عام على اغتيال شيرين.. متى تحاسب دولة الاحتلال؟
– مراسلة قناة “الجزيرة” قُتلت برصاصة في الرأس خلال تغطيتها اقتحاما نفذه جيش الاحتلال الإسرائيلي في مخيم جنين شمالي الضفة الغربية
– مساعد وزير الخارجية الفلسطيني أحمد الديك: نحث باستمرار على الإسراع بإنهاء التحقيقات بشأن القضية
عام مَرَّ على قتل الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، وما يزال من ضغط على الزناد حرا دون محاكمة.. هذا ما يقوله أصدقاء وزملاء شيرين.
ومنذ أيام تعج حسابات فلسطينية كثيرة على وسائل التواصل الاجتماعي، ولاسيما حسابات صحفيين، بصور ومقاطع مصورة لشيرين مراسلة قناة “الجزيرة” القطرية.
وصباح اليوم الخميس، وضع أصدقاء وزملاء شيرين في “الجزيرة” أكاليل الورود على ضريحها في مدينة القدس المحتلة.
وقُتلت شيرين في 11 مايو/أيار 2022، وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إنها أُصيبت برصاصة في الرأس أثناء تغطيتها عملية اقتحام نفذها الجيش الإسرائيلي في مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين شمالي الضفة الغربية.
لكن الحكومة الإسرائيلية اتهمت آنذاك مسلحين فلسطينيين بالمسؤولية عن قتلها، عبر بث مقطع فيديو يظهر مسلحين يطلقون النار على هدف غير واضح.
ولاحقا، تراجعت إسرائيل عن موقفها، وقالت إنها لا تستطيع الجزم بمصدر إطلاق النار.
وطلبت إسرائيل من السلطة الفلسطينية تسليمها الرصاصة التي تسببت بمقتل شيرين لإجراء فحص جنائي عليها، لكن السلطة رفضت وقالت إنها لا تثق بإسرائيل وطالبت بتحقيق دولي مستقل.
وفي 26 مايو/ أيار 2022، أعلنت النيابة الفلسطينية نتائج تحقيقات أجرتها وخلصت إلى أن شيرين قُتلت برصاص قناص إسرائيلي “دون تحذير مسبق”.
وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، خلص تحقيق أجراه الجيش الإسرائيلي إلى أنه “لا يمكن بصورة جازمة تحديد من كان وراء مقتل شيرين أبو عاقلة، رغم وجود احتمال كبير في أن تكون قُتلت بنيران خاطئة للجيش”، معتبرا في الوقت نفسه أن احتمال مقتلها بنيران مسلحين فلسطينيين “لا يزال قائما”.
ورفضت إسرائيل، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، إطلاق مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي “إف بي آي” (FBI) تحقيقا في مقتل شيرين، معتبرة أنه “خطأ فادح” وتعهدت بعدم التعاون معه.
شيرين لم تغب
مشددةً على أن زميلتها “موجودة في كل تفصيله”، قالت رانية زباينة، صحفية فلسطينية في “الجزيرة” الإنجليزية، إن “شيرين لم تغب يوما من 12 شهرا، مثل شيرين من الصعب أن تنسى، جمعتها علاقات طيبة مع الجميع، تركت أثرا في كل صحفي فلسطيني”.
وتابعت أن “أفكر أن الامتحان لنا كصحفيين هو إبقاء صوت شيرين عاليا ليتم محاسبة قتلتها”.
رانية أردفت: “ما يزال القاتل حرا، بالرغم من مكانة شيرين وسمعتها وشهرتها الطويلة على مدار السنوات وخلفها الجزيرة مؤسسة كبيرة”.
تحقيق العدالة
الأستاذ والزميل الأول لشيرين هو مدير مكتب “الجزيرة” في فلسطين وليد العمري،: قال “نعمل سويا ونحاول أن نحقق العدالة لشيرين بإحضار القتلة إلى المحاكمة والمحاسبة.. ونسعى لتوفير الحماية لنا كصحفيين فلسطينيين ومكتب الجزيرة”.
وأضاف: “نريد تحقيق العدالة من المؤسسات الدولية كمحكمة الجنائية الدولية حتى لا يفقد الجيل الصاعد العدالة الدولية”.
وفي ديسمبر/ كانون الأول الماضي، سلَّمت “الجزيرة” إلى المحكمة الجنائية الدولية (مقرها بمدينة لاهاي في هولندا) ملفا يتضمن نتائج تحقيقات قالت الشبكة إنها تؤكد مسؤولية الجيش الإسرائيلي عن قتل شيرين.
وقال العمري: “نعمل مع قوى مختلفة من أجل قيام النائب العام للمحكمة بإصدار أو تشكيل لجنة تحقيق دولية أو تبني ما جاء في تقرير الجزيرة المستند إلى تحقيقات من 10جهات مختلفة تؤكد وتظهر الحقيقة للجميع”.
وعن إحياء ذكرى شيرين، قال العمري إنه بدأ بوضع أكاليل من الزهور على ضريحها، ومن ثم وضع حجر الأساس لمتحف باسمها.
وتابع: “اليوم الذكرى الأولى، والحقيقة أنه مضى عام قاسٍ وصعب، الحسرة والكمد كبيرين، ومازال الوضع غاية في الوجع، والألم كبير، تركت شيرين فجوة هائلة لا يمكن ردمها في القريب العاجل”.
تقاعس المحكمة
على المستوى الرسمي، شدد مساعد وزير الخارجية الفلسطيني أحمد الديك، في تصريح، على أن “جريمة قتل شيرين أبو عاقلة لن تسقط بالتقادم”.
وأضاف أنهم أحالوا رسميا ملف شيرين إلى الجنائية الدولية في حينه، مضيفا: “نتابع الملف مع المكتب المدعي العام”.
وأكد أن وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي يثير الملف دوما في اجتماعاته مع الجنائية الدولية وغيرها من الاجتماعات.
ومضى قائلا: “نحث باستمرار على سرعة الانتهاء من التحقيقات بشأن القضية”.
من الهندسة إلى الإعلام
في 1971 ولدت شيرين بالقدس المحتلة، وأكملت دراستها الثانوية في مدرسة راهبات الوردية في بلدة بيت حنينا.
توجهت إلى الأردن والتحقت بجامعة العلوم والتكنولوجيا لدراسة الهندسة المدنية، بناء على رغبة عائلتها، لكنها لم تجد نفسها في هذا التخصص، كما صرحت في مقابلات صحفية.
وبعد نحو عام من دراسة الهندسة، انتقلت إلى جامعة اليرموك، ومنها حصلت على درجة البكالوريوس في الصحافة المكتوبة.
وعملت في وسائل إعلام محلية وعالمية، بينها إذاعتا صوت فلسطين (حكومية) ومونت كارلو، حتى التحقت بقناة “الجزيرة” عام 1997، وعلى مدى عقدين ونصف عُرفت بتغطياتها لأغلب أحداث فلسطين وإسرائيل.