هل تنهي الطائرات المسيّرة عمل سلاسل التوريد العالمية التقليدية؟
زاد الاستخدام التجاري للطائرات المسيرة بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة مع توجه العديد من الأسواق الناشئة للاستفادة من تكنولوجيا الطائرات بدون طيار التجارية للتغلب على التحديات اللوجستية وإحداث ثورة في سلاسل التوريد للعديد من السلع والخدمات.
ونشر موقع “أويل برايس” تقريرًا، قال فيه إنه برغم كون الطائرات المسيرة ترتبط عادة بالاستخدام العسكري؛ غير أن شركات التجارة الإلكترونية والخدمات اللوجستية أصبحت تتطلع بشكل متزايد إلى الطائرات بدون طيار لتمكين توصيل أكثر كفاءة.
ووفق الموقع؛ فإن شركة الأبحاث “غلوبال داتا” تتوقع أن الطائرات التجارية المسيرة ستحل محل الطائرات العسكرية المسيرة باعتبارها أكبر مساهم في الإيرادات في سوق الطائرات المسيرة بحلول عام 2025، فمن المقرر – وفقًا لتقرير لشركة “كي بي في ريسيرش” للاستشارات السوقية؛ نشرته في شباط/ فبراير الماضي – أن ينمو سوق الطائرات التجارية المسيرة في العالم بمعدل نمو سنوي مركب يصل إلى 34.5 بالمئة على مدى السنوات الخمس المقبلة، وبقيمة تصل إلى 167 مليار دولار.
وأفاد الموقع بأن منطقة آسيا والمحيط الهادئ تعد هي السوق الأسرع نموًا للطائرات المسيرة؛ بفضل – جزئيًّا – صناعة الطائرات المسيرة النشطة في الصين، واندفاع الهند لتصبح رائدة عالميًا في تلك الصناعة.
فوائد التكلفة والاستدامة
وأوضح الموقع أنه برغم كون أمريكا الشمالية كانت تمثل أكبر سوق للطائرات التجارية المسيرة في عام 2021؛ فقد واجهت الأسواق المتقدمة تحديات في إنشاء شبكات توصيل شاملة للطائرات بدون طيار، وسط مخاوف بشأن السلامة والفعالية والتنظيم.
وأعطى الموقع مثالًا بخدمة التوصيل بالطائرات المسيرة، التي أعلنت عنها شركة أمازون برايم، تحت اسم “برايم إير”، في الولايات المتحدة في نهاية عام 2022، والتي واجهت العديد من العقبات، سواء ما يتعلق بلوائح إدارة الطيران الفيدرالية، أو مخاوف تتعلق بالسلامة بعد عدد من الحوادث البارزة، أو -مؤخرًا- عمليات التسريح الجماعي للقوى العاملة في الشركة.
واعتبر الموقع أنه على الرغم من بداية بعض الأسواق في استخدام الطائرات المسيرة في التوصيل التجاري فإنه واجه العديد من العثرات؛ لكن تبقى الحجة التجارية في الاعتماد على الطائرات المسيرة في التوصيل مقنعة؛ حيث تكون تلك الطائرات – في كثير من الحالات – أكثر فعالية من حيث التكلفة من الشبكات القائمة على المركبات؛ خاصة في مرحلة التوصيل النهائي التي تكلف نحو 50 بالمئة من تكاليف التوصيل اللوجستية.
وأضاف الموقع أنه يمكن أن يساعد التوصيل بالطائرات المسيرة أيضًا في تخفيف الاختناقات المرورية عن طريق تقليل عدد المركبات على الطريق، خاصة مع زيادة عدد سكان المدن في جميع أنحاء العالم؛ فقد أثبت تقرير أعدته شركة “بي دبليو سي” للاستشارات التجارية في عام 2022، أن استخدام الطائرات التجارية المسيرة في المملكة المتحدة قد وفر 22 مليار جنيه إسترليني وخفض الانبعاثات بما يقدر بنحو 2.4 مليون طن خلال الفترة 2018- 2022.
واعتبر الموقع أن الطائرات المسيرة الكهربائية الصغيرة تمثل أيضًا خطوة رئيسية نحو إزالة الكربون من قطاع النقل؛ حيث يمكن استخدامها بدلاً من مركبات محركات الاحتراق في توصيل الغالبية العظمى من الإمدادات الطبية ومشتريات التجارة الإلكترونية. إضافة إلى ذلك فإنها يمكن أن تُستخدم للشؤون الإنسانية؛ حيث تأسست شبكة “المعامل الطائرة” في عام 2016، في كل من نيبال وتنزانيا وبيرو، ولديها الآن 232 شريكًا عبر 37 دولة، وتوفر خبرة في مجال الطائرات بدون طيار والروبوتات والذكاء الاصطناعي لدعم المبادرات التي تقودها محليًا.
أساطيل الاختبار
وذكر الموقع أنه مع تحول التوصيل بالطائرات المسيرة ليصبح حقيقة واقعة في أسواق مثل الولايات المتحدة وأستراليا؛ يقوم المستثمرون والشركات الخاصة بتحديد الإمكانات الضخمة لتسليم الطائرات بدون طيار في الأسواق الناشئة، لا سيما في المناطق التي تفتقر إلى البنية التحتية الحيوية والمسافات الكبيرة بين المجتمعات تجعل الحلول اللوجستية التقليدية غير مقبولة.
ولفت الموقع إلى أن أفريقيا جنوب الصحراء، على وجه الخصوص، أصبحت سوقًا رئيسية لشركات التوصيل بالطائرات المسيرة، التي تأمل في معالجة المخاوف اللوجستية العديدة في المنطقة باستخدام التكنولوجيا؛ وقد استفادت من تأثير جائحة “كوفيد-19” على سلاسل التوريد الطبية العالمية؛ لكي تختبر تلك الشركات أساطيلها من الطائرات المسيرة لتقديم الإمدادات الطبية والخدمات الأساسية إلى مناطق نائية.
وتأسست شركة “زيب لاين” في الولايات المتحدة عام 2014، وبدأت باختبار أنظمتها من خلال تنسيق توصيل الدم وغيرها من المواد الطبية الأساسية بالطائرات المسيرة في رواندا في عام 2016. وخلال الوباء؛ ساعدت الشركة في توصيل اللقاحات في غانا، وتعمل حاليََا في سبع أسواق خمس منها أفريقية.
وفي أيار/ مايو 2022، عقدت شركة كونتيننتال درونز في غانا شراكة مع شركة “وينغ كوبتر” الألمانية لنشر 12000 طائرة lsdvm في جميع أسواق جنوب الصحراء الكبرى البالغ عددها 49 سوقًا خلال السنوات الخمس المقبلة لتمكين التسليم عند الطلب للسلع الأساسية والأدوية واللقاحات ومستلزمات المختبرات، في محاولة لمواجهة تحديات التغطية الصحية.
الإمكانات التجارية
ولفت الموقع إلى أنه لما كان نشاط التجارة الإلكترونية في الأسواق الناشئة يستفيد من التوسع في المدفوعات الرقمية والشمول المالي؛ فإن شبكات الطائرات المسيرة توفر خيارًا قابلاً للتطبيق لتسليم المنتجات التجارية؛ حيث أعلنت “غوميا” منصة التجارة الإلكترونية لعموم أفريقيا عن شراكة مع “زيب لاين” في أيلول/ سبتمبر 2022 لتسليم المنتجات عند الطلب في 11 سوقًا أفريقية تغطيها، مع برنامج تجريبي تم إطلاقه في غانا في وقت سابق من ذلك العام.
وفي أواخر عام 2022؛ أعلنت شركة “أسترال إيرال” المشغلة للطائرات بدون طيار ومقرها كينيا عن خطط لاستئجار طائرات بدون طيار من شركة تصنيع الطائرات بدون طيار ومقرها أستراليا “سووب إيرو” لتسليم المنتجات في الدولة الواقعة في شرق أفريقيا.
واختتم الموقع التقرير بالقول إنه في نفس العام وقعت شركة الخدمات الجوية العمودية الأمريكية “بريستو” خطاب نوايا مع شركة تصنيع الطائرات المسيرة الأمريكية “إيلروي إير”، لتنفيذ خطط لصالح “بريستو” لشراء 100 طائرة شحن بدون طيار لنشرها في غرب أفريقيا؛ حيث يمكن للطائرات المسيرة أن تحمل حمولات من 140 إلى 230 كغم وتقطع 480 كم ولا تتطلب بنية تحتية للهبوط، ما يجعلها بديلاً قابلاً للتطبيق عن الطائرات التقليدية المستخدمة في عمليات الشحن.