقط”.
وأكد أهمية ترجمة الأقوال إلى أفعال عبر تعزيز صمود المقدسيين ودعم مختلف القطاعات الأساسية الاقتصادية والسياسية والإسكان، مؤكداً أن هذا الدعم بحاجة إلى حاضنة عربية وإسلامية، داعيًا إلى تفعيل كل المؤسسات والبرلمانات العربية والإسلامية وتوجيهها نحو القدس.
وختم حديثه: “نحن أمام خطر حقيقي يتهدد المسجد الأقصى، وهذا يحتاج إلى دعم جدي وحقيقي، وعلى الجميع تحمل مسؤولياته تجاه ذلك”.
تقصير واضح
من ناحيته، رأى المختص في شؤون القدس د. أنس المصري، أن الدور المُلقى على الدول العربية والإسلامية تجاه المسجد الأقصى ومدينة القدس كبير سواء كان على المستوى الرسمي أو الشعبي.
وقال المصري في حديث معه إن هناك تقصيرًا واضحًا من المستوى الرسمي العربي تجاه الأقصى، لكونه يتخذ قراراتٍ دون تنفيذ فعلي على أرض الواقع، في المقابل هناك دور مهم ومساند للقضية الفلسطينية من المستوى الشعبي.
وأضاف: “لا نعول كثيرًا على مثل هذه القمم العربية، فهي مجرد إشارة لتحريك المياه الراكدة دون التنفيذ العملي”، مجددًا تأكيده الوصاية الأردنية للمسجد الأقصى والدور الأساسي للأوقاف الدينية الأردنية.
وشدد المصري على أن “ما يتعرض له المسجد الأقصى من اقتحامات ومحاولات التقسيم الزماني والمكاني للأقصى يتطلب قرارات أشد حزمًا وذات تطبيق عملي على أرض الواقع”.
وطالب بدعم أهل القدس دعمًا مستمرًا، وإعادة إعمار البيوت المهدمة في البلدة القديمة وغيرها من المدن المقدسية التي تئن تحت وطأة الإجراءات العنصرية الإسرائيلية، داعيًا إلى تفعيل الدور الإعلامي على المستويين العربي والإسلامي تجاه الأقصى.
وانتقد المصري عدم التطرق لمسألة التطبيع العربي مع الاحتلال التي تمثل أكبر طعنة لمدينة القدس، لكونها تمثل غطاءً لجرائم الاحتلال.