أم الفحم.. أهال يشكون أزمة السكن: “قسائم البناء للأثرياء”
أثار نشر أسعار قسائم البناء في منطقة قحاوش بمدينة أم الفحم غضب المواطنين، وذلك بعد أن وصلت تكلفة المتر الواحد إلى ألفي شيكل، إذ يصل سعر الدونم (ألف متر مربع) إلى مليوني شيكل، الأمر الذي يقض مضاجع المواطنين ولا سيما العائلات متوسطة الحال والفقيرة، والتي هي بحاجة لقسائم البناء بسبب معاناتها أزمة سكنية حادة.
وانتظرت آلاف العائلات في أم الفحم نشر تفاصيل قسائم البناء في حي قحاوش بالمدينة، والتي يصل عددها إلى 24 قسيمة لبناء 98 وحدة سكن، إثر تفاقم أزمة السكن.
وفي سياق متصل، تنتظر عشرات العائلات من أم الفحم تسليمها قسائم البناء التي اشترتها في منطقة عقادة في المدينة عام 2017، وحتى اللحظة لم تستلمها بسبب عدم اتفاق بلدية أم الفحم و”دائرة أراضي إسرائيل” وسكان حي عقادة.
وقال المختص بقضايا الأرض والمسكن، المحامي توفيق سعيد جبارين، إنه “كان من الخطأ الفادح أن تسمح بلدية أم الفحم بنشر مثل هذه المناقصة التي تعد بمثابة جريمة بالنسبة لأهالي المدينة، إذ أن سعر دونم الأرض يصل إلى مليوني شيكل وهذا غير معقول. العائلات في المدينة التي بحاجة لهذه الأراضي ليس بمقدورها أبدًا شراء أرض بهذه الأسعار التي تعد خيالية”.
وأشار إلى أنه “يوجد في المدينة ما يقارب 270 عائلة تنتظر تسليمها قسائم البناء منذ 6 أعوام، والتي اشترتها في حي عقادة. من الأجدر أن تعمل بلدية أم الفحم ودائرة الأراضي على حل مشكلة هذه العائلات، أو أن يتم تعويض المواطنين الذين اشتروا قسائم في عقادة بقسائم بديلة في منطقة قحاوش”.
جرى وتم بيعها ستكون سابقة خطيرة للمدينة وستؤدي إلى رفع أسعار الأراضي الخاصة بشكل كبير، ومن الممكن أن يصل سعر دونم الأرض في الأراضي الخاصة إلى 5 أو 6 ملايين شيكل”.
وأكد أن “الخطورة الأكبر هي أن هذه القسائم ستمتلكها قلة قليلة من أهالي المدينة من رؤوس الأموال والأغنياء، وبالمقابل المواطن الذي بحاجة لهذه القسائم سيبقى وضعه كما هو، بل من الممكن أن يزداد سواءً بسبب رفع أسعار الإيجار”.
وبخصوص طرق الاعتراضات المتوفرة أمام المواطنين، قال إنه “للأسف الشديد لا يوجد الكثير من الطرق أمام المواطنين للاعتراض، فقط عن طريق المحكمة التي تستطيع إلغاء القسائم أو تجميد تسويقها، أو عن طريق البلدية التي طلبت من دائرة الأراضي أن تنشر هذه المناقصة، ومن وضع أسعار هذه القسائم هي الشركة الاقتصادية التابعة للبلدية، إذ أنها قامت بحساب التكاليف والبلدية وافقت على الأسعار، وفي النهاية البلدية هي التي تستطيع إلغاء أو تجميد المناقصة حتى يتم تخفيض سعر القسائم”.
وبشأن ادعاء بلدية أم الفحم حول نشر الأسعار من قبل دائرة الأراضي دون موافقتها، قال جبارين إنه “لا أعتقد أن هذا صحيح، إذ أن دائرة الأراضي لا تستطيع نشر أسعار القسائم دون موافقة البلدية، أضف إلى ذلك أن هذه المناقصة موجودة منذ عدة أشهر أي أن البلدية أطلعت عليها سابقًا وكان لديها علم بأسعار المناقصة، وبحال كان للبلدية نية لإلغاء المناقصة أو تجميدها بسبب سعرها الباهظ لفعلت ذلك سابقًا، ولكن البلدية نشرت التفاصيل قبل يومين بعد الموافقة عليها”.
