الفلسطينيون بألمانيا.. ثقل الوجود وسطوة المنظمات الصهيونية
رفض الشرطة الألمانية في برلين سابقا منح الترخيص لتظاهرتين بمناسبة يوم الأسير الفلسطيني ويوم القدس العالمي، وفض تظاهرة أخرى في كولونيا بحجة معاداة السامية، أثار مخاوف فلسطينيي ألمانيا من حظر فعاليات ذكرى النكبة الفلسطينية الـ75.
وجاء في بيانٍ للشرطة الألمانية أنها رفضت ترخيصًا الاثنين الماضي، نتيجة “وجود مخاطر الكراهية والعداء للسامية وتمجيد العنف، بناء على تجربة العام الماضي والتظاهرة السابقة التي تحدثت الصحافة الألمانية عن ترديد شعارات تنادي بالموت لإسرائيل وأخرى تدعو للعنف”.
وكانت تظاهرة تضامنية مع المسجد الأقصى يوم 8 نيسان/ أبريل قد تعرضت إلى حملة انتقادات من الصحافة الألمانية وعدد من السياسيين، بسبب ترديد شعارات وصفتها الصحافة بأنها “معادية للسامية”.
وأفادت الشرطة أنها نشرت 250 عنصراً أمنياً من أجل مرافقة التظاهرة، بينهم مترجمون فوريون، دون تسجيل أي حالة اعتقال، وسمحت بتحرك المظاهرة ضمن مخطط المنظمين.
جزء من النسيج الألماني
وتقدر أعداد الجالية الفلسطينية بألمانيا بـ200 ألف فلسطيني، وفق تقارير رسمية عام 2022، ويشكلون جزءًا مهمًا من النسيج الألماني المتنوع.
ويتركز وجود أبناء الجالية الفلسطينية في المدن الألمانية: برلين، هانوفر، بون، ميونخ، هامبورغ، فرانكفورت، أيسن، قولون، فوبرتال.
ونُقل عن تقارير رسمية أن أبناء الجالية الفلسطينية ممن وصلوا مبكراً إلى ألمانيا، واجهوا صعوبة في الاندماج الكامل في المجتمع الألماني؛ بسبب اختلاف الثقافات والعادات والتقاليد.
فيما حقق الفلسطينيون اندماجاً اقتصادياً سريعًا في المجتمع الألماني، كما حقق الطلاب درجات عالية، وانصهر أبناء الجالية الفلسطينية ممن ولدوا في ألمانيا في المجتمع الألماني.
إملاءات صهيونية
الناشط الفلسطيني الدكتور عاصم قزاز يرى أن منع المظاهرات في ألمانيا وخصوصاً في برلين خضوعاً مباشراً لإملاءات منظمات صهيونية تدعم “إسرائيل” وتحرض دائماً على أي مظاهرة أو فعالية اجتماعية أو ثقافية.
وأفاد في تصريح صحفي، بأن أجندة هذه المنظمات تتقاطع مع التوجهات العنصرية واليمينية المتزايدة والتحريض ضد العرب والمسلمين ككل لذلك تحظى بدعم من القوى اليمينية والمحافظة في السياسة الألمانية وأيضاً من القوى التي تعتبر نفسها يسارية.
كما قال قزاز: إن “الأجندة التحريضية والعنصرية ضد الفلسطينيين واضحة، لكنها دائماً تتغذى على أحداث مثيرة للجدل سواء كانت مفتعلة أو حقيقية، بمعنى أنه لو كانت التظاهرة الفلسطينية صامتة ستجد هذه المنظمات طريقة ما لاتهامها بمعاداة السامية”.
وأضاف: “كفلسطينيين لسنا بحاجة لإثبات أي شيء لأنفسنا او لمجتمعنا عن طريق استخدام هتافات نعلم تماماً انها ستكون مدخلاً لاتهامات التحريض واستعمال العنف، فهذا النوع من المزاودات الفارغة هو بشكل ما تبني غير مباشر لسردية هذه المنظمات الصهيونية وانجرار لتحويل أجندتها غير المهمة واتهاماتها الفارغة من شيء هامشي، لأجندة في قلب وصلب الخطاب الذي تصدره الفعاليات الفلسطينية، وهذا شيء خطير”.
وتابع أن “هذه الحملة مرتبطة باقتراب ذكرى النكبة والفعاليات الفلسطينية لإحيائها، ومحاولات هذه المنظمات لاستخدام أي حدث سواء مركزي أو جانبي أو هتاف ما لمنع إقامة هذه الفعاليات واستمرارها وانتشارها”.
وشدد على أن معركة منع التظاهر ليست قانونية، بل سياسية، بهدف خنق الصوت الفلسطيني، وهذا ما أثبته طرد موظفي “دويتشه فيله”، فالهدف من هكذا حملات يكمن في التخويف، وإلحاق ضرر بتشويه صورة الفلسطينيين، بطريقة لا يمكن إصلاحها، فليست لديهم مشكلة باتهام منظمات يهودية تتقدم بترخيص تظاهرات مناصرة للقضية الفلسطينية، بمعاداة السامية.
مراحل وصول الفلسطينيين إلى ألمانيا
ووصل الفلسطينيون إلى ألمانيا على أربع مراحل، وفق تقارير رسمية اطلع عليها مراسلنا؛ المرحلة الأولى: قدم أوائل الفلسطينيين إلى ألمانيا في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، في الخمسينيات، وكانوا بضع مئات من الطلاب، وحققوا وجودًا في المجتمع وانصهروا به بشكل قوي.
أما المرحلة الثانية فهي وصول موجة جديدة من الفلسطينيين في أواخر الستينيات وبداية السبعينيات، ولم تقتصر على الطلاب، بل وصل عدد من الفلسطينيين الباحثين عن العمل من فلسطين والأردن وبعض الدول العربية الأخرى.
أما المرحلة الثالثة، وصول فلسطينيين إلى ألمانيا في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات، وجاء معظمهم من لبنان، بعد اندلاع الحرب الأهلية، والاجتياح الإسرائيلي للبنان، وتدمير مخيم النبطية عام 1978م، والحرب الإسرائيلية على لبنان عام 1982م، وارتكاب مجزرة صبرا وشاتيلا، وتلا ذلك حرب المخيمات بين عامي 1985م و1987م، ولذلك؛ غلب على هذه الموجة الطابع الجماعي الذي جاء على شكل أسر بأكملها.
والمرحلة الرابعة: جاءت الموجة الرابعة من الفلسطينيين إلى ألمانيا في أعقاب حرب الخليج الثانية، فكان معظمها من الفلسطينيين الذين خرجوا من الكويت، ووصلوا ألمانيا بحثاً عن العمل.
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام