سيناريوهات مقلقة.. هل يحل سعيد الأحزاب بعد حظر “النهضة والخلاص”؟
مثّل قرار وقف اجتماعات “حركة النهضة”، ووضع مقرها المركزي على ذمة التفتيش، إضافة إلى منع تجمعات جبهة “الخلاص” الوطني وغلق جميع مقراتهم، بمثابة ناقوس خطر بات ينذر بقرب حل الأحزاب تدريجيا وفق متابعين للشأن السياسي بتونس.
في المقابل، أكدت شخصيات سياسية مساندة للرئيس قيس سعيد أبرزها حزب حركة “الشعب”، أن “حل الأحزاب في تونس غير صحيح ولا يوجد توجه نحو ذلك”، مشيرة إلى أن “الأمر غير وارد بالمرة ودليل ذلك أن الأحزاب ممثلة في البرلمان الجديد وهي في تواصل مع الرئيس قيس سعيد”.
ومع إعلان الإجراءات الاستثنائية بتاريخ 25 تموز/ يوليو2021، بدأ دور الأحزاب السياسية يتقلص في المشهد السياسي، وبرز خاصة مع تجاهلها في مبادرة الحوار الوطني الذي أطلقها سعيد، وكذلك غياب اللقاءات الرسمية معها ومقاطعة أغلبها للانتخابات التشريعية المبكرة الأخيرة والتصويت في الاستفتاء.
اتجاه نحو الحل
اعتبر عضو المكتب التنفيذي لحزب حركة ” النهضة العجمي الوريمي أن “الرئيس لا يؤمن بالأحزاب والكيانات الوسيطة وأن موقفه ليس فيه تفريق بين الأحزاب”.
وقال الوريمي إن حل الأحزاب السياسية بقرار إداري أو سياسي غير وارد وهو غير قانوني وغير دستوري، والتجربة أكدت إلى حد الآن أنه لا يمكن وضع الأحزاب بين قوسين أو تصور حياة سياسية من دونها ودون تنظيمات سياسية”.
وحذر العجمي الوريمي من أن “البديل عن الأحزاب والمجتمع المدني هو التوحش والانتكاس إلى حالة ما قبل السياسة”.
ودعا الوريمي أنصار قيس سعيد إلى أن “يتهيكلوا وينتقلوا إلى التنظيم والالتزام بالقانون وبقواعد التعامل والتنافس الديمقراطي عوض تخريب الحياة السياسية والحزبية بنزعاتهم الفوضوية وتقديسهم للعفوية واللاتنظيم” على حد تعبيره.
وأضاف: “في تقديري “النهضة” باقية وستتطور والديمقراطية عائدة مبرأة من تشوهات الماضي ولن نقبل ولا غيرنا بنسف مكتسبات ضحت من أجلها أجيال من الوطنيين والمناضلين ومنها الحق في التنظيم والمشاركة السياسية “.
بدوره قال القيادي بحزب “العمال” المعارض عمار عمروسية، إن “المؤكد قبل كل شيء أن رئيس الدولة ومنذ 25 يوليو استفرد بالحكم بطريقة وقحة بالاعتماد المباشر على الأجهزة الصلبة للدولة وبتدجين القضاء”، على حد تعبيره.
ورأى عمروسية أن ” خارطة طريق سعيد هي لبناء حكم استبدادي كتب دستور بنفسه ولنفسه، انتخابات أيضا، وفي المدة الأخيرة بدأت وتائر التضييق على الحقوق الحريات والتنظيم وباتت تحت مرمى قيس سعيد”.
وأكد عمروسية أن الخطوة الأخيرة التي تقوم على تجميد نشاط أو تعليق نشاط هو تدرج نحو إلغاء كل الأجسام الوسيطة، والفكر الشعبوي معروف أنه يقوم على العداء الصريح لكل الأحزاب والتنظيمات النقابية”.
واعتبر عمروسية أن خطوة سعيد الأخيرة ضد “النهضة” و”الخلاص” متقدمة وتفتح الباب على فرضية الالتفاف النهائي على الأجسام الوسيطة وأبرزها الأحزاب “.
وشدد النقابي عمار عمروسية على أن الالتفاف على الحقوق والحريات سيكون محل صراع ومقاومة من المجتمع المدني والحزبي على الرغم من التشتت الحاصل.
وأضاف القيادي بحزب “العمال”: “تونس في حالة فرز حقيقي وسيتشكل مشهد جديد رغم كل الصعوبات والطاولة ستنقلب على الاستبداد والدكتاتورية”.
ماذا يقول القانون؟
يوجد في تونس مرسوم خاص بتنظيم الأحزاب السياسية وهو عدد 87 لعام 2011 مؤرخ في 24 أيلول /سبتمبر، يشمل 6 أبواب وينظم كل باب عبر عدة فصول واضحة.
وعرفت تونس ما بعد سنوات الثورة تعددية حزبية غير مسبوقة بالنظر إلى حكم الرئيس الراحل بن علي حيث غلب على المشهد سيطرت الحزب الواحد تجلى في “الحزب الدستور الحر”، وتظهر الأرقام الرسمية أنه وإلى حدود آواخر سنة 2022 فأن عدد الأحزاب التي تم منحها التأشيرة القانونية قد بلغ 248 حزبا من عائلات فكرية وسياسية مختلفة.
قال أستاذ القانون الدستوري خالد الدبابي، إن “في الحقيقة سمعنا في المدة الأخيرة حديثا عن حل الأحزاب، ولكن علينا العودة للمبادئ القانونية المتعارفة عليها وهي أنه لا يمكن حل الأحزاب بمقتضى مرسوم أو أمر أو قرار أحادي من أي مؤسسة كانت”.
وأكد الأستاذ الدبابي في تصريح صحفي، مرسوم 2011 والمتعلق بالأحزاب مازال نافذا وساري المفعول فهو ضبط حالات الحل والذي لا يكون إلا عبر القضاء وليس بقرار السلطة حتى وإن كانت تنفيذية وبإرادة أحادية”.
وفسر الأستاذ أن الأحزاب التي بها إشكال تمويل أو في التسيير أو شبهات خرق القانون أو التآمر على أمن الدولة لا يتم الفصل فيها إلا عبر القضاء لا بطريقة منفردة “.
وأضاف: “نعيد ونكرر لا يمكن أن تكون هناك حياة سياسية دون وجود أحزاب، مسار الشيطنة لها يجب أن يتوقف ونحتكم للعقل واحترام القانون”.