وحول ادعاء البلدية بعدم مساهمة الحكومة بالدعم لهذه القسائم، قال إنه “أتوقع أن السبب الأول هو الحسابات غير المنطقية للشركة الاقتصادية لتكلفة التطوير، فمن غير المعقول أن تصل تكلفة الدونم إلى مليوني شيكل من جانب التطوير، وبحال تمت المقارنة بين القسائم في حي عقادة بمنطقة جغرافية مشابهة، كانت تكلفة التطوير تصل إلى 600 شيكل للمتر المربع، وفي منطقة قحاوش يصل سعر تطوير المتر إلى ألفي شيكل. والسبب الثاني، صحيح يوجد مناطق تسمى مناطق أفضلية قومية، والتي يصل بها الدعم الحكومي إلى نسبة 50%، ولكن بحال كان دعم حكومي فسيكون أيضًا سعر تكلفة التطوير للمتر الواحد ألف شيكل وهذا أيضًا سعر مرتفع جدًا، وحتى تحصل البلدية على الدعم الحكومي يجب أن تقدم طلبا للضم إلى مناطق الأفضلية القومية، ومن ثم يتم السماح لدائرة الأراضي بنشر هذه المناقصة”.
وختم جبارين بالقول إنه “يجب على بلدية أم الفحم ورئيسها تحمّل كاملة المسؤولية في هذه القضية، والعمل بكل الطرق لتخفيض أسعار القسائم، وأيضًا تحويل هذه القسائم إلى العائلات التي تنتظر استلام قسائمها منذ 6 سنوات في حي عقادة”.
وقال سكرتير التجمع الوطني الديمقراطي في أم الفحم، أدهم جبارين، إنه “فوجئنا بنشر الشركة الاقتصادية التابعة لبلدية أم الفحم ودائرة الأراضي أسعار قسائم البناء في منطقة قحاوش، وأعتبر أن هذه القسائم أًعدت فقط لرجال الأعمال وعصابات الإجرام، لأنه من غير المعقول أن تصل تكلفة المتر الواحد إلى ألفي شيكل، بينما في منطقة عقادة، قبل سنوات قليلة، بلغ سعر المتر الواحد 600 شيكل”.
وعن أسعار القسائم، قال جبارين إنه “إذا افترضنا أن عائلة تريد شراء قسيمة مساحتها 700 متر للبناء ستكلفها مليون و700 ألف شيكل، وهذا غير منطقي، خاصةً أن العائلات تعيش بوضع اقتصادي صعب ومعظم أرباب العائلات يتراوح أجرهم الشهري بين 6 آلاف و10 آلاف شيكل”.
ولفت إلى أن “المشكلة الأساسية التي يعيشها أهالي أم الفحم بشكل خاص والمجتمع العربي بشكل عام هي المسكن، وأسعار القسائم هذه تؤدي إلى حالة من الإحباط لدى الجيل الشاب”.
وبخصوص ادعاءات بلدية أم الفحم، قال سكرتير تجمع أم الفحم إنه “للأسف الشديد، بلدية أم الفحم تستخف بعقول المواطنين، البلدية تدعي أن هذه الأسعار حددتها الشركة الاقتصادية التابعة لها ودائرة الأراضي، وهذا عذر أقبح من ذنب. واجب رئيس البلدية وحزبه البيت الفحماوي التخفيف عن المواطنين وليس زيادة العبء عليهم، وهذا كان عنوان حملة حزب البيت الفحماوي قُبيل فوز د. سمير برئاسة البلدية، ولكن الحقيقة وما يحصل على أرض الواقع هو نشر مناقصات بأسعار خيالية وباهظة ليس بمقدور المواطن تحملها”.
وعن كيفية رد المواطنين في أم الفحم على أسعار القسائم، أوضح أنه “من الضروري على المواطنين في أم الفحم التكاتف والوقوف من أجل إيقاف تسويق هذه القسائم أو تجميدها حتى يتم تخفيض أسعارها، ونشكر المحامي توفيق سعيد جبارين الذي تقدم بالتماس إلى المحكمة بهذه القضية”.
وقارن جبارين بين أسعار القسائم في البلدات اليهودية والبلدات الاستيطانية المجاورة لأم الفحم، وقال إن “القسائم في البلدات اليهودية والمستوطنات المجاورة لأم الفحم لا يصل سعرها إلى 200 ألف شيكل، لماذا نحن في أم الفحم ندفع ثمن المتر الواحد ألفي شيكل، هذا غير منطقي وغير مقبول علينا”.
وطالب سكرتير تجمع أم الفحم رئيس البلدية د. سمير محاميد بـ”إيقاف مشروع القسائم في منطقة قحاوش بشكل فوري، وبحث الدخول بمسار قانوني ضد دائرة الأراضي لتخفيض أسعار قسائم الأرض، إذ أنه في كفر قرع ومعاوية وصل سعر القسيمة إلى 250 و300 ألف شيكل، وأيضًا هنا في أم الفحم في منطقة عقادة وصل سعر القسيمة إلى 450 الف شيكل، أما في منطقة قحاوش فيبلغ سعر الدونم مليوني شيكل”.
