من ينقذ الآثار والمقدسات بالقرى المهجرة؟!
انهيارات وتصدعات في العديد من المقدسات والمواقع الأثرية.. هل توجد علاقة للهزات الأرضية الأخيرة؟
- د. عبد الرازق متاني في جولة ميدانية على المقدسات والمواقع الأثرية في المناطق التي شهدت هزات ارتدادية
موطني 48| طه اغبارية
بدأ التدمير المنهجي للوجود العربي والإسلامي في هذه البلاد، مع إقامة المؤسسة الإسرائيلية، فكانت النكبة الفلسطينية واستمر نزيفها عبر حملة سطو ومحو للآثار والمقدسات الإسلامية والمسيحية، بهدف تثبيت الرواية الصهيونية على حساب الرواية والذاكرة الفلسطينية، سعيا لإيهام الذات الإسرائيلية في المقولة التي أطلقها زعماء الحركة الصهيونية في أن هذه “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض”.
إلى جانب ذلك، عملت الظواهر الطبيعية عملها في المواقع الأثرية والمقدسات، ومؤخرا تعرضت البلاد لهزات أرضية في أعقاب الزلزالين اللذان ضربا جنوب تركيا وشمال سوريا، ما يحتمل أنه ألحق المزيد من الأضرار بالمقدسات والمواقع الأثرية خاصة في منطقة بيسان وطبرية وصفد وعكا والجليل الأعلى، لا سيما أن هذه المناطق شهدت زلازل مدمرة في فترات تاريخية مختلفة.
في ظل هذا الواقع، الذي اجتمعت فيه المشاريع والمخططات الإسرائيلية لتدمير ونهب ما تبقى من مقدسات إلى جانب الظواهر الطبيعية والكوارث التي تهددها بالانهيار والاندثار، يبرز السؤال الملح في هذه المرحلة، مَن ينقذ مقدساتنا ويهرع إلى ترميمها ويواجه آلة التدمير الإسرائيلية ويحصن هذه المقدسات لمواجهة الكوارث الطبيعية؟!
باحث الآثار والمقدسات العربية والإسلامية في فلسطين، د. عبد الرازق متاني، قام بجولة قبل أيام إلى مدينة بيسان مرورا بتل الشوك حتى المسجد الفاروقي في بيسان، بعد تردد أنباء أن الزلازل التي ضربت تركيا وسوريا، ربما تكون أثّرت على عدد من المواقع الأثرية والمقدسات في الجليل الأعلى ومنطقة صفد وطبرية وبيسان، علما أن متاني وعبر مسح شامل وثّق لأهم المواقع والمساجد والكنائس، ويتفقدها بشكل دوري للاطلاع على المستجدات في بنيتها بفعل الزمن والعوامل الطبيعية.
لا يجزم متاني بالأثر المباشر للزلازل الأخيرة على المواقع الأثرية والمقدسات والمساجد والكنائس والمقامات العربية، مستدركا في حديث مع “المدينة”، أن “عشرات المواقع الأثرية والمقدسات في القرى المهجرة ومناطق طبرية وبيسان والجليل الأعلى التي همشت وطمست وتركت دون رعاية تفاقم وضعها وازداد سوءا وربما تكون لحقت بها الأضرار وتصدعات بفعل الزلزال”.
ويتخوف من أنّ الإهمال الدائم لهذه المواقع دون ترميم إلى جانب العوامل الطبيعية، سيحدث تصدعات جديدة تتفاقم مع الوقت وتعرضها لخطر الانهيار، داعيا إلى ترميمها بشكل فوري.
ولفت إلى أن المباني والمساجد والكنائس والمقامات والمقابر، في بيسان وطبرية ومنطقة صفد والغابسية والبصة، بوضع سيء جدا وكارثي وآيلة للسقوط والانهيار بسبب تقاعس السلطات الإسرائيلية ومنع صيانتها وترميمها وحظر رعايتها وتدعيمها.
وجدّد متاني دعوات أطلقها سابقا إلى “إغاثة ما تبقى من مقدسات ومواقع أثرية” محذّرا من أنه “ربما بعض الزلازل والهزات الأخيرة ضعفت بنيتها وأساساتها”، مبديا ملاحظاته في أن “المقدسات والمساجد والكنائس والمقابر والمواقع الأثرية والمباني توسعت وزادت بها التشققات والتصدعات، وهي مُعرضة للانهيار، وعليه، هي بحاجة إلى خطة إنقاذ شاملة فورية”.
وأكمل “على سبيل المثال من خلال ملاحظاتي السابقة، فإن المسجد الفاروقي، أصبح في وضع خطير بعد زلزال تركيا وسورية، وهذا يمكن معاينته بالعين المجردة، والمشاهد والحالات التي بحاجة لتوثيقها ورصدها والتأكد منها بتقنيات مهنية وعلمية أثرية للجزم بأن تداعيات الزلزال والهزات الأرضية الارتدادية أسهمت في تقويض الآثار والمقدسات في القرى المهجرة”.
بينما يواجه مسجد الزيداني والسوق في البلدة القديمة بطبرية ذات المصير الذي يعيشه مسجد الفاروقي في بيسان من توسع الشقوق والتصدعات إثر الزلزال، وهي المشاهد التي تكررت في مسجد البحر في المدينة، وشواهد المقبرة المسيحية التي لا تبعد كثيرا عن المكان.
وفي صفد، بدت المواقع الأثرية مهجورة ومطموسة، وعرضة للعوامل الطبيعية التي سرعت في تفككها كما هو الحال لبقايا الآثار العثمانية والأموية وأبرزها، قصر الوليد بن عبد الملك في خربة المنية الواقعة على الضفة الغربية لبحيرة طبرية بالقرب من بلدة الطابغة المهجرة، إذ ترك هذا القصر أسوة بمختلف المواقع الأثرية التي همشت من قبل “سلطة الآثار الإسرائيلية”، وتركت لعوامل الطبيعة وتداعيات الزلازل ولقراصنة الآثار.
هذا وطال معول النبش والحفريات مسجد ومقام النبي يوشع والمقبرة في قرية النبي يوشع المهجرة، قضاء صفد.