المستشارة القضائية للحكومة تأمر بتجميد عزل قائد الشرطة في منطقة تل أبيب
أصدرت المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية، غالي بهاراف – ميارا، اليوم الجمعة، قرارا بتجميد إجراءات عزل قائد الشرطة الإسرائيلية في منقطة تل أبيب، الذي كان اتخذه وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، بالاتفاق مع المفتش العام للشرطة، يعقوب شبتاي، أمس الخميس.
وأشارت المستشارة القضائية إلى “مخاوف جدية بشأن شرعية وصحة الإجراءات” الرامية لعزل قائد الشرطة في منطقة في تل أبيب، عميحاي أشاد، ونقله من منصبه إلى قسم الإرشاد التابع للشرطة، خصوصا حول ما يتعلق بـ”الاعتبارات الكامنة وراء القرار وتوقيت الإعلان عنه وخلفيته”.
جاء ذلك في بيان مقتضب صدر عن مكتب المستشارة القضائية، أفادت من خلاله بأنها شرعت بإجراء فحص أولي بشأن إجراءات عزل قائد الشرطة في منطقة تل أبيب، وهو قرار اتخذه وزير الأمن القومي، على خلفية الحركة الاحتجاجية الواسعة على خطة حكومة بينامين نتنياهو لإضعاف جهاز القضاء.
وأكدت المستشارة القضائية أنه في ظل هذه الشبهات التي تحوم حول دوافع بن غفير، “أصدرت تعليماته للجهات ذات الصلة بتجميد أي قرار أو إجراء بشأن المفتش أشاد حتى الانتهاء بشكل منظم من الفحص القانوني المطلوب لدحض الشبهات. حتى استكمال التحقيق، سيبقى المفتش أشاد في منصبه”.
بن غفير يهاجم المستشارة وشبتاي يمتثل لقرارها
وفي أعقاب قرار المستشارة القضائية، شن بن غفير هجوما عنيفا عليها وقال إنها “يسارية ومنحازة وغير موضوعية، تعمل نيابة عن الحكومة السابقة، ولديها أجندة سياسية واضحة. سندرس قرارها ونتخذ القرارات وفقًا لذلك”؛ وقال إنها لم تتواصل معه قبل إصدار بيانها و”لم تسعى لفهم كيف تم اتخاذ القرار ومتى”.
وقال بن غفير إن قرار المستشارة القضائية يعتبر مؤشرا على “أهملية الإصلاح القضائي”، في إشارة إلى خطة حكومة نتنياهو لإضعاف جهاز القضائي، وتقويض سلطة المحكمة العليا، التي تنص كذلك على إضعاف سلطة المستشارين القضائيين وتعيينهم بقرارات سياسية.
من جانبه، أكد شبتاي، في بيان صدر عنه، أن قرارات المستشار القضائية للحكومة “ملزمة”، وبالتالي، أعلن أنه قرر تجميد عزل قائد منطقة تل أبيب، وقال إن الأخير “سيبقى في منصبه حتى نهاية الفحص القانوني”. في المقابل، ادعى أن “الشرطة كانت تحضر لهذه التعيينات منذ فترة طويلة”، مشددا على أن بن غفير هو من اتخذ قرارا بشأن توقيتها.
ويرى بن غفير أن أشاد، المسؤول عن عملية تأمين الاحتجاجات والمظاهرات المتواصلة المناهضة لحكومة نتنياهو، “يتساهل مع المتظاهرين” و”يستسلم للفوضويين” وذلك في ظل عمليات إغلاق الشوارع والمحاور الرئيسية في البلاد خلال المظاهرات شبه اليومية، كما يرى بن غفير أن أشاد “يتجنب استخدام القوة اللازمة لمواجهة الشغب”.
وكان قائد الشرطة في منطقة تل أبيب، أشاد، قد ظهر على شاشات القنوات الإسرائيلية، مساء أمس، الخميس، للتعليق على عملية إطلاق النار التي نفذها الشهيد معتز الخواجا وأسفرت عن إصابة ثلاثة إسرائيليين، ورفض أشاد التعليق على قرار عزله، وقال: “أنا لست الموضوع هنا… سنتعامل مع ذلك عندما يحين الوقت”.
في المقابل، قالت مصادر في قيادة الشرطة بمنطقة تل أبيب، إن الجميع تفاجأ بالقرار الذي علموا به عبر وسائل الإعلام فيما كان قائد منطقة تل أبيب وقيادات الشرطة يعملون في الميدان لـ”تأمين الاحتجاجات” الواسعة التي امتدت على مدار يوم أمس، منذ ساعات الصباح، حتى ساعات المساء المتأخرة.
