عقب الزلزال المدمر.. هل تؤدي حالة الطوارئ في 10 ولايات إلى تأجيل الانتخابات التركية؟
أثارت موافقة البرلمان التركي على إعلان الحكومة حالة الطوارئ في 10 محافظات، جراء الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد فجر الاثنين الماضي، العديد من التكهنات بشأن مصير الانتخابات الرئاسية المقررة في مايو/أيار المقبل.
ونظرًا لاقتراب موعد الانتخابات المفترض، فإن إعلان حالة الطوارئ الجزئي دفع مراقبين لترجيح إمكانية تأجيل الانتخابات، إلا أن خبراء دستوريين أوضحوا للجزيرة نت أن هذا لا يمكن أن يتم إلا في ظروف محددة وواضحة وفقا للدستور.
وكانت السلطات التركية قد أعلنت أن الهدف من إعلان حالة الطوارئ هو تسهيل إغاثة المنكوبين واحتواء الدمار الذي أحدثه الزلزال الذي بلغت شدته 7.8 على مقياس ريختر، وأكد الرئيس رجب طيب أردوغان أن تطبيق قانون الطوارئ ضرورة ستساهم أيضًا في مكافحة المنتفعين من الكارثة.
صلاحيات استثنائية
وبحسب قانون الطوارئ، فإن الصلاحيات التي يمنحها استثنائيًا للسلطات التنفيذية تشمل السماح لرئيس الجمهورية ومجلس الوزراء بتجاوز البرلمان فيما يتعلق بسن قوانين جديدة أو فرض قيود على الحقوق والحريات أو تعليقها وفقا لما يرونه ضروريا.
وتشمل الإجراءات ضرورة التزام المواطنين الموجودين بالمنطقة -التي يشملها قانون الطوارئ وتتراوح أعمارهم بين 18- 60 عاما- بالأعمال التي توكل إليهم.
المحامي والباحث في القانون الدستوري بجامعة مرمرة فرحات كوتشوك أوضح أن المادة 119 تخول الحكومة فرض حالة الطوارئ في حالات مثل الحرب وأعمال العنف لتدمير النظام الدستوري والأوبئة والكساد الاقتصادي الشديد، فضلاً عن “الكوارث الطبيعية”.
وقال كوتشوك -في تصريح للجزيرة- إن الهدف من إعلان الطوارئ في مناطق الزلزال بشكل عام هو التأكد من قيام المؤسسات العامة بالمناطق التي تم فيها إعلان حالة الطوارئ بالتزاماتهم بسرعة وفعالية.
ولفت إلى أنه وفقًا للقانون رقم 2935 بشأن حالة الطوارئ، فإن الأموال -وجميع أنواع الممتلكات المنقولة وغير المنقولة والأشغال التي يلزم القيام بها لإنقاذ المنكوبين وللتعويض عن الأضرار- يمكن توفيرها من خلال الأموال والممتلكات والتزامات العمل الخاصة والعامة.
هل تتوفر أسباب تأجيل الانتخابات؟
وحول توفر أسباب تأجيل الانتخابات نتيجة إعلان حالة الطوارئ، قال المحامي كوتشوك إن النطاق الدستوري والقانوني لهذه القضية واضح للغاية بالفعل، مضيفا “أكثر جوانبه وضوحًا أن الانتخابات لا تؤجل إلا في حالة الحرب أو حالة العجز عن إجرائها”.
وبينما ترك الدستور للحكومة تقدير حالة الطوارئ وفقًا للأحداث على أرض الواقع، بحسب كوتشوك، فإن جدول مواعيد الانتخابات لا يتأثر بحالة الطوارئ، “فيما سوى الحرب، ولا تعتبر حالة الطوارئ سبباً لتأجيل الانتخابات وإن صياغة دستورنا واضحة للغاية ويسمح فقط بتأجيل الانتخابات في حالة الحرب”.
ويجمع خبراء الدستور والقانون في البلاد على مسألة عدم ربط حالة الطوارئ بتأجيل الانتخابات. وذهبوا جميعا -بحسب إفادات منفصلة للصحف المحلية- إلى أن السبب الحصري لتأجيل الانتخابات هو الحرب.
ويقول رئيس المحكمة الدستورية السابق يكتا غونغور أوزدن “يمكن دائما إعلان حالة الطوارئ مع وجود مبرر، ولكن لا يمكن أن يكون الأمر هو تأجيل الانتخابات أو عدم إجرائها. لا توجد مادة في الدستور تنص على قانونية عدم إجراء الانتخابات في مثل هذه الأحوال”.
من جهته، أوضح العضو السابق باللجنة الدستورية المشتركة في البرلمان أتيلا كار على أن المادة 78 من الدستور تسمح باتخاذ قرار تأجيل الانتخابات الرئاسية والتشريعية “إذا لم يكن من الممكن إجراء الانتخابات بسبب الحرب” مضيفا “إذا أصبحت الانتخابات مستحيلة، فقد يقرر مجلس النواب باعتباره السلطة المخولة تأجيل الانتخابات لمدة عام واحد”.
ولفت كار إلى أنه ستكون هناك بعض القيود في حالة الطوارئ، فإن هذه الحالة حدثت بالفعل عام 2018 الذي شهد انتخابات برلمانية ورئاسية في ظل حالة الطوارئ التي أعلنتها الحكومة على خلفية محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016.
العودة إلى الموعد الأصلي
وفي المقابل، توقع الكاتب التركي يوسف كاتب أوغلو أن يتم تأجيل الانتخابات بعدما تم إعلان حالة الطوارئ بالمناطق المنكوبة بالزلزال، واستدرك قائلا “قد يتم تأجيل الانتخابات على الأقل في هذه المناطق إلى أن يتم لملمة الجراح وتعويض المتضررين”.
وبيّن أن المنطقة المنكوبة تضم أكثر من 13 مليون إنسان تأثروا بشكل مباشر بالزلزال، وسيتأثر الملايين غيرهم بشكل غير مباشر عندما يتم نقل أولئك إلى ولايات أخرى.
كما رجحت ميرال أكشنار رئيسة “الجيد” أحد أحزاب الطاولة السداسية المعارضة، تأجيل الانتخابات عن الموعد الذي كان الرئيس أردوغان تعهد بتبكير الانتخابات إليه وهو 14 مايو/أيار، إلا أنها استبعدت تأجيلها عن موعدها الأصلي وهو 18 يونيو/حزيران.