تقرير: خارطة الطريق.. هل يقترب اليمن من سلام دائم؟
كشف مصدر حكومي يمني عن ملامح مسودة خارطة الطريق لتحقيق السلام في اليمن، والتي طرحتها السعودية على الحكومة والحوثيين خلال الأيام الماضية.
وحسب المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، فإن الخارطة المطروحة هي ثمرة مشاورات طويلة في سلطنة عمان تتكون من ثلاث مراحل لها إجراءاتها ومؤشراتها.
فالمرحلة الأولى التي مدتها ستة أشهر، تشمل بنوداً واسعة أهمها توقف كافة العمليات الحربية في أنحاء البلاد، بالتزامن مع تشكيل فرق تفاوض سياسي، مع انجاز الملفات الإنسانية الملحة.
ويوضح المصدر أن أبرز مؤشرات هذه المرحلة، هو المفاوضات بوتيرة عالية مع زيارة الوفدين السعودي والعماني إلى صنعاء ولقاء قيادة جماعة الحوثي، والذي يُتوقع أن تسفر عن تجميد العمليات العسكرية وصرف المرتبات والتمهيد لمفاوضات شاملة.
وأيضا من المتوقع أن تسفر عن استمرار ما بدأ تنفيذه بعملية إطلاق أكثر من 800 معتقل وأسير انتهت الأحد الماضي، والاتجاه لحل خزان النفط المتهالك “صافر” وربما انسياب حركة الملاحة البحرية واستئناف تصدير النفط، وفتح المطارات.
وحسب المصدر، فإن المرحلة الثانية للخارطة المقترحة تمتد من شهرين إلى ستة أشهر يتم فيها تشكيل لجان الحوار، لتبدأ بعدها المرحلة الثالثة مباشرة، وهي مرحلة انتقالية مدتها من سنتين إلى خمس، يتم فيها عملية تفاوضية سياسية للحل الشامل في البلاد تكون الأمم المتحدة ميسرة، وتنتهي هذه المرحلة بإجراء انتخابات عامة.
تعقيدات
في اجتماع الحكومة اليمنية الثلاثاء الماضي، طرح رئيسها معين عبدالملك المقترحات المطروحة لخارطة الطريق نحو إحياء مسار السلام، والتي ترعاها السعودية امتدادا لمبادرتهم المعلنة في مارس 2021.
وحسب وكالة “سبأ” الحكومية، ناقشت الحكومة رؤيتها للتعاطي مع المقترحات وفق كل الاحتمالات، وجددت دعم جهود المملكة وكافة الجهود والمساعي الحميدة الإقليمية والدولية الهادفة إلى إنهاء الأزمة اليمنية وتحقيق السلام الشامل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها.
لكن مصدر حكومي كشف للأناضول أن الحوثيين رفعوا سقف مطالبهم لتحقيق مكاسب أكبر، ادراكاً منهم أن التحالف العربي اتخذ قرار السلم، وأن الحوثي يريد الاعتراف به أولاً كطرف شرعي، دون أن يسلم السلاح أو أي منطقة مما تحت يده، بل إنه يريد أن يكون شريكاً في الموارد والتعويضات بنسبة كبيرة.
مرجعيات
بيان وزارة الخارجية السعودية في 18 أبريل، أشار إلى مساعي إحياء العملية السياسية والتوصل إلى حل سياسي شامل ومستدام في اليمن، وفق المرجعيات المتفق عليها وطنياً ودولياً وتحت إشراف الأمم المتحدة، دون الإشارة إلى هذه المرجعيات وإذا ما كانت هي التي وردت في بيانات الحكومة اليمنية والتحالف ومجلس الأمن خلال سنوات الحرب الثمان.
والمرجعيات الثلاث التي وردت في تلك البيانات هي المبادرة الخليجية آليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن وفي مقدمتها القرار 2216، وهي المرجعيات التي ترفضها جماعة الحوثي.
وفي حين كان يجري الحديث قبل زيارة الوفدين السعودي والعماني إلى صنعاء، من أن هناك مسودة سلام شاملة للأزمة يتم وضع اللمسات الأخيرة لها برعاية أممية، ساعد في إنضاجها التفاهمات السعودية الإيرانية، إلا أن تضارب التصريحات والبيانات بين الحكومة اليمنية والحوثيين يكشف عن تباينات وفجوة كبيرة، جاءت من مطالب الحوثيين بتعديلات كبيرة على المسودة.
هدنة مؤقتة أم سلام مستدام؟
المحلل السياسي اليمني ياسين التميمي، لا يرى أن الطريق ممهد للوصول إلى السلام في اليمن، بالنظر إلى (الاختلال الفاضح) في معادلة الصراع.
ويقول، إن هناك توجه لتكريس نفوذ أطراف بعينها في صنع السلام الذي لا يراه حقيقياً، لأنه باعتقاد، أخرج السلطة الشرعية والغالبية العظمى من الشعب والقوى السياسية من معادلة الحل.
ويذهب التميمي إلى أن هذا يعني أن مخرجات الحل تنمي بالضرورة أثقال جديدة وعنيفة، وستنتج عنها دورات صراع.
ويؤكد أن مرجعيات السلام واضحة وهي وحدها كفيلة بالوصول إلى السلام عبر إنفاذ استحقاقات العملية السياسية التي أجهضها انقلاب وتمرد 21 أيلول/سبتمبر 2014.
بناء السلام واحتمالات الفشل
رئيس مركز أبعاد للدراسات والبحوث، عبدالسلام محمد، يرى بأن مشكلة اليمن أكثر تعقيداً مما يُنظر إليها حالياً، على أن هدنة أو توقف الحرب سيذهب بالبلاد إلى عملية سلام مستدام، ويرجع السبب إلى أن مشكلة اليمن “متداخلة ومعقدة، خليط من مشاكل سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وفكرية”.
ويؤكد محمد، أن هذه المشاكل تحتاج وقتا طويلا جداً لبناء السلام، وأن ذلك لا بد أن يأتي مع استعادة الدولة وبناءها.
ويعتقد أن الفترة القادمة هي فترة تهدئة قد تعود بعدها الحرب وقد لا تعود، وإذا عادت لا بد من طرف يحسمها بشكل جزئي بالسيطرة على الثروات ونقاط القوة، مثل محاولة الحوثي للسيطرة على مأرب والمخا وباب المندب، أو سعي الحكومة لاستعادة صنعاء، أو يحسمها بشكل كامل.
لكنه يقول إن هذه تظل احتمالات في فشل الهدنة، باستمرار الحرب وتصاعدها، أما العمل على تحقيق عملية سلام مستدام في ظل هذا الوضع القائم، فهي بنظره “لا تحقق أي نتائج سلام، ولا يمكن أن تحدث أكثر من تهدئة”.