محللون يكشفون حقيقة لقاء العقبة والسر وراء التصعيد الإسرائيلي
لم يكد يجف حبر اجتماع العقبة حتى اقتحم عشرات المستوطنين تحت حماية قوات الاحتلال بلدة حوارة بالضفة الغربية مضرمين النيران في ممتلكات أهلها الفلسطينيين. فهل تنجح تلك التفاهمات في خفض منسوب التوتر أم تؤجج الأوضاع وتدخل المنطقة في دوامة عنف جديدة؟
ولكن تلك الاعتداءات لم تكن أول انتهاك لنتائج لقاء العقبة، فقد سبقها تنصل حكومة بنيامين نتنياهو من الالتزام بتجميد بناء الوحدات والبؤر الاستيطانية. أما بالنسبة للأطراف الراعية، فإن الاجتماع مجرد بداية تستوجب الكثير من العمل خلال الأسابيع والأشهر المقبلة من خلال التنسيق الأمني بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، لتحقيق أهدافه المعلنة بخفض التصعيد ومنع المزيد من العنف.
أما في نظر الكثير من الفلسطينيين، فالاتفاق لا يختلف عن غيره من الاتفاقات السابقة، وأن هدفه الحقيقي هو تصفية المقاومة الفلسطينية المتصاعدة في الضفة الغربية خشية تطورها إلى انتفاضة ثالثة.
تفاهمات وليس اتفاقيات
وتوضيحا لأهداف الاتفاق، قال أستاذ النزاعات الدولية في معهد الدوحة للدراسات العليا إبراهيم فريحات -في حديثه لبرنامج “سيناريوهات” (2023/3/2)- إن ما حدث في العقبة هو التوصل لتفاهمات بشأن خفض التوتر الأمني من قبل الجانبين واستمرار التنسيق بينهما، كما تم التفاهم بشأن ضرورة وقف تراخيص جديدة للمستوطنات وليس وقف النشاط الاستيطاني، معتبرا أن تصريحات نتنياهو لا تتعارض مع هذه التفاهمات.
كما شدد على أن الاتفاقيات طالما تتبع بخطوات عملية، أما التفاهمات فتقف حدودها عند وضع تصور للمرحلة القادمة وما يمكن عمله فقط. واعتبر أن الخطة التي وضعها الجنرال الأميركي مايك فنزل تتفق أيضا مع التفاهمات التي تم التوصل إليها، ولكنه أشار إلى أن هذه الخطة أمنية بحتة وتفتقر إلى الأفق السياسي.
الحقيقة وراء التصعيد
وعن ركائز الاتفاق، رأى مدير مركز مسارات لأبحاث السياسات هاني المصري أن مدخل الاجتماع كان خاطئا من الأساس، لأن التصعيد لم يكن بسبب وجود كتائب من المقاومة الفلسطينية لا تستطيع السلطة أن تسيطر عليها، بل إن السبب الرئيسي هو ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي من عمليات قتل وهدم للمنازل واعتقالات واعتداءات على الأقصى، وكذا فرض قوانين عنصرية ضد الفلسطينيين.
كما أشار إلى أنه من أسباب التصعيد أيضا هو انتقال خطاب الحكومة الإسرائيلية من إدارة الصراع وتقليصه إلى خطاب السيادة الإسرائيلية على أرضها الكاملة ضمن برنامج الضم والتهويد والتهجير، مشيرا إلى أن موافقة السلطة الفلسطينية على الدخول لهذا اللقاء دون التزامات إسرائيلية مسبقة جعلها تتمادى وترفع من حدة التصعيد.
أما على الصعيد الأميركي، أوضح المتحدث السابق باسم وزارة الخارجية الأميركية بي جي كراول أن توافقات العقبة كانت محدودة ولم يكن الهدف منها حل الصراع بشكل جذري، بل هو محاولة للعمل بشكل مشترك خلال الأشهر الستة القادمة بغية تخفيض التوتر والعودة للوضع السائد سابقا، كما كان محاولة لربط جسور الحوار بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
اتفاق كسابقيه
وفي ظل رفض أميركي معلن لسياسات حكومة نتنياهو ضد الفلسطينيين ومعارضة شعبية كبيرة ومتزايدة لسياسات حكومته، جاء اجتماع العقبة الذي رُوّج له كبادرة انفراج، لكنه اتضح سريعا أنه مجرد اتفاق كسابقيه. ولئن كان الهدف المعلن أميركيا من لقاء العقبة هو إيجاد صيغة لوقف التصعيد في الضفة، فإن ما أعقب الاجتماع من مواقف، ينذر بصعوبة تحقيق ذلك.
يذكر أن نتائج اللقاء تضمنت التزاما إسرائيليا بوقف مناقشة إقامة أي وحدات استيطانية جديدة لمدة 4 أشهر، ووقف إقرار أي بؤر استيطانية جديدة لمدة 6 أشهر. لكن نتنياهو نفسه صرح لاحقا بأن البناء الاستيطاني وتشريع البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية سيتواصلان دون أي تغيير.
ورغم نفي السلطة الفلسطينية على لسان حسين الشيخ رئيس وفد السلطة في اجتماع العقبة لوجود خطة أمنية أميركية، فإن حديثا كثيرا تداولته وسائل الإعلام العبرية عن خطة أمنية أميركية للجنرال مايك فنزل، منسق الشؤون الأمنية في السفارة الأميركية في إسرائيل.