غياب دور الشرطة يؤدي بمجموعات شبابية القيام بمحاربة الجريمة المستفحلة عبر رفع الوعي بين الشباب
رصد تقرير سعي مجموعات شبابية تشكلت في عدة بلدات عربية، إلى محاربة الجريمة المستفحلة بالمجتمع العربي من خلال تنظيم فعاليات ونشاطات تهدف لرفع الوعي داخل المدارس والبلدات وخصوصًا بين الفئات الشبابية، وذلك في ظل غياب دور الشرطة.
يأتي ذلك في وقت تشهد فيه البلدات العربية في مناطق الـ48 جرائم عنف وقتل بشكل يومي، إذ يعاني المواطنون من انعدام الأمن والأمان في الوقت الذي تتقاعس فيه الشرطة عن القيام بدورها في اجتثاث الظاهرة الآخذة بالاستفحال، سيما وأن غالبية الجرائم لم تفك رموزها وغالبا ما يتم تقييدها ضد مجهول.
وبلغت حصيلة ضحايا جرائم القتل في المجتمع العربي منذ مطلع العام 2023 ولغاية الآن، 28 قتيلا في ظل تواطؤ الشرطة وتقاعسها بالتصدي لعصابات الإجرام.
يأتي ذلك وسط تعزز شعور المجرمين بإمكانية الإفلات من العقاب، حيث يعتقد منفذو إطلاق النار أن كل شيء مباح بالنسبة لهم، علمًا بأن معظم الجرائم مرتبطة بالسوق السوداء وتصفية الحسابات بين عصابات الإجرام.
رفع الوعي ضد الجرائم
وفي مدينة طمرة، قال الشاب الناشط، محمد عواد، عن نشاط اللجان الشبابية، إنه “ارتأينا كشباب أن نحاول الوصول لمختلف الفئات الشبابية في المجتمع العربي، وذلك من أجل محاربة العنف والجريمة المستشرية فيه، وخصوصا أن معظم الضالعين في هذه الجرائم هم من الفئات العمرية الشبابية، لذلك نحن نحاول قدر الإمكان أن نصل لهؤلاء الشباب قبل دخولهم إلى عالم الإجرام”.
وفي سياق الدخول في صلح بين مجموعات متخاصمة، أشار إلى أنه “من أهدافنا على المدى البعيد التدخل في النزاعات حتى نحاول حلها أو حتى قبل حدوثها والقيام بخطوات وقائية قبل حدوث هذه النزاعات، لكننا في الوقت الحالي أي توجه يكون إلينا نقوم بتحويله إلى لجان الصلح الفاعلة في البلدات العربية ومنها لجان الصلح المحلية والقطرية”.
وحول مدى تقبل المجتمع والفئات للشباب الفاعلين في الصلح، أوضح عواد أنه “في كل مرة نتوجه لفئات معينة، يكون عادة صعوبات حول من نحن وماذا نفعل، إذ اننا نقوم بعدة طرق حتى نصل إلى هذه الفئات عن طريق أشخاص لديهم القدرة على التأثير عليهم أو عن طريق أقارب، ونستغل كل الطرق لنصل إليها من أجل التأثير بشكل إيجابي حتى نتمكن من إعادة هؤلاء الشباب إلى الطريق السليم والصحيح”.
وبخصوص كيفية استقطاب الفئات الشبابية، أضاف “نقوم بعدة خطوات للوصول إلى هؤلاء الشباب، إما عن طريق أمسيات أو التوجه إلى الطلاب في المدارس وخصوصًا طلاب المرحلة الثانوية وتوعيتهم حول العنف والجريمة، ومحاولات ملء الفراغ للشباب حتى لا يكون مجالا للتوجه لأماكن ينزف منها مجتمعنا”.
وبشأن الصعوبات التي يواجهها الشباب في لجان الإصلاح الشبابية، قال إنه “أصعب ما نواجهه هو من يريد أن يكون عنفا داخل مجتمعنا، والأجسام المعنية باستمرار العنف والجريمة في مجتمعنا، إذ أننا لا نواجه هذا الشيء بشكل مباشر، إنما بطرق أخرى وهي محاولات أخذ الفئات الشبابية التي نستقطبها، وذلك من خلال عدة وسائل ومنها إغراءات لهؤلاء الشباب، لكن نحن نحاول بشتى الطرق الحفاظ على الفئات التي استقطبناها”.
