تزامنا مع تصاعد عنف المستوطنين.. أكثر من 28 ألف فلسطيني تضرروا من هدم منازلهم ومنشآتهم في 2022
بين ركام 3 منازل لعائلته سوّاها الاحتلال الإسرائيلي بالأرض في 15 فبراير/شباط الماضي كان الشاب المقدسي محمد بشير يتنقل كمن يمشي على أنقاض حياته وذكرياته.
من بوابة حديدية توصل إلى المكان في بلدة جبل المكبر بالقدس المحتلة تمكنت الجزيرة نت من العبور إلى المنازل المهدومة، حيث يُفاجأ الزائر بكلب الحراسة لا يزال في مكانه رغم أن ما كان يحرسه اندثر وتحول إلى أكوام من الحجارة.
كان محمد يتجول مع والده إبراهيم بشير فوق الركام، وبين الفينة والأخرى يشير إلى موقع المطبخ تارة والغرف الأخرى تارة أخرى، ثم نظر إلى الأعلى وصمت للحظات وهو يحدق في شجرة اللوز التي لم يقطف أحد ثمرها، وقال “لم أشعر يوما بالرغبة في قطف هذه الثمار كما الآن”.
تفوه بهذه الكلمات، لكن يديه عجزتا عن قطف أي ثمرة، فأدار ظهره وخرج بعد أن قال غاضبا “منذ عام 1992 يعاقبنا الاحتلال وهدم لنا حتى الآن 5 منازل ويهددنا بهدم السادس بعد انقضاء شهر رمضان”.
وبحجة “البناء دون ترخيص” هدم الاحتلال 4 منازل لإبراهيم بشير وأبنائه، فيما اضطرت العائلة لهدم المنزل الخامس ذاتيا تجنبا لدفع تكاليف هدمه الباهظة في حال أقدمت جرافات بلدية الاحتلال على تنفيذ ذلك.
استنزاف فهدم
استنزفت الدوائر الرسمية الإسرائيلية والمحامون والمهندسون العائلة وفقا لمحمد، ورغم أنها لم تتخلف يوما عن دفع المخالفات المترتبة عليها ورسوم المحاكم وتكاليفها فإن ذلك لم يحمِ منازلها من شبح الهدم.
“هدف الاحتلال واضح من هذه السياسة، يريد أن يطرد الشباب المقدسيين خارج المدينة باتجاه الضفة الغربية بهدف تفريغ العاصمة، لكن هذه السياسة وغيرها لن تنجح لأننا أبناء القدس وُلدنا ونحيا وسنموت فيها”، بهذه الكلمات ختم محمد بشير حديثه للجزيرة نت.
وتبلغ مساحة بلدة جبل المكبر في القدس 4 آلاف دونم (الدونم ألف متر مربع) ويسكنها 37 ألف مقدسي.
ووفقا للمستشار القانوني لمؤسسات البلدة المحامي رائد بشير، فإن 132 منزلا يتهددها خطر الهدم الإسرائيلي في أي لحظة بحجة بنائها دون ترخيص.
أرقام هدم قياسية
ووثق مكتب الاتحاد الأوروبي في القدس المحتلة ما مجموعه 953 عملية هدم أو استيلاء على مبان في محافظات الضفة الغربية وشرقي المدينة المقدسة خلال عام 2022، وهي الحصيلة الأعلى من هذه الانتهاكات منذ عام 2016.
وارتفعت نسبة المباني التي اضطر أصحابها لهدمها ذاتيا بشكل ملحوظ وفقا لتقرير أصدره الاتحاد الأوروبي، وقفزت من 34% عام 2021 إلى 51% عام 2022، بالإضافة إلى ارتفاع عدد المنشآت المستهدفة في التجمعات البدوية ومساحات الرعي.
ووفقا للتقرير، فإن أكثر من 80% من المباني المهدومة وبما يعادل 781 مبنى تقع في المناطق المصنفة “ج” (مناطق تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة وفق اتفاق أوسلو)، وتضرر 28 ألفا و446 مواطنا فلسطينيا نتيجة هدمها.
ومن بين المباني التي استهدفت خلال عام 2022 أيضا 101 مبنى أنشأها الاتحاد الأوروبي أو الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، في أعلى رقم منذ 2016.
ورصد تقرير الاتحاد أحد المعطيات المقلقة والمتعلقة بالاستيلاء على المباني بناء على الأمر العسكري “1797”، والذي يُخطر السكان من خلاله بقرار هدم منازلهم قبل 96 ساعة من التنفيذ مع إعطائهم مهلة زمنية محدودة جدا للطعن في هذا القرار قانونيا.
ولوحظ من خلال التتبع اليومي وجود توجه باستهداف المنطقتين “أ” و”ب” (منطقتان سيطرة جزئية أو كاملة للسلطة الفلسطينية) بعمليات الهدم العقابي، بالإضافة إلى أوامر الهدم التي طالت مسافر يطا جنوب الضفة الغربية حيث يعيش أكثر من ألف فلسطيني، وقرية الولجة جنوبي القدس.
وتطرق تقرير الاتحاد الأوروبي إلى ارتفاع حدة عنف المستوطنين بالتزامن مع ارتفاع عمليات الهدم.
وفي هذا الإطار، تم توثيق 849 حادثة خلال عام 2022، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 58% مقارنة بعام 2021 وزيادة بنسبة 123% مقارنة بعام 2020.