المئات في حفل توزيع منح الصندوق القُطري على اسم المرحومين “أحمد شريم ومريم سليمان”
توزيع 400 منحة بميزانية قدرها مليون و350 ألف شيكل
طه اغبارية
جرى عصر اليوم الجمعة، توزيع منح الصندوق القُطري لدعم التعليم العالي على اسم المرحومين “أحمد شريم ومريم سليمان” على 400 طالب وطالبة من الجامعيين من مختلف البلدات العربية، بمنحة قيمتها 3 آلاف شيكل وميزانية إجمالية هذا العام تقدر بمليون و350 ألف شيكل للمنح ودعم مشاريع أخرى يرعاها الصندوق.
جاء ذلك في احتفال كبير، استضافته قاعة “ميس الريم” في قرية عرعرة، بحضور المئات من الطلاب والطالبات الجامعيين المستحقين للمنحة إلى جانب مشاركة العديد من الأهالي وبحضور أعضاء مجلس أمناء الصندوق واللجنة الأكاديمية في الصندوق وشخصيات اعتبارية من المجتمع العربي.
استُهل الحفل بقراءة عطرة من القرآن الكريم للطالب الجامعي خليل محاجنة، فيما تولى فقرة العرافة د. ضرغام صالح جبارين، الذي رحّب بالحضور، مثنيا على مؤسس الصندوق الحاج مصطفى أحمد شريم والقائمين على هذا المشروع الضخم كصدقة جارية عن المرحومين الحاج أحمد مصطفى شريم والحاجة مريم سليمان. ودعا عريف الحفل الحضور إلى قراءة الفاتحة على روح المروحين أحمد شريم ومريم سليمان.
“حزمة من الضوء في مواجهة الظلام”
الكلمة الأولى في الحفل، كانت للسيد محمد بركة، رئيس لجنة المتابعة العليا، مرحبا الحضور وترحّم في على المرحومين أحمد شريم ومريم سليمان مشيدا بمؤسس الصندوق الحاج مصطفى شريم وعائلته، مؤكدا أنّ هذه المبادرة تتميز بالمثابرة والشهامة والكرم.
وقال بركة إن هذه المناسبة تحمل عدة عناوين تتجاوز الجانب المادي، أولها ما تمثله من نموذج لبر الوالدين حتى بعد رحيلهما، مشيرا إلى أن “هذه السمة يجب أن تميز أي مجتمع يسعى للتقدم، في ظروف تكثر فيها الانانية الشخصية والتفكك الأسري والمجتمعي”.
وأضاف أن “المناسبة عندما تعقد تحت مظلة تتعلق بتشجيع التعليم العالي فهذا يعني اننا نختار خيارا هاما ومصيريا في مجتمعنا يتعلق بالنظر إلى الأمام، خاصة في ظل التهميش والاقصاء في هذه الدولة فنحن خارج كل شيء في نظر الدولة ولم يبق لنا الا انفسنا وتقوية عناصر المناعة وفي مقدمتها التحصيل العلمي”.
وتابع بركة أن “مساحات الظلام في مجتمعنا من عنف وجريمة وانسياق وراء المؤسسة الإسرائيلية بهذا الشكل او ذاك، تأخذ مساحة في الاعلام، وهذا الاحتفال يلقي بحزمة هائلة من الضوء في مواجهة الظلام، لذلك يجب أن تحظى مثل هذه المناسبات بالعناوين في إعلامنا ومواقعنا، بدل أن يركز الإعلام على الأخبار السلبية فتجد أن شجارا بسيطا قد يحظى بالعناوين. علينا إبراز نقاط الخير في مجتمعنا وهي كثيرة، ويجب أن يكون هذا النموذج هو الرائج والذي يعمّ مجتمعنا”.
في ختام كلمته، تمنى بركة النجاح للطلاب والطالبات في مسيرتهم الجامعية، داعيا إلى أن يكونوا رأس حربة في عملية صياغة المناعة الاجتماعية والتقدم الوطني.
الأحلام تتحقق بالهمة العالية والنفس الطويل
ثم كانت كلمة للشيخ رائد صلاح رئيس لجان إفشاء السلام المنبثقة عن لجنة المتابعة، مرحبا بالحضور، وقال إن هذا الحفل المصيري يضع أساس متينا في مسيرة مجتمعنا في الداخل الفلسطيني، ودعا الله ان يتغمد بالرحمة الحاجين أحمد مصطفى شريم ومريم سليمان.
وأضاف: “نحن الآن نعيش اللقاء رقم 19 لتوزيع هذه المنح الدراسية، ولو قدّرنا تقديرا رقميا لوجدنا أنَّ هذا الصندوق قد نجح أن يدعم مسيرة اكثر من 9 آلاف طالب وطالبة، ثم لو قلت إن كل من هؤلاء الطلاب كان له الأثر الطيب على 100 فرد من مجتمعنا، فهذا يعني أنًّ الصندوق نجح أن يوصل خيره إلى مليون فرد من مجتمعنا، وهذا يؤكد أن الاحلام الجميلة مهما كانت بعيدة قابلة أن تتحقق بشرط ان نبدأ، بشرط النفس الطويل والهمة العالية والعطاء المتواصل إلى جانب التوكل على الله”.
وأكد أن أعظم الأعمال هي الأعمال التي تنطوي على المثابرة والتي لا تنتظر مقابلا كما هو نموذج صندوق التعليم العالي.
ودعا الشيخ رائد أصحاب الهمم في المجتمع العربي إلى إطلاق مبادرات خير في ظل واقع مثقل بالهموم ونقاط الضعف، معوّلا على جيل الطلاب والطالبات أن ينهضوا بالمجتمع في ظل تقصير الكبار وأخطائهم.
كما دعا إلى إطلاق مبادرة لإنقاذ اللغة العربية بعدما اقتحمت حياتنا العبرية والانجليزية وصارت هي علامات الترويج للمحال والمؤسسات في البلدات العربية.
وأكّد الشيخ رائد في ختام كلمته إلى حاجة مجتمعنا إلى التكتل وجمع أجزائه المتفرقة في كتلة واحدة فيها كل التخصصات والطاقات الإبداعية حتى نهض بمجتمعنا إلى الأمام.
19 عاما من المنح
ومشاريع دعم التعليم العالي
ثمَّ كانت كلمة مؤسس الصندوق ورئيس مجلس أمنائه، الحاج مصطفى أحمد شريم، ورحّب بالحضور من الطلاب والأهالي والشخصيات الاعتبارية وأعضاء مجلس الأمناء واللجنة الأكاديمية التابعة للصندوق.
وقال “نلتقي اليوم وللسنة التاسعة عشرة على التوالي بأبنائنا الطلبة من خلال توزيع المنح الدراسية في صندوق التعليم العالي عن روح والديّ المرحومين الحاج أحمد مصطفى شريم والحاجة مريم سليمان. سعينا للارتقاء بطلابنا ومجتمعنا”.
وأردف أنَّ مجلس أمناء الصندوق أقر ميزانية لهذا العام (2023) بقيمة مليون و350 ألف شيكل، وهي موزعة على مشاريع الصندوق المتعددة على النحو التالي: مليون و200 ألف شيكل منحة للجامعيين والجامعيات، حيث صودق على 400 منحة بقيمة 3 آلاف شيكل للمنحة الواحدة، علما- بحسب شريم- أنه تقدم للصندوق أكثر من 2650 طلبا لنيل منحة، وأشار إلى أنه “اجتهدنا أن نوزع المنح على الأحق من المتقدمين، مضيفا أن ميزانية الصندوق تدعم كذلك مشاريع متعددة منها دعم المدارس والطلاب، ثم جائزة الإنتاج المعرفي والمبدع الفلسطيني وهي بقيمة 10 آلاف شيكل للجائزة الواحدة، وكشف السيد مصطفى شريم أن جائز الإنتاج المعرفي والبحثي لهذا العام ستقدم لكل من الدكتور نمر سلطاني والكاتبة شيخة حليوى.
وأكمل أنه “خلال نحو عقدين جرى توزيع أكثر من 19 مليون شيكل على الطلاب والطالبات الجامعيين وعلى مشاريع أخرى تخص المجتمع العربي في الداخل الفلسطيني”، لافتا إلى أنه جرى توزيع نحو 5 آلاف منحة منذ انطلاقة الصندوق.
وقال السيد مصطفى شريم في ختام كلمته: “في كل عام وأنا انظر إلى أبنائي الطلبة أشعر بارتياح تام وطمأنينة أننا من خلالكم سنرتقي بمجتمعنا ونتخلص من آفة العنف والجريمة عليكم بسلاح العلم والتعلم ونشر المحبة والوئام في مجتمعنا”.