مطالبة شبتاي بـ”الاستقالة”… “حوّل الشرطة إلى ميليشيا خاصة”
وعلى خلفية القرار الذي صدر بشأن عزل قائد الشرطة في منطقة تل أبيب، طالب مفوضون وقادة سابقون في الشرطة الإسرائيلية، المفتش العام للشرطة، شبتاي، بـ”الاستقالة”، وذلك في رسالة بعثوا بها إليه، واتهموه بـ”التعاون مع مجرم” في إشارة إلى بن غفير، والعمل على تحويل الجهاز إلى “ميليشيا خاصة”.
وأشارت تقارير صحافية إلى أن قرار بن غفير بعزل أشاد، تطابق مع رغبات شبتاي بالتخلص منه، في ظل المعارضة القوية التي يمارسها أشاد لقرارات شبتاي في قيادة الجهاز، وأشارت إلى أن أشاد يعتبر من أكثر القيادات في الشرطة انتقادا لشبتاي، خصوصا حول انصياعه لأوامر بن غفير بشأن تشديد القبضة الأمنية في التعامل مع الاحتجاجات.
وجاء في بيان صدر عن منتدى المفوضين والمفتشيين السابقين في جهاز الشرطة أنه “نحن، مجموعة المفوضين والمفتشين المتقاعدين، تلقينا بدهشة كبيرة قرار الوزير إقالة قائد شرطة منطقة تل أبيب نظرًا لنجاحه في إدارة احتجاجات واسعة النطاق لمدة تسعة أسابيع بحكمة وتقدير، مع تطبيق الحق في الاحتجاج من جهة، وإنفاذ القانون من جهة أخرى”.
وأضافوا “تصاعدت دهشتنا عندما اتضح لنا أنك شاركت في هذه الخطوة تحت غطاء مثير للسخرية من حركة تعيينات. سيُذكر سلوكك كواحد من أحط القرارات الذي مر في تاريخ شرطة إسرائيل. لقد تعاونت مع مجرم مُدان لتحويل الشرطة إلى ميليشيا خاصة لإرضاء النزوات السياسية للوزير المعين وكنت مشاركًا في تطهير الجهاز من قائد مهم”.
وتابعوا أنه “بهذه الأفعال فقدت الحق الأخلاقي في مواصلة قيادة ضباط الشرطة الإسرائيلية في مهامهم العديدة والمتنوعة. عليك أن تستقيل من منصبك على الفور”، ولم يعقب شبتاي على هذه الرسالة، في حين اعتبر بن غفير أنها موجهة من قبل “مجموعة من الضباط الفاشلين الذين اتحدوا بعد تدمير الشرطة ودمروا الأمن القومي وبعضهم متورط في الفساد”.
غانتس يطالب بإقالة بن غفير
وفي بيان صدر عنه اليوم، طالب وزير الأمن الإسرائيلي السابق، بيني غانتس، رئيس الحكومة، نتنياهو، بإقالة بن غفير من منصبه، مشددا على أن “السم السياسي الذي يبثه بن غفير في الشرطة يعرض مواطني إسرائيل للخطر”، وأضاف “أطالب نتنياهو بإقالته قبل وقوع الكارثة”.
وأمس، الخميس شن رئيس المعارضة الإسرائيلية، يائير لبيد، هجوما حادا على بن غفير، وقال في تغريدة على “تويتر” إنه “لم يكن هناك مثل هذا العار في تاريخ هذه الدولة. مهرج ‘تيك توك‘ يعزل ضابطا بارزًا في الشرطة لأنه لا يوجد ما يكفي من الدماء والعنف في الشوارع”.
وتزامن قرار بن غفير بشأن عزل قائد منطقة تل أبيب مع سلسلة من التغريدات صدرت عن نجل رئيس الحكومة، يائير نتنياهو، هاجم من خلالها الشرطة الإسرائيلية واتهم قياداتها بـ”التمرد”، وقال إن “بضعة آلاف من الفوضويين ليس لديهم القدرة على قطع طريق رئيسي واحد”.
وادعى نتنياهو الابن أن من يغلق الشوارع كل بضعة أيام “هي قيادة الشرطة والنيابة العامة”. وأضاف “هم يفعلون ذلك بدافع الحقد وليس بسبب العجز. إنهم يتعاونون بشكل كامل مع الفوضويين على حساب شعب إسرائيل”، واتهمهم بأنهم “المسؤولون الحقيقيون عن الفوضى الحاصلة”.
والأربعاء الماضي، طالب مفوضو شرطة سابقون في إسرائيل، رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، بعزل بن غفير من منصبه وزيرا للأمن القومي، مشددين على أن سياسته وتعليماته بهدم المنازل الفلسطينية في القدس المحتلة، خلال شهر رمضان، ستفجر “انتفاضة ثالثة”.