الإساءة للمسلمين في الإعلام الغربي.. ممارسات مأجورة
* المحلل السياسي الفرنسي ياسر اللواتي:
– الإعلام يلعب دورا مركزيا عندما يتعلق الأمر بالإسلاموفوبيا وأي شكل آخر من أشكال العنصرية
– وسائل الإعلام توفر منبرا للأيديولوجيات العنصرية والفاشيين الجدد وحتى النازيين الجدد
– وسائل إعلام رئيسية رأت أن غرس الخوف من المسلمين يساعد على بيع المزيد من الصحف
* الصحفي السياسي البريطاني بيتر أوبورن:
– في أعقاب هجمات 11 سبتمبر الإرهابية تم نشر تقارير خاطئة سلطت الضوء على المسلمين بشكل رهيب.
– وجدت دائما أن تلك القصص عن المسلمين كانت خاطئة، وعكس الحقيقة تماما
– زيادة التغطيات الإعلامية السلبية حول المسلمين في السنوات الماضية بمثابة “جنون إعلامي”.
شهدت ولاية غوجارات الهندية، في فبراير/شباط 2002، واحدة من أكبر المذابح في البلاد حيث قُتل أكثر من 2000 مسلم وشرد ما لا يقل عن 150 ألفا آخرين.
وقامت حشود هندوسية في أنحاء الولاية، آنذاك، بعمليات قتل وحشية واغتصاب ونهب على مدار شهور، حتى الرضع والأطفال لم يسلموا من الموت حيث شوهدت الحشود وهي تحطم رؤوس أطفال المسلمين بالحجارة.
وبحسب الخبراء، اندلعت حالة الهياج هذه بسبب تقارير إعلامية اتهمت مسلمين بإضرام النار في قطار يقل حجاج هندوس؛ في واقعة أسفرت عن مقتل 58 منهم.
وفي ذلك الوقت، ادعى ضابط شرطة بارز في الولاية، إضافة إلى وزير داخلية غوجارات هارين بانديا، أن رئيس الوزراء الهندي القومي ناريندا مودي نفسه “أمر موظفي الخدمة المدنية والشرطة بعدم الوقوف في طريق القتلة”، ويبدو أن هذه التصريحات هي التي أدت إلى مقتل بانديا في عام 2003.
وينفى مودي دائما تورطه في المجزرة، كما أنه أدان علنا أعمال الشغب التي حدثت.
حقائق بشأن التحريض
لكن في عام 2007، ألقي القبض على سياسيين وضباط شرطة ومسؤولين ورجال أعمال، على خلفية تسريب يوضح كيف قتلوا واغتصبوا المسلمين بموافقة كاملة من رؤسائهم.
وفي هذا الشأن، قال ياسر اللواتي المحلل السياسي الفرنسي والمدافع عن حقوق الإنسان والذي يرأس حاليا لجنة “العدل والحريات” (CJL) ، وهي منظمة عابرة للحدود لحقوق الإنسان والحريات المدنية، إن الإعلام “يلعب دورا مركزيا عندما يتعلق الأمر بالإسلاموفوبيا، وأي شكل آخر من أشكال العنصرية”.
وأضاف، أن الإعلام “يحرك الخطاب العام بشأن أقليات معينة”.
وأوضح اللواتي، أن وسائل الإعلام “توفر منبرا للأيديولوجيات العنصرية والفاشيين الجدد وحتى النازيين الجدد”، ليصبح بعد ذلك لديهم القدرة على الوصول إلى وسيلة عامة أوسع تتجاوز قاعدتهم المباشرة”.
وتابع: “في حالة فرنسا أو المملكة المتحدة أو الولايات المتحدة، نرى أنه في كل مرة تبدأ فيها الحكومات في استهداف الأقليات، تكون وسائل الإعلام موجودة لتضخيم هذا الخطاب”.
وأكد أن هذه الممارسات الإعلامية “تؤدي إلى مضايقة هذه الأقليات، سواء كانت عبر في وسائل الإعلام المكتوبة أو المرئية أو المسموعة، أو حتى من خلال الأفلام الرائجة”.
واعتبر اللواتي، أن “هذا النهج في الإعلام – المدعوم من الحكومات -أيضا الطريق لتشريع حالة الاستثناء الذي يستهدف هذه الأقليات ويزيد من تمكين الأشخاص الذين يريدون حمل السلاح ضدهم”.
وأضاف: “وسائل الإعلام “تلعب دورا نشطا في توسيع رقعة وتطبيع مشاعر الإسلاموفوبيا بشكل خاص”.
وفي السنوات الأخيرة، كان أحد أكثر الأمثلة وحشية على كيف تغذي وسائل الإعلام مشاعر الإسلاموفوبيا هو عندما أدت سياسات موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” وخوارزمياته في تمكين الإبادة الجماعية لمسلمي الروهنغيا في ميانمار، بعد أن روجت لخطاب الكراهية وفشل المنصة في محو المنشورات التحريضية.
ونتيجة لذلك ، يواجه فيسبوك مطالبات تعويض قيمتها تزيد عن 190 مليار دولار، على خلفية تلك القضية.
