كيف يعيش المسؤولون عن غزو العراق بعد 20 عاما على الحرب؟
نشرت صحيفة الغارديان” تقريرا أعده مراسلها في واشنطن جوليان بورغر، تساءل فيه عن مصير مهندسي الحرب على العراق قبل 20 عاما، قال فيه؛ إن الرمز الرئيسي للرئيس الـ43 جورج دبليو بوش، الذي أمر بغزو العراق، لم يتحدث كثيرا عن القرار في الذكرى العشرين للحرب.
وقالت في تقرير، إن بوش الآن في الـ 76 من عمره، يعيش مع زوجته لورا في ضواحي دالاس قرب جامعة ساثرن ميثوديتس، التي أنشئ فيها معهد باسمه، وذلك بعدما تركا مزرعتهما في كروفورد بتكساس.
ويبدو أنه يعيش حياة هادئة، يرسم ويلعب الغولف ويشاهد مباريات البيسبول، ويلقي أحيانا خطابات مدفوعة الأجر. وآخر مرة تحدث فيها عن العراق علانية، كانت بالخطأ وهو يلقي خطابا في العام الماضي بدالاس، حيث هاجم “قرار رجل واحد لشن حرب غير مبررة وغزو وحشي على العراق” “أوبس، أعني أوكرانيا”، قال مصححا نفسه.
وفي مكتبة الرئيس جورج دبليو ومتحفه القريب من بيته عبارة “لا تذكر الحرب” واضحة في الجو. وبحسب “نيويورك تايمز” التي زارت المتحف، فكلمة العراق لا تظهر على الملصق المقدم للزوار.
وصاغ الأمر موقع المكتبة بالآتي: “في 2002 وبداية 2003 بدأت الولايات المتحدة بالضغط على العراق للالتزام بواجباته وتحسين حقوق الإنسان والإفراج عن السجناء وقطع علاقاته مع الإرهابيين وتدمير أسلحة الدمار الشامل”، دون الإشارة إلى أنها لم تكن موجودة. و”وصلت الأمور ذروتها في 19 آذار/مارس 2003 في عمليات عسكرية للإطاحة بصدام حسين من السلطة”.
وتحسر بوش في مذكراته على عدم العثور على أسلحة الدمار، وقال: “لم يشعر أحد بالصدمة والغضب أكثر مني عندما لم نعثر على الأسلحة، وشعرت بالغثيان كل الوقت، وفكرت بها ولا أزال”. لكنه تمسك بموقفه وأنه اتخذ القرار الصائب ولا يوجد ما يدعو للاعتذار. ورأى البعض نوعا من الندم في سلسلة من الصور للجرحى في كتاب صدر عام 2017، لكن لم يسمعه أحد من المقربين له وهو يعبر عن تكفير أو مسؤولية.
أما الثاني، فهو ديك تشيني، ويوصف عادة بأنه أقوى نائب للرئيس شهدته أمريكا في تاريخها، فقد كان القوة وراء الحرب وزار شخصيا سي آي إيه، لحث قادتها على البحث عن أدلة تورط النظام العراقي وتقديم الغطاء الاستخباراتي المطلوب للغزو.
ومثل رئيسه السابق لم يظهر ندما وأكد أن الحرب “كانت الأمر الصواب”، وأن أساليب التحقيق المعززة للمشتبه يهم، التي اعترفت الولايات المتحدة لاحقا أنها تعذيب وتم استخدامها بسبب “حاجتنا لقول المزيد وأكثر من مجرد، من فضلك”.
وهو في سن الـ 82 عاما اليوم ويقضي معظم وقته في بيته بوايومينغ ويخصص وقته لصيد السمك، وهو ما يناسب اسمه السري “صياد الصنارة”.
وعانى بسبب شراهته بالتدخين من مشاكل في القلب، وركب له جهاز خارجي لضخ الدم في شرايين القلب. ودعم حملة دونالد ترامب للرئاسة عام 2016 ولكنه ندم على ذلك، وبخاصة بعد تحدي ابنته ليز تشيني النائبة في الكونغرس ترامب بسبب الهجوم على الكونغرس في 6 كانون الثاني/يناير 2020.