وقال صلاح عاشور، وهو أحد المتضررين من قضية القسائم في منطقة عقادة بأم الفحم لـ”عرب 48″ إن “هذه الأسعار غير منطقية أبدًا، ومن غير الممكن أن يستطيع شاب في مقتبل العمر شراء متر أرض يصل سعره ألفي شيكل. قسائم الأراضي يجب أن تخصص للطبقة الوسطى، لا يعقل أن يبلغ سعر الدونم مليوني شيكل”.
وأضاف أن “القسائم في حي قحاوش بالمدينة تم تفصيلها لتناسب رؤوس الأموال (الحيتان)، ليست لجميع المواطنين الذين يعدون بغالبيتهم من الكادحين والعاملين الذين لا يستطيعون شراء أرض بهذه الأسعار”.
وبخصوص قسيمة بناء عاشور في حي عقادة، أوضح أنه “قبل عدة سنوات اشتريت قسيمة بناء في منطقة عقادة، حينها الشركة الاقتصادية التابعة لبلدية أم الفحم والبلدية قاما بإجبارنا على دفع سعر القسيمة خلال 30 يومًا، ومن تأخر عن تسديد المبلغ ليوم واحد دفع ضريبة عالية جدًا على المبلغ الذي كان يصل إلى 500 و600 ألف شيكل، ومنذ 6 سنوات ننتظر تسليمنا قسائمنا التي اشترينها بعد أن قمنا ببيع سيارتنا وحلّي نسائنا وأخذ قروض من أقارب وبنوك حتى نشتري قطعة أرض نعيش بها بكرامة”.
وأضاف عاشور أنه “نطالب كل من يستطيع مساعدتنا ألا يبخل علينا بمد يد العون، من رئيس البلدية وحتى أبسط مواطن في المدينة. ظُلمنا بقضية قسائم البناء في عقادة، ونطالب كل حر وشريف إزالة هذا الظلم عنا. نحن أصحاب الأراضي الذين اشترينا بحي عقادة سنعمل بكل الطرق القانونية المتاحة أمامنا لإيقاف أي مشروع يتعلق بقسائم البناء في المدينة، وذلك حتى يتم توفير حل للمشكلة والمأزق الذي علق به أصحاب القسائم بحي عقادة منذ سنوات”.
وختم عاشور حديثه بالقول إن “هناك عائلات تسكن بالأجرة منذ 20 عاما وأخرى تعيش على التنفس الاصطناعي ولا تستطيع صعود درج حتى تصل شقتها، لذلك الأولى بالبلدية تسليمنا القسائم التي اشتريناها قبل 6 سنوات”.
تعقيب رئيس بلدية أم الفحم
عقب رئيس بلدية أم الفحم، د. سمير محاميد، على قضية قسائم البناء في منطقة قحاوش بالمدينة بالقول إن “من يحدد تكاليف أعمال التطوير هو فريق التخطيط الهندسي، وتشمل الجدران في المنطقة، وشق الشوارع وتصريف المياه، ومن ثم سلطة أراضي إسرائيل تفحص أعمال التطوير ويتم تحديد التكلفة التي تشمل مساحات مفتوحة في المنطقة والأبنية العامة أيضًا”.
وعن الفرق بين القسائم بمنطقة قحاوش وعقادة وقطاين الشومر، أوضح محاميد أن “عدد القسائم في منطقة قحاوش قليل نسبيًا، بالإضافة إلى المنطقة الجغرافية وتضاريسها الصعبة وعدم وجود دعم حكومي لهذه القسائم، كل ذلك أدى إلى ارتفاع أسعار القسائم”.
وبشأن عدم توفر دعم حكومي، أوضح أنه “للأسف هذه قرارات حكومية، والحكومة هي التي قررت عدم توفير دعم حكومي لمدينة أم الفحم الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أسعار القسائم”.
وحول مدى قدرة بلدية أم الفحم على إيقاف المناقصة، قال محاميد إن “البلدية قامت بتأخير إعلان المناقصة على مدار عدة أشهر، وذلك حتى يتسنى الحصول على دعم حكومي، إذ انني قمت بإرسال رسائل خطية للعديد من الجهات الحكومية، طالبناها الحصول على دعم حكومي، والحل الوحيد لتخفيض أسعار القسائم هو تحصيل دعم حكومي”.
وبخصوص تعويض أصحاب القسائم في منطقة عقادة بقسائم في قحاوش، أوضح أن “البلدية تقدمت بطلب لدائرة الأراضي بتعويض المواطنين الذين اشتروا قسائم بمنطقة عقادة على قسائم بقحاوش، لكن دائرة الأراضي رفضت ذلك”.
وعن سبب ارتفاع الأسعار في أم الفحم قال إن “التسويق في أم الفحم يختلف عن باقي البلدات، إذ أنه في أم الفحم يتم عن طريق القرعة، أما في البلدات الأخرى فيتم عن طريق من يدفع أكثر أو المزايدة”.
المصدر: عرب 48