و اعترف فيسبوك في عام 2018، بأنه فشل في منع التحريض على العنف وخطاب الكراهية ضد الأقلية المسلمة (الروهنغيا) في ميانمار.
وذكر التقرير المستقل الذي أطلقته شركة التواصل الاجتماعي أن “فيسبوك أصبح وسيلة لمن يسعون لنشر الكراهية والضرر”.
ووفق جمعية أطباء بلا حدود، في عام 2017 وحده، “قُتل أكثر من 10 ألف من الروهنغيا بوحشية خلال ما يسمى بعمليات التطهير التي قام بها جيش ميانمار”.
التربح من الإسلاموفوبيا
وفي السياق، أشار اللواتي إلى أن وسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم “تدعو إلى كره الإسلام”، موضحا أن “هناك مشكلة كبيرة في الإعانات المالية من الحكومة أو أموال دافعي الضرائب لوسائل الإعلام العنصرية”.
وأضاف: “يقوم شخص ما بإلقاء خطاب عنصري ضد أقلية واحدة، يتم حظره تماما من أي منصة إعلامية، ولكن عندما يطلق شخص خطابا معاديا للمسلمين، يظل متاحا له الحديث عبر منصاتهم”.
وأشار اللواتي، إلى “تركيز ملكية الإعلام (الغربي) في أيدي نحو 10 مليارديرات، بحيث لا يسمح الوضع بتنوع الآراء، من القضايا الرئيسية”.
وأوضح أن “التصوير السلبي للمسلمين الذي يصل إلى حد كره الإسلام قد تم تشكيله ورعايته من قبل وسائل إعلام رئيسية، رأت أن غرس الخوف من المسلمين يساعد على بيع المزيد من الصحف”.
ومع ذلك، اعتبر اللواتي أن “الصحف والمذيعين ومنصات التواصل الاجتماعي ليست وحدها التي تجني وتتربح من نشر كراهية وعداء المسلمين”، مشيرا إلى أن منتجي ألعاب الفيديو “يستفيدون من الإسلاموفوبيا”.
عداء للمسلمين
بدوره، كشف بيتر أوبورن الصحفي السياسي البريطاني البارز أنه خلال عمله في مجلة “ذا سبيكتور” في أعقاب هجمات 11 سبتمبر/ أيلول “بدأ يشعر بقلق شديد بعد قراءة تقارير في الصحف البريطانية عن المسلمين والطريقة التي تم بها الحديث عن الإسلام”.
وقال أوبورن وهو ومؤلف كتاب “مصير إبراهيم: لماذا الغرب مخطئ في الإسلام” : “من الواضح أن هذه التقارير كانت خاطئة للغاية، وتم نشر عدد كبير من القصص التي سلطت الضوء على المسلمين بشكل رهيب”.
ولفت إلى أنه “خصص جزء من عمله من أجل البحث عن أسس القصص المنشورة، آنذاك، والتحدث إلى الأشخاص الذين تم تشويه سمعتهم في الصحافة البريطانية السائدة”.
وأضاف أوبورن: “لقد وجدت دائما أن تلك القصص عن المسلمين كانت خاطئة، وعكس الحقيقة تماما”.
ورأى أن الصحافة السائدة والصحف الكبرى في بريطانيا “معادية للمسلمين، انطلاقا من الطريقة التي يكتبون بها عن المسلمين.
وبحسب قوله، تجاهلت وسائل الإعلام البريطانية الرئيسية كتابه عن الإسلام، بما في ذلك هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” والصحف التي يملكها قطب الإعلام روبرت مردوخ.
وتابع أوبورن: “لا يسمحون إلا عرض زاوية واحدة من الأحداث، وهي أن الإسلام يشكل بطريقة ما تهديدا للغرب”.
وسرد أوبورن في كتابه الطرق المختلفة التي يتم بها تكوين صورة الإسلام والمسلمين في الغرب، موضحا أن وسائل الإعلام والسياسيين ومراكز الفكر “تصور المسلمين دائما بشكل سلبي”، وهو ما يعد “أمرا خطيرا”.
وأضاف على هذا النحو، فإن زيادة التغطيات الإعلامية السلبية حول المسلمين في السنوات الماضية بمثابة “جنون إعلامي”.
وضرب في كتابه مثالا على ما يسمى “مؤامرة حصان طروادة”، والتي كانت “حدثا إعلاميًا ملفقا” حيث اتُهم مدرسون مسلمون في مدارس بمنطقة ذات أغلبية مسلمة شرقي العاصمة الألمانية برلين، بمحاولة الاستيلاء على المدارس.
وأردف: “لم يكن هناك مثل هذه المؤامرة، ولكن كان هناك نوع من الجنون الإعلامي”، مؤكدا أنه بعد التحقيقات “لم تثبت إدانة المسلمين، إلا أن الواقعة ألحقت ضررا جسيم بالمجتمع”.
واستدرك أن المسلمين في الدول الغربية – حتى إن عاشوا في هذه الدول لأجيال أو قرون- فلا يزال يتم تصويرهم من قبل وسائل الإعلام على أنهم أشخاص “يمثلون بطبيعتهم تهديدا محليا وكيانا أجنبيا، يجب التعامل معهم من خلال الإجراءات الأكثر استثنائية”.