وسجل شريط فيديو دعما لها ووصف فيه ترامب بالجبان و”التهديد للجمهوري”، ولا أثر له على الحزب الجمهوري وطردت ليز من مقعدها عن وايومينغ العام الماضي بعد انتصار مرشح مدعوم من ترامب عليها.
والمسؤول الثالث هو بول وولفويتز، نائب وزير الدفاع وقت الغزو، حيث بدأ بالدفع لحرب العراق مباشرة بعد هجمات 9/11، ولا يزال يلقي خطابات بمناسبات في معهد أمريكان إنتربرايز القريب من البيت الأبيض.
وهو رئيس المجلس التجاري الأمريكي- التايواني، وسافر في شباط/فبراير هذا العام إلى تاييبه وقبل وسام النجمة الجميلة. وبعد مغادرته البنتاغون في 2005، أصبح مديرا للبنك الدولي، وهو منصب أثار الغضب.
وأجبر على الاستقالة بعد عامين، بعدما وجد أنه استخدم منصبه لمصالحه الشخصية ومساعدة صديقته العاملة في البنك الدولي ورفع مرتبها. وظل متمسكا بموقف الحرب وأنها مبررة حتى بدون العثور على أسلحة دمار شامل، وعلاقة مع القاعدة، وأنه كان سيواصل عمل هذا لو لم يحدث الغزو. وقال لصحيفة “صاندي تايمز”: “كنا سنقوم بهذا السيناريو لكن بثمن أكبر نظرا للتأخير”.
أما كوندوليزا رايس، التي كانت مستشارة للأمن القومي وقت الغزو، وكانت مهمتها التوصل إلى إجماع حول السياسة داخل فريق بوش، كانت من المناصرين الأقوياء للغزو حتى مع عدم توفر أدلة قاطعة عن أسلحة الدمار الشامل وقالت: “لا نريد أن يتحول الدليل القاطع إلى غمامة مطر”.
وفي ذلك الوقت كتبت مقالا في “نيويورك تايمز” قالت فيه: “لماذا نعرف أن العراق يكذب؟”، وأصبحت وزيرة خارجية في ولاية بوش الثانية لكي تتعامل مع تداعيات الغزو، واعترفت لاحقا أنه لم يدر في خلدها تحول الأمريكيين والتحالف الذي قادته إلى محتلين في عيون العراقيين. وعادت للأكاديميا بعد خروجها من البيت الأبيض، ودرست العلوم السياسية بجامعة ستانفورد وترأست مركز هوفر فيه.
وطالما أكدت أنه لو لم تدخل السياسة لمارست عزف البيانو، لكنها التزمت بموقغها من الغزو، مؤكدة أن الأدلة بشأن امتلاك العراق أسلحة الدمار الشامل كانت غامرة. وأدى دورها في حرب العراق لتعقيدات لها، ففي عام 2014 قررت إلغاء مشاركتها في حفل تخريج بجامعة رتغرز؛ بسبب احتجاج الطلاب والأساتذة، ولكنها عادت للأضواء وظهرت في شبكات التلفزة الأمريكية لمناقشة الغزو الروسي لأوكرانيا.
بول “جيري” بريمر: كان مسؤولا في الحزب الجمهوري عندما أرسل لإدارة العراق وكرئيس لسلطة التحالف الانتقالية، ما بين الغزو وتنصيب أول حكومة عراقية بعد عام، مع أنه لم يزر البلد أبدا ولم يكن يعرف العربية. وارتبطت فترته بقرارين تركا تداعيات خطيرة على العراق، هما حل الجيش العراقي واجتثاث البعث. وزعم بريمر أن القرارين اتخذا في واشنطن و “هناك الكثير من فقدان الذاكرة التي تريح للغاية”. وبعد تقاعده تحول للرسم وعاش في فيرمونت، وعمل مرة مدربا تزلج في منتجع جبل أوكيمو بفيرمونت.
توني بلير: في الوقت الذي صمت فيه معظم قادة أمريكا من فترة بوش حول الغزو، إلا أن رئيس الوزراء البريطاني السابق الذي دعم بحماس قرار بوش دافع في مقابلة صحفية عن الغزو ورفض المقارنة مع حرب فلاديمير بوتين في أوكرانيا. وقال: “على الأقل يمكنك القول بأننا كنا نزيح ديكتاتورا ونحاول نشر الديمقراطية”.
وربط بوتين بين غزوه لأوكرانيا والعراق، لكن بلير نفى أن يكون هو وبوش عبدا الطريق للعملية الخاصة في أوكرانيا في شباط/فبراير العام الماضي. وقال: “لو لم يستخدم هذا المبرر لكان استخدم مبررا آخر”. وقال إنه لو لم يدعم الحرب لتأثرت العلاقة الخاصة بين بريطانيا والولايات المتحدة.
ورغم ترك بوش السياسة، إلا أن بلير ظل وبدون اعتذار مرتبطا بالسياسة، وأصبح ممثلا للرباعية بمكاتب في القدس حتى نهاية عمله في 2015 وأنشأ معهدا للسياسة الدولية، حيث أصبح نقطة نشاطه في السياسة الدولية والبريطانية. وأنشأ هو وزوجته مملكة عقارات في لندن ومانشستر قيمت عام 2017 بـ 27 مليون جنيه.
تيم كولينز: كان قائدا للكتبية الملكية الإيرلندية في الجيش البريطاني الغازي للعراق، وألقى خطابا حماسيا قال فيه: “نحن ذاهبون للتحرير لا الغزو، ولن نرفع أعلامنا في بلدهم”. وقال؛ إن على صدام حسين معرفة أننا أعداءه وأننا سنجلب نهاية حكمه.
وأنشأ كولينز شركة تعهدات أمنية في 2006، وأصبحت شركته محلا للتدقيق، واتهم بالمبالغة في فواتيره ورسوم تدريب قوات الأمن الأفغانية.
ونفت الشركة أي خطأ. وبالنسبة لحرب العراق قال لصحيفة “الغارديان”؛ إن العراق يحاول بناء نفسه من جديد كأمة مستقلة متحررة من التأثير الأجنبي، “ولا أعتقد أن التدخل في عام 2003 ساعدهم في هذا، وعلينا أن نكون كرماء معهم وهم يحاولون بناء حياة أفضل”.
هانز بليكس: وزير الخارجية السويدي ورئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية وكلف بمهمة تفيتش العراق ما بين 2002- 2003، وبعد 700 مهمة تفتيش تقدم بتقرير لمجلس الأمن في شباط/فبراير 2003 قال فيه؛ إن فريقه لم يعثر على أسلحة الدمار الشامل، فقط كميات صغيرة من الذخيرة البيولوجية.
وبسبب فشله تعرض لملاحقة وتحقيق من المخابرات الأمريكية التي قامت بالتنصت على بيته كما يقول، ولم تعثر على أي شيء ضده.
وهو في الـ 95 من عمره ويعيش في استوكهولم. وكانت آخر وظيفة له هي رئاسة لجنة مستشارين لبرنامج الإمارات للطاقة النووية. وفي مقابلة الشهر الماضي قال بليكس: “واحد من دروس الحرب على العراق، هي الحاجة للتمسك بالحقائق”، والتدخل الأجنبي لم ينجح وخلق الفوضى، و”الفوضى قد تكون أسوأ من الإرهاب”.
محمد سعيد الصحّاف، كان وزير الإعلام العراقي وقت الغزو، حيث أطلق تصريحات متحدية، وزعم أن القوات الأمريكية توقفت خارج بغداد، مع أنها كانت في شوارعها. وأن الجنود الأمريكيين يقتلون أنفسهم بالمئات.
وفي أخر ظهور له في 8 نيسان/إبريل، أكد أن الأمريكيين سيستلمون أو يحرقون في دباباتهم. وسلم نفسه بعد الغزو وحقق معه ثم أطلق سراحه. وانتقل لاحقا إلى الإمارات العربية المتحدة، حيث أصبح معلقا تلقزيونيا، ويبلغ من العمر 85 عاما، ولا يزال في الإمارات.