استدعاء “معركة الكرامة” ودعوات لتخزين السلاح.. إلى أين يتجه غضب الأردن من خريطة وزير إسرائيلي؟
“خارطة الأردن ليست مجرد حدود بل مفاتيح جهنم يرسمها الأردنيون بدمائهم”، تصريحات قوية أطلقها نائب رئيس الوزراء الأردني، وزير الإدارة المحلية، توفيق كريشان، في جلسة برلمانية خصصت للرد على استفزازات وزير المالية الإسرائيلي.
وتصاعد التوتر بين الأردن وإسرائيل عقب إلقاء الوزير الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش خطابا الأحد الماضي في باريس، من منصة عليها خريطة لإسرائيل تضم أراضي فلسطين المحتلة والمملكة الأردنية الهاشمية.
مثلت تصريحات نائب رئيس الوزراء الأردني تقاربا بين الموقف النيابي والحكومي من الأزمة مع إسرائيل، لتخرج الجلسة البرلمانية بتوصية بطرد السفير الإسرائيلي في عمان على خلفية الأزمة الراهنة.
ولم يكتف كريشان بالتلويح بعبارات قوية، بل استذكر معركة الكرامة بمفردات واضحة لا تحتمل التأويل، قال فيها “علمنا فيها الأعداء درسا قاسيا من البطولة الأردنية، والذين تم إذلالهم ودحرهم في ميدان الكرامة الأردنية، وقهرنا الجيش الذي كان يعتقد واهما أنه لا يقهر وذلك بأيدي صناديد الجيش والنشامى أبطال الجيش الأردني”.
الرد بالمثل
وخلال الجلسة رفع نواب أردنيون خريطة الأردن وفلسطين كاملة من البحر إلى النهر، على منصة الخطابة تحت القبة، ردا على خريطة سموتريتش في باريس التي رسمها باعتبار الأردن وفلسطين جزءا واحدا من إسرائيل.
ولا يعتقد رئيس لجنة فلسطين النيابية النائب المحامي فايز بصبوص أن حديث نائب رئيس وزراء الأردن حديث عابر يراد منه امتصاص الغضبة الأردنية، بل “هو تعبير دقيق عن موقف الأردن الرسمي تجاه حكومة بنيامين نتنياهو المتطرفة”.
يدرك بصبوص أن جوهر المعركة يتمثل في أن بنيامين نتنياهو ووزراء حكومته سعوا إلى الاشتباك مع الأردن قبل أن يصلوا إلى حكم في إسرائيل، لافتا إلى تطابق مواقف السلطتين التشريعية والتنفيذية في مواجهة حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة.
وقال بصبوص إن “المجلس النيابي سيبقى ثابتا على موقفه، وسيتخذ خطوات تصعيدية وحاسمة، بعد أن تجاوزت حكومة اليمين الإسرائيلي الحدود الحمراء”.
وجاء تصويت مجلس النواب على طرد السفير الإسرائيلي في أعقاب مؤتمر صحفي عقده وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، وصف خلاله سلوك وزير المالية الإسرائيلي “بالتحريضي والعنصري”.
الغضب الرسمي
ورغم أن مجلس النواب الأردني عادة ما يطالب بطرد السفير الإسرائيلي من عمان بينما لا تستجيب الحكومة لهذه المطالب، فإن الأمر هذه المرة يبدو مختلفا مع أن الإجراءات الأردنية ما زالت في دائرة الغضب الرسمي التقليدي.
ويطالب النائب صالح العرموطي النواب بضرورة العمل على تفعيل حقهم الدستوري، وإلزام الحكومة بنتيجة تصويت النواب، إلا أنه يستبعد أن يذهب المجلس بعيدا في مسار طرح الثقة بالحكومة إذا لم تستجب للمجلس.
وأضاف العرموطي، أن تصريح أيمن الصفدي لا يرقى إلى مستوى دماء الشهداء، معتبرا سلوك الوزير الإسرائيلي “اعتداء على سيادة الأردن”، متسائلا عن عدم تقديم الأردن شكوى لدى مجلس الأمن، “لا سيما أن المشروع الصهيوني القائم على يهودية الدولة يتحدى الأردن كاملا، بوصفه وطنا أصيلا للفلسطينيين”.
ومن جانبه، اعتبر المحلل السياسي عريب الرينتاوي، أن ما حدث نيابيا وحكوميا هو امتداد لحالة الغضب الشعبي على “حكومة العدو الإسرائيلي”.
ودعا الرينتاوي إلى ترجمة حالة الغضب الأردنية بعيدا عن البيانات الرسمية والتحول إلى سياسيات جديدة تبدأ بفك الارتباط تدريجيا، والانسحاب من مسار العقبة وشرم الشيخ وعموم الاتفاقيات مع إسرائيل.
وتحدث الرينتاوي عن خريطة طريق جديدة قابلة للتطبيق، تبدأ بتخفيض المستوى الدبلوماسي مع إسرائيل ووقف التنسيق الأمني ومقاطعة الحكومة الإسرائيلية، حينئذ سيتمكن الأردن من إحراج الحكومة الإسرائيلية دوليا.