العطاء المستمر
وألقى كلمة الطلاب الجامعيين، الطالب فادي زعبي، حيا الحضور والقائمين على صندوق التعليم العالي. وقال “نجتمع اليوم لتوزيع المنح على روح المرحومين احمد شريم ومريم سليما، اعتز بهذا المشهد الحضاري العظيم الذي نريده دائما لشعبنا ومجتمعنا. المنحة ليست مبلغا ماليا وحسب، بل هي تأكيد انه يمكننا باستمرار بالعطاء والدعم لخدمة مجتمعنا، فهذا الصندوق قد حصد ثمار نجاح الآلاف من الطلاب خلال 19 عاما على التوالي. ووراء هذا العمل المثمر جهود جبارة تم تكريسها على مدار السنة، فهنيئا لنا بهذا المسعى الخيري الذي يزداد نجاحا وتوسعا عاما بعد عام”.
وأكد أن شعبنا وطلابنا في الجامعات لا يمكن أن ينكسروا أمام الهجمة العنصرية، داعيا الطلاب إلى التحصيل العلمي والفكري والقيادي، وان يجمعوا بين الانتماء الثقافي والانتماء لهويتهم الوطنية.
اليمين في إسرائيل واليمين في أوروبا
ثم كانت محاضرة للدكتور مهند مصطفى، المحاضر الجامعي، والمدير العام لمركز مدى الكرمل، وتحدث فيها عن الواقع السياسي في البلاد، مستعرضا أوجه الشبه والاختلاف بين اليمين المتطرف في اسرائيل واليمين المتطرف في أوروبا.
وقال: “هناك حاجة لفهم طبيعة الحكومة الإسرائيلية، وإن كانت تختلف في توجهاتها عن الحكومات السابقة”، مضيفا “اليمين الحاكم في إسرائيل، هو يمين متطرف يحكم دولة قوية نووية وهي حالة غير مسبوقة في الواقع السياسي في آخر 100 سنة. واليمين الإسرائيلي يشبه إلى حد ما اليمين المتطرف في أوروبا”.
وحول أوجه الشبه تابع “في الحالتين يوجد عداء للمهاجرين، وعداء للأقليات وفي إسرائيل يوجد عداء لشعبنا، كما يشتركون في الحالتين باعتبار الدولة بملكية حصرية لمجموعة واحدة وأن وظيفة الدولة خدمة هذه المجموعة، والميزة، كذلك يجمع بينهم محاولتهم إضعاف المؤسسات السياسية في الدولة وخاصة المؤسسات التي تحافظ على حقوق المواطنين- على اعتبار ان إسرائيل دولة لليهود-، ثم أن الدين في الحالتين يعتبر مرجعية أخلاقية وسياسية”.
واستدرك بالقول “يتميز اليمين الإسرائيلي عن اليمين الأوروبي، أن اليمين في أوروبا يسعى بالأساس لاحتلال الدولة التي يعيش فيها بالمعنى السياسي من خلال السيطرة على المؤسسات، ولكن اليمين الإسرائيلي يسعى لتعميق احتلاله للشعب الفلسطيني إلى جانب السيطرة على دولة إسرائيل”.
وقال ان النقاش الدائر بين الأوساط الإسرائيلية لا يتعلق بالسيطرة على الشعب الفلسطيني، ولكنه مرتبط بطبيعة دولة إسرائيل التي يريد تغييرها اليمين الإسرائيلي، ونوه إلى أن “اليمين في أوروبا هو قومي علماني ويستخدم خطابا دينيا في بعض الأحيان، ولكن اليمين الإسرائيلي هو يمين ديني يستخدم خطابا قوميا بمعنى أنّ جذوره الأساسية هي جذور دينية”.
وقال إن “اليمين الحاكم في إسرائيل مختلف عن اليمين السابق الذي حكم إسرائيل، فيمين اليوم يسعى لهدفين مترابطين، ويريد تحقيقهما في نفس الوقت، الأول هو احتلال إسرائيل بمعنى السيطرة وتغيير النظام والطابع ومفهوم الدولة اليهودية، والثاني هو ضم الضفة واستعمارها ومنع الفلسطيني من حقه في تقرير مصيره إلى الأبد”.
وختم مهند مصطفى بالقول “إن مشروع اليمين الإسرائيلي وأهدافه يمكن ان تتحقق في كان الفلسطيني ضعيفا، أما إن كان قويا فيمكن في هذه الحالة إفشال مخططات اليمين المتطرف في إسرائيل”.
وكانت الفقرة الختامية في الحفل، توزيع المنح، حيث جرى توزيعها على الطلاب من خلال نقاط استلام المنح بناء على أرقام تسلسلية أعطيت للطلاب من قبل إدارة الصندوق.
(تصوير محمد محمود أبو شحادة)