اقتحامات وحفريات وإبعادات عن الأقصى.. الاحتلال يحضر لمرحلة جديدة عنوانها “الحرب الدينية”
بات المسجد الأقصى المبارك أمام مشهد جديد من التصعيد الإسرائيلي، عززه تشكيل حكومة الاحتلال المتطرفة برئاسة بنيامين نتنياهو التي أعطت الضوء الأخضر للمزيد من الانتهاكات العنصرية عنوانها “الحرب الدينية” على كل مكونات المسجد المبارك.
ومنذ بداية العام الجاري، افتتحت سلطات الاحتلال أولى صفحاتها العدوانية في الