خبير إسرائيلي: حماس تعمل باستراتيجية عميقة ضدنا
قال باحث وخبير أمني واستراتيجي إسرائيلي إن حركة حماس تُدّفع “إسرائيل” ثمن الهدوء في غزة على جبهات أخرى ضمن استراتيجية معرفة عميقة لما يدور في الكيان.
وزعم الباحث في مقالة له على القناة “12” العبرية أن من السهل الاعتقاد أن إيران هي من تدير الأحداث الأخيرة في المنطقة، ومنه من السهل تجاهل أن حماس تعمل باستراتيجية واضحة عبر فهم عميق لمجريات الأمور داخل الكيان، مشيراً إلى أنها تُدفّع الكيان ثمن الهدوء الذي تحاول المحافظة عليه على جبهة غزة عبر جبهات أخرى.
وقال الكاتب إن موجة التصعيد الحالية تشبه موجة التصعيد في مايو 2021 والتي انتهت بعدوان على غزة.
وأضاف: “في حدث يُعيد للذاكرة إعلان القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف عشية عملية حارس الأسوار بخصوص نية كتائبه إطلاق الصواريخ تجاه إسرائيل، أعلن قادة حماس سلفاً وعلناً بمخططاتهم حول التصعيد الحالي، وعلى رأسهم نائب رئيس المكتب السياسي صالح العاروري أن هنالك فرصة استراتيجية تتمثل في ضعف السلطة في الضفة، والتصعيد في الضفة والأزمات الإسرائيلية الداخلية، وأن حماس مستعدة لمعركة في رمضان سواءً في غزة أو في عدة جبهات”.
ولفت الكاتب إلى أن حماس تسير وفقاً لاستراتيجية مخططة لها جيداً للمدى البعيد عبر التنسيق الكامل بين شتى الجبهات؛ حيث تستغل الحركة الفرص عبر التحريض المستمر لإشعال الأمور في الضفة والقدس عشية شهر رمضان من خلال التركيز على قضية الأقصى المتفجرة.
بينما يرى الكاتب أن التصعيد الحالي حمل عنصراً جديداً ولم يستخدم من قبل على يد حركة حماس؛ وهو تفعيل الجبهات الخارجية كلبنان، وهو أسلوب جديد تنتهجه حماس في قتالها بعد أن ركزت منذ تأسيسها على جبهة الأراضي المحتلة.
وأضاف الكاتب: “بدت حماس كمن حلّ لغز الفوضى الداخلية الإسرائيلية على مدار 4 سنوات وبشكل سريع وناجع، مع التشديد على الأشهر الثلاثة الأخيرة، فقد فهمت الحركة أن إسرائيل لا ترغب في الواقع الحالي وليست لديها القدرة على إدارة معركة واسعة في غزة؛ وبالتالي فهي مستعدة للهدوء على هذه الجبهة مع إمكانية تنفيس الضغط الذي قد يطرأ على جبهات القدس والضفة عبر إطلاق صواريخ محدودة على الغلاف”.
كما يرى الكاتب أن حماس نجحت في إجبار الكيان على الدخول في معادلة جديدة عبر عزل الجبهات – وهي خطوة سعت لها إسرائيل – إلا أن حماس فعلت ذلك على طريقتها؛ فلم تعمد إسرائيل إلى وقف التسهيلات في غزة نتيجة التصعيد الأخير سعياً لكسب الهدوء هناك”.
وقال: “حماس قررت وأملت على إسرائيل الجبهات التي ستشتعل الآن وأيها سيهدأ، يضاف إليها الآن جبهة لبنان، فصحيح أن إسرائيل زرعت الهدوء في غزة إلا أنها حصدته في لبنان في النهاية”.
فيما ينصح الكاتب بعدم التعاطي كثيراً مع شماعة أن طهران تدير كل الأحداث في المنطقة، حيث يرى بأن حماس تدير الصراع بخصوصية وسياسة بالغة التعقيد وهي بعيدة عن أن تتحول كأداة بيد النظام الإيراني.
وتسعى حماس – وفقاً للكاتب- إلى السيطرة على الساحة الفلسطينية برمتها من خلال السعي لتحقيق أهداف إستراتيجية، بينما وجدت إسرائيل نفسها في صراع مع عدة أذرع للحركة في المنطقة وكل منها على حدة، وأنه وبدلاً من تعليق الفشل الإسرائيلي على إيران فعلى إسرائيل فهم عقلية حماس وبُعدها الاستراتيجي.
تغيير أساليب العمل
وأوصى الكاتب “إسرائيل” بالتفكير خارج الصندوق تجاه حماس؛ كإعادة النظر في الثمن الاستراتيجي الكبير الذي دفعه الكيان على يد أذرع حماس في المنطقة عدا قطاع غزة.
وأضاف: “أثبت التصعيد الحالي مجددًا أنه لا يمكن شراء الأيديولوجيات بالمال، وأن حزباً ذا توجهات دينية متشددة لن يتحول إلى معتدل بعد صعوده إلى سدة الحكم؛ بل سيكون له تأثير كبير بعد سيطرته على طاقات كبيرة سعياً لتحقيق أهدافه المتطرفة”.
كما يوصي الكاتب بدراسة التشديد على خروج العمال من قطاع غزة وممارسة عقوبات معينة حال اختراق حماس للهدوء، بالإضافة للسعي لربط التحسين الاقتصادي باستعادة الأسرى من غزة وهي خطوة صرحت بها إسرائيل مع نهاية عملية حارس الأسوار في مايو 2021.
واختتم الكاتب مقالته بالتأكيد على أن الشرخ الإسرائيلي الداخلي جرّأ حماس وغيرها على الكيان وأن ذلك يزيد من فرصة اشتعال الأمور، وأن التصعيد الأخير يؤكد على الأهمية الكبيرة والاستراتيجية الكامنة في الضرر الاستراتيجي الذي ألحقته التعديلات القضائية بالأمن الإسرائيلي.