مباحثات جدة.. هل تضع حدا لمواجهات السودان وتفتح طريق الحل السياسي؟
قال السفير الأميركي السابق في السودان تيموثي كارني إن المباحثات التي بدأت في جدة بين طرفي النزاع بالسودان، تركز في الأساس على إيجاد حل للأزمة الإنسانية المتفاقمة والناتجة عن الصراع، ولا تستهدف الوصول لحل شامل.
وأوضح -في حديثه لبرنامج “ما وراء الخبر” (2023/5/6)- أن هناك مرحلتين لهذه المباحثات، أولاهما ما بدأ اليوم ولم تنته جلسته الأولى لنتيجة، وهي تستهدف خلق ممرات إنسانية للتعامل مع الاحتياجات الإنسانية للشعب السوداني، ولذلك وصفت بأنها مرحلة ما قبل المفاوضات، لافتا إلى أنها لن تناقش الجوانب العسكرية والسياسية للنزاع.
يأتي ذلك على خلفية بدء ممثلين عن الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، مباحثات ظهر اليوم السبت بمدينة جدة، في إطار المبادرة السعودية الأميركية لحل النزاع في السودان، حيث رحب بيان أميركي سعودي بما أسماها “محادثات ما قبل التفاوض”، ودعا لمواصلة تنسيق دعم التفاوض الموسع، الذي يشمل جميع الأحزاب السودانية.
وكان مصدر من الجيش السوداني قال للجزيرة، إن قبول التفاوض يأتي استجابة للمبادرة الأميركية السعودية، وإنه سيكون في القضايا العسكرية والإنسانية فقط، مؤكدا أن محادثات جدة لا علاقة لها بأي اتفاق نهائي لوقف إطلاق النار، أو إنهاء الأزمة في البلاد.
فيما رحب قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان حميدتي، بالبيان السعودي الأميركي المشترك، وشدد في تغريدة عبر تويتر، على ما سماه موقفه الثابت بضرورة الوصول إلى حكومة انتقالية مدنية، تؤسس لتحول ديمقراطي.
تطور في المواقف
ويرى كارني في حديثه لما وراء الخبر، أن المختلف في هذه المباحثات رغم انحصارها في الجانب الإنساني، أنها ستقوم على حديث مباشر بين الطرفين، بدل الحديث الذي كان يجري عبر وسائل الاعلام، وهو تطور في الموقف يفتح مجالا للأمل في الاستمرار حتى الوصول إلى وقف شامل لإطلاق النار، والدخول في مفاوضات سياسية.
واتفق السفير الأميركي السابق، مع ربط تهديدات واشنطن بفرض عقوبات تطال شخصيات في السودان، ببدء هذه المباحثات، مؤكدا ضرورة وجود ضغط دولي على الجانبين يدفع لإحداث قناعة لديهما بأنه لن يستطيع أي منهما تحقيق نصر عسكري حاسم، ومن ثم ليس أمامهما إلا الجلوس لمائدة المفاوضات
وفي السياق، قالت القوى المدنية الموقعة على الاتفاق الإطاري في بيان، إنها تأمل أن تقود مباحثات جدة إلى وقف القتال ومعالجة الأوضاع الإنسانية، بما يمهد لحل سلمي سياسي مستدام، داعية كلا من الجيش والدعم السريع إلى اتخاذ قرارات شجاعة، تنتصر لصوت الحكمة، لوقف القتال والمعاناة التي يعيشها الشعب السوداني.
مباحثات إنسانية
بدوره، أكد الفريق أول فتح الرحمن محيي الدين، قائد قوات البحرية السودانية سابقا، أن الجيش، لم يذهب إلى جدة إلا لإجراء مباحثات تستهدف تحسين حياة المواطن السوداني ومعالجة الأزمة الإنسانية المتفاقمة في البلاد.
وأضاف، في حديثه لبرنامج “ما وراء الخبر”، أن الوضع الإنساني لم يتحسن رغم عقد 7 هدن، وهو ما تطلب البحث عن مسار آخر لإجبار العناصر المتمردة على ترك المؤسسات والهيئات الحيوية والأحياء السكنية، حتى يتسنى تحقيق هذا الهدف، مشددا على أن موقف الجيش بعدم الدخول في مفاوضات سياسية مباشرة، واضح ولم يتغير.
وتابع بأن القوات المسلحة لديها فرق متخصصة لم يتم استخدامها حتى الآن، وأنه إذا لم تؤت هذه المباحثات أكلها، فستلجأ لها القوات المسلحة لاحقا، مع الحرص على ألا يؤدي ذلك لوقوع خسائر كبيرة.
في المقابل، قال حافظ كبير، الكاتب والمحلل السياسي السوداني، إن أهداف التفاوض التي يعلنها الجيش، لا تتفق مع أي عملية تفاوضية، كما أنها لا تستحق الذهاب إلى جدة بوفود للتباحث حولها، حيث يمكن الاتفاق عليها عبر وساطات دولية.
ورأى في حديثه لما وراء الخبر، أن الهدف الأساسي لهذه المباحثات هو الوصول إلى اتفاق نهائي، ومعالجة أسباب الصراع الحاصل وليس تداعياته، مشددا على أنه إذا لم تعالج تلك الأسباب، فأي برنامج جزئي لن يتحقق في ظل أجواء عدم الثقة التي تخيّم على المشهد، وأن الوصول لهذا الاتفاق الشامل لا بد أن يكون بضمانات معلومة.