وبيّن عواد أننا “نتعاون مع عدة جهات في البلدات العربية ومنها عن طريق جهات فاعلة، أو مشاريع مدينة بلا عنف، ونعمل كجسم واحد، حتى نتغلب على الجريمة التي تفتك بمجتمعنا، صحيح أنه لا يوجد عصا سحرية تنهي الجريمة بليلة وضحاها، ولكننا نعمل ونجتهد حتى نأخذ المجتمع لمكان أفضل”.
ونوه إلى أن “انتشار الجريمة بشكل كبير يجعلك أحيانًا تشعر بالخيبة، لكن أيضًا هذا يعطينا القوة بأن نستمر، حتى ننقذ نفسا على الأقل، والتكاتف معنا من قبل المجتمع يزيدنا قوة، رغم انتشار الجريمة، حتى نصل إلى مجتمع آمن ويتمسك بالسلم الأهلي بعيدًا عن مناظر العنف”.
الوقوف جانبا لا يحل المشاكل والجرائم
ومن جانبه، قال الناشط في لجنة إفشاء السلام في أم الفحم، محمد نديم أبو شقرة، إن “وظيفتنا كشباب في لجان إفشاء السلام التركيز على الخطوة الوقائية التي تهدف إلى تفعيل الشباب، وتوجههم إلى الأماكن الصحيحة لمنع انزلاقهم إلى المحلات التي لا نريد أن يكونوا بها وهي عالم الجريمة”.
وتابع “رغم توجه العديد من الشباب للجان إفشاء السلام الشبابية لحل النزاعات، نقوم بتوجيههم للجان الصلح المحلية التي لها باع طويل وخبرة أكبر في هذا المجال، إذ أننا نعمل بشكل وقائي لمنع حدوث نزاع من خلال الفعاليات العديدة التي نقوم بها، بالإضافة إلى التوعية ضد الجريمة والعنف”.
وأشار أبو شقرة إلى أنه “نواجه العديد من الصعوبات، أهمها التنظيم لكل نشاط أو فعالية أو أمسية للتوعية ضد العنف والجريمة، لكننا على يقين بأننا بالطريق الصحيح، ونتقدم دائما بمسارنا نحو الهدف المرجو وهو أن يكون مجتمعنا خال من العنف والجريمة”.
وأكد أن “الوعي للجريمة المتفشية في مجتمعنا يزيدنا قوة وإصرار للقضاء عليها، إذ أننا نعمل ونجتهد بكل الطرق والوسائل حتى نقضي على الجريمة التي تقض مضاجعنا، بل انتشار الجريمة يجعلنا نشدد على إنهاء الجرائم في مجتمعنا العربي الذي يعاني الويلات بسبب الجرائم”.
وختم أبو شقرة بالقول إن “الوقوف جانبا لا يحل المشاكل والأزمات، بل العمل والاجتهاد بكل الطرق من الممكن أن يحل هذه المشاكل والجرائم المنتشرة في مجتمعنا العربي، لذلك فإن العمل مهم وضروري لحل العنف”.
إيجاد أطر للشباب
وقال الشاب صهيب العقبي من قلنسوة، إن “عمل الشباب في لجان الإصلاح وإفشاء السلام، لا يقتصر فقط على إفشاء السلام، إنما إيجاد أطر للشباب في ظل ما نعيشه من تفشي للجريمة، بالإضافة إلى مشاريع تعود بالفائدة على مجتمعنا ومنها تنظيم لقاءات وفعاليات مختلفة”.
وشدد على أنه “من المهم تهيئة المجتمع والشباب على تقبلهم لبعضهم البعض والتحلي بالصبر، إذ أننا عندما نتوجه إلى فئات شبابية يتم تقبلنا والترحيب بنا بطريقة مميزة، وهذا لافت ودليل على أن مجتمعنا لا يزال بخير”.
وأنهى العقبي بالقول إن “الجرائم المنتشرة في مجتمعنا تزيدنا قوة وعزيمة على العمل والنشاط، إذ أنه عندما تقع جريمة نتساءل كيف يمكن زيادة نشاطاتنا حتى نمنع الجريمة القادمة؟ وقد بدأنا بمشروعنا من أجل هدف وسنبقى نعمل على تحقيقه في القضاء على الجريمة”.
المصدر: عرب 48