منكوبو حلب واللاذقية مشرّدون في الشوارع والحدائق.. والمساعدات بـ”القطارة”
لليوم السادس على التوالي، يقضي أهالي حلب الذين شرّدهم الزلزال الأخير، ليلتهم في الحدائق أو الشوارع أو السيارات وسط البرد. كذلك تغصّ الجوامع والكنائس بآخرين نزحوا أيضاً من منازلهم المدمّرة أو المتصدّعة، علماً أنّ حكومة النظام السوري عدّت دور العبادة تلك البالغ عددها 126 مراكز إيواء للمتضرّرين من الزلزال.
ويشكو كثيرون من سكان حلب، الخاضعة لسيطرة النظام السوري، من عدم تجهيز مراكز إيواء منظّمة للمواطنين الذين تشرّدوا بفعل الكارثة التي حلّت بهم، وكذلك من قلّة المساعدات التي تصلهم وعشوائية توزيعها.
سميرة امرأة سورية أربعينية وأمّ لأربعة أطفال نجوا من الزلزال، تقول للوسائل الإعلام: “ليلياً، أنام وأطفالي هنا في الشارع”، وذلك منذ وقوع الزلزال. فقد تعرّض منزلهم الواقع في حيّ الكلاسة بمدينة حلب لتصدّعات كبيرة، الأمر الذي جعلهم مهجّرين.
وهي ترتجف من البرد في الشارع الذي تفترشه مع أطفالها، تصف سميرة لحظة وقوع الزلزال وهربهم من منزلهم الواقع في الطبقة الثانية في اتّجاه الشارع، وكيف كان يعلو الصراخ وكذلك الدعاوى بأن ينقذ الله الناس. تضيف أنّ الزلزال هدم المباني المحيطة بالمبنى حيث يقع منزلها، مشيرة إلى أنّ بعضاً من جيرانها أُنقذ فيما توفي عدد آخر. وتتابع أنّ ثمّة آخرين عالقين تحت أنقاض منازلهم حتى اليوم.
ولا تخفي سميرة أنّها تبحث عن منزل تستأجره بعد فقدانها الأمل في توفّر مراكز إيواء تلجأ إليها مع أطفالها، موضحة أنّ “الجوامع والكنائس ممتلئة والحكومة (التابعة للنظام السوري) لم تقدّم لنا شيئاً”. وتتساءل: “هل يُعقَل أن نبقى في الشارع؟”. وتلفت إلى أنّ “البطانيات (الأغطية) وبعض وجبات الطعام التي حصلنا عليها كانت من المساعدات الدولية”.
وتُعَدّ سميرة واحدة من بين 300 ألف شخص تقريباً تركوا منازلهم، فجر يوم الإثنين في السادس من فبراير/ شباط الجاري، من جرّاء الزلزال الذي ضرب خمس محافظات سورية. وكثيرون من هؤلاء في انتظار لجان الكشف التابعة لمحافظة حلب حتى تتحقّق من وضع مبانيهم وتقيّمها سواءً أكانت صالحة للسكن أم لا.
يُذكر أنّ بيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تشير إلى أنّ نحو 5.3 ملايين شخص صاروا ربّما مشرّدين بلا مأوى في سورية، بسبب الزلزال الأخير الذي ضرب أخيراً الشمال السوري وكذلك الجنوب التركي.
وتفيد المعلومات الواردة من مناطق سيطرة النظام، أنّ حكومة نظام الاسد تنتظر انتهاء عمليات إنقاذ العالقين تحت الأنقاض لتبدأ بالكشف على المباني المتضرّرة وإنشاء قاعدة بيانات حولها في المحافظات التي ضربها الزلزال، قبل أن تقرّر كيفية حلّ أزمة المنكوبين على مستوى وطني وليس محلياً فقط.
لكنّ كثيرين من سكان حلب يرون أنّ حكومة النظام تتهرّب من التزاماتها تجاه المنكوبين من جرّاء الزلزال، فهي لم تُنشئ أيّ مراكز إيواء لهم، بل فتحت الكنائس والجوامع والمدارس لاستقبال هؤلاء النازحين الذين تضرّرت منازلهم.
يخبر أبو عمر الستّيني الذي تهجّر من حيّ الفردوس في مدينة في تصريحات صحفية أنّه ينام هو وزوجته وأولاده الثلاثة في سيارته بعد خسارتهم كلّ ما يملكون بعدما هدم الزلزال منزلهم. يضيف: “نحن نعيش اليوم على المساعدات والمعونات على الرغم من قلتها، ونقضي وقتنا نهاراً في حدائق حلب”.
ويحمد الرجل الستيني الله على نجاته هو وعائلته من الزلزال، قائلاً: “لا نعرف كيف خرجنا من منزلنا الواقع في الطبقة الثالثة في حين كانت الجدران تتمايل يمنة ويسرة”، ويصف تلك اللحظات الأليمة بـ”المرعبة”.
من جهة أخرى، أخلى كثيرون من سكان حلب منازلهم بعد الكشف عليها من جرّاء التصدّعات التي طاولتها. ويخبر عدد منهم كيف أنّ مسؤولي اللجان الفنية وهؤلاء المنتدبين من محافظة حلب أعلموا العائلات التي أخلت منزلها بأنّه يتوجّب عليهم تدبّر أمورها إذ إنّ منازلها غير صالحة للسكن، وذلك في ردّهم على سؤال هؤلاء المهجّرين: “أين نذهب الآن؟”.
ولا يختلف ما يحصل في اللاذقية غربي سورية عن الوضع في حلب. ويقول خليل من قرية اسطامو في محافظة اللاذقية، التي دُمّرت منازلها بمعظمها، في تصريحات صحفية إنّ “السكان ينامون في الشارع، وأحياناً في ما تبقّى من المنازل المتضررة تجنّباً للبرد الذي يزداد ليلاً”.
ويشير خليل الثلاثيني الذي يُعدّ نفسه من الناجين، إلى أنّ “مختار القرية تغيّر، بحجّة سرقة المساعدات التي لم تصل بعد، باستثناء دفعة واحدة مؤلّفة من 100 علبة وصلت في اليوم الثاني من الزلزال وهي لم تكفِ ربع السكان المتضرّرين”. ويتابع أنّ “أيّ مساعدات لم تصل إلى قرى في ريف اللاذقية على الرغم من الضرر الكبير الذي لحق بها”.