180 قتيلا ونحو ألفي جريح باشتباكات السودان
قُتل أكثر من 180 شخصا، وأُصيب ألف و800، خلال ثلاثة أيام من المعارك الدائرة في السودان، بين قوات الجيش، وقوات الدعم السريع؛ وذلك بحسب حصيلة أعلنتها الأمم المتحدة، مساء الإثنين، في حين شددت الآلية الثلاثية المكونة من الاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (“إيغاد”) والأمم المتحدة، على أهمية تحقيق هدنة إنسانية “ملزمة” لجميع الأطراف.
جاء ذلك في بيان نشر على موقع بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان “يونيتامس”، حيث تمت إدانة “عدم الالتزام الكامل” بالهدنة في السودان، أمس.
وأعلن رئيس بعثة الأمم المتّحدة في السودان، فولكر بيرتيس، الإثنين، سقوط أكثر من 180 قتيلا و1800. وقال بيرتيس للصحافيين في نيويورك إثر إجرائه من الخرطوم مداخلة عبر الفيديو، أمام مجلس الأمن الدولي، إنّ “الوضع مائع للغاية، لذلك يصعب القول بأي اتّجاه يميل ميزان” القوة في الميدان.
ودعت الآلية الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى “الالتزام بالهدنة، بما في ذلك ضمان أن يتم إبلاغ هذا القرار بشكل جيد عبر صفوف الطرفين”.
وأوضحت أن هذه الهدنة “ستوفر فرصة للسماح للمدنيين المحاصرين في مناطق النزاع بالحصول على المساعدة والإمدادات الحيوية، أو تلقي المساعدة الطبية أو مغادرة أماكنهم بأمان”.
وأشارت إلى أن الجيش السوداني والدعم السريع “وحدهما من يمتلكان القدرة على ضمان استمرار الهدنة الإنسانية، وضمان حماية المدنيين”.
وحذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من تداعيات الأزمة الحالية في السودان على الوضع الإنساني ووصفه بـ”الكارثي”.
وقال: “أدعو الأطراف المتصارعة في السودان إلى الوقف الفوري للأعمال العدائية، واستعادة الهدوء وبدء الحوار لحل الأزمة”.
كما أكد أن أي “تصعيد إضافي” للصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع “قد يكون مدمرا للبلاد والمنطقة”.
من جانبه، دعا البيت الأبيض إلى وقف فوري لإطلاق النار، قائلا إن المسؤولين الأميركيين على اتصال بالقادة العسكريين.
وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض: “نأسف لتصاعد العنف من الخرطوم وأماكن أخرى في السودان. ندعو إلى وقف فوري لإطلاق النار دون شروط بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع”.
ما هو الوضع على الأرض؟
في يومها الثالث على التوالي، اشتدت الاشتباكات المسلحة بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع”، الإثنين، بعدة مدن في مقدمتها العاصمة الخرطوم.
وتزايدت طلعات الطيران الحربي ودخلت الدبابات ساحة المعارك بشوارع الخرطوم، وسط صراع عنيف على مطاري الخرطوم ومروي.
ومنذ ليلة الأحد – الإثنين، لم تنقطع أصوات القصف الجوي والمدافع الأرضية في عدة مناطق بالعاصمة الخرطوم، حيث مقر القيادة العامة للجيش وحول المطار الدولي والقصر الرئاسي.
حسم معركة العاصمة
ولليوم الثالث، ما تزال أنباء الاشتباكات المستمرة داخل المدن تتضارب بين بيانات الجيش و”الدعم السريع”، غير أن الطرفين يعلنان قرب حسم المعركة بينهما.
وفي هذا السياق، قالت “الدعم السريع” في بيان، الإثنين، إنها “ماضية في طريقها لحسم معركة الشعب”، بينما يتحدث الجيش السوداني عن “الانتقال للمرحلة الأخيرة”.
وذكر الجيش في بيان، الإثنين: “انتقلنا للمرحلة الأخيرة من خطة العملية الخاصة وهي مطاردة العدو الذي تهرب عناصره حاليا في كل مكان مخلفة وراءها الأسلحة والمعدات والجرحى”.
ولحسم الصراع المسلح في العاصمة الخرطوم، أفادت تقارير إعلامية محلية بأن الجيش قطع ليلة الأحد- الإثنين، الطريق على 4 كتائب لقوات “الدعم السريع” كانت قادمة من شرقي السودان نحو الخرطوم لتعزيز موقفها في العاصمة.
ومنذ الأحد، وصلت إلى الخرطوم تعزيزات عسكرية للجيش السوداني من مدن شندي وعطبرة والأبيض، لمواجهة قوات “الدعم السريع”.
وحول “معركة الحسم”، ذكرت وزارة الخارجية السودانية في بيان، الإثنين، أن “القوات المسلحة تعتمد إستراتيجية قتالية تهدف لتقليل الخسائر وسط المدنيين والممتلكات، برغم أن هذه الإجراءات ربما تأخذ بعض الوقت”.
ضربات جويّة وبرّيّة
وأكد شهود عيان ازدياد الطلعات الجوية للطائرات الحربية ومقاتلات الهليكوبتر فوق سماء العاصمة الخرطوم، مؤكدين سماعهم لأصوات قصف في مناطق متفرقة في أحياء الخرطوم الوسطية والجنوبية، وفق ما نقلت عنهم وكالة “الأناضول” للأنباء.
ومن جانبه، قال الناطق الرسمي باسم الجيش السوداني، نبيل عبد الله ،في تصريحات إعلامية، الإثنين، إن الجيش قام بطلعات جوية “لمسنا تأثيرها فورا على أحداث اليوم، حيث أن معدل الاشتباكات في أدناها منذ اليوم الأول”.
وبجانب الطلعات الجوية المتزايدة، شهدت شوارع العاصمة الخرطوم، الإثنين، لأول مرة منذ بداية الاشتباكات، تحركا مكثفا للدبابات والمجنزرات الحربية في شوارع العاصمة الخرطوم، لا سيما في مطار الخرطوم الدولي وعلى محيط مقرات القيادة العامة للجيش السوداني، وفق شهود عيان.
ونقل ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مشاهد لدبابات تعبر عدة شوارع وسط الخرطوم.
وضع القصر الرئاسيّ
يعد القصر الرئاسي بالعاصمة الخرطوم أحد المواقع الاستراتيجية التي يسعى طرفا الصراع إلى السيطرة عليها، وسط تضارب الأنباء الواردة عن الطرفين حول حقيقة الوضع الميداني، إذ ما تزال منطقة القصر الرئاسي وسط العاصمة ساحة للمعارك المتبادلة منذ يومها الأول.
وفي وقت سابق الاثنين، أعلنت قوات “الدعم السريع” تسجيلها “انتصارات كاسحة” بمعارك ضد الجيش، وأنها بسطت “سيطرة كاملة” على القصر الجمهوري بالعاصمة الخرطوم ومحيطه.
غير أن الجيش السوداني نفى تلك المزاعم، وقال في بيان، إن “القوات المسلحة تسيطر تماما على جميع مقراتها ولا صحة لما يتم تداوله بشأن استيلاء العدو على القيادة أو بيت الضيافة أو القصر الجمهوري”.
صراع على المطارات
ومنذ بداية الأزمة المسلحة بين الطرفين، ظلت السيطرة على مطاري الخرطوم، ومروي، هدفا للعمليات العسكرية بين الجانبين.
ولليوم الثالث على التوالي، ما زال المطاران المذكوران مسرحا للعمليات العسكرية، باعتبار أهميتهما الإستراتيجية في حسم مسار الصراع الجاري.
ومنذ فجر الإثنين، شهد مطار الخرطوم الدولي وسط العاصمة الخرطوم تبادلا لإطلاق النار، وشوهدت الدبابات والآليات العسكرية تجول داخل المطار.
وبعد أن أعلن الجيش السوداني، مساء الأحد، استعادته مطار مروي من مقاتلي “الدعم السريع”، عادت الأخيرة لتعلن الإثنين سيطرتها على المطار، وسط أنباء عن اشتباكات مستمرة وسط الجانبين للسيطرة على المطار الذي يحوي قاعدة جوية عسكرية.
أزمة إنسانية متفاقمة
وخلفت الاشتباكات المسلحة المتواصلة أزمة إنسانية كبيرة وسط سكان المدن، لا سيما العاصمة الخرطوم، وسط إغلاق كامل ومكوث المواطنين في منازلهم لليوم الثالث على التوالي مع شكاوى من انقطاع الكهرباء والمياه في عدد من الأحياء، وفق شهود عيان تحدثوا للأناضول.
وذكرت “أطباء السودان” في بيان أن “المستشفيات بالعاصمة الخرطوم تعيش تحت وطأة الحرب، أوضاعا عصيبة وبالغة التعقيد من انعزال وانقطاع الإمداد من الكوادر الطبية والمعينات والمستهلكات الطبية”.
وفي السياق، ناشد أطباء السودان، الإثنين، القوات المتقاتلة للابتعاد عن المستشفيات وعدم استخدامها كدروع بشرية ومواقع عسكرية.
وقالت نقابة أطباء السودان في بيان: “في هذه الظروف العصيبة تستخدم بعض القوات المستشفيات كمناطق ارتكاز لاستهداف القوات الأخرى مما يعرض سلامة المرضى والعاملين لخطر كبير ويعرض المستشفيات لخطر القصف والتدمير”.
ومع تفاقم الصراع المسلح بين الفرقاء السودانيين، تتصاعد جهود إقليمية ودولية وأممية للدعوة إلى وقف القتال واللجوء إلى الحلول السلمية، وسط إصرار السلطات السودانية على “رفض التدخل الدولي”، كون المسألة “شأن داخلي”.
وصباح السبت، اندلعت الاشتباكات بين الجيش و”الدعم السريع” في الخرطوم، وتبادل الطرفان اتهامات ببدء كل منهما هجوما على مقار تابعة للآخر بالإضافة إلى ادعاءات بالسيطرة على مواقع تخص كل منهما، ووصف الجيش قوات “الدعم السريع” بـ”المتمردة”.
وعام 2013 جرى تشكيل “الدعم السريع” لمساندة القوات الحكومية في قتالها ضد الحركات المسلحة المتمردة في إقليم دارفور، ثم تولت مهام منها مكافحة الهجرة غير النظامية على الحدود وحفظ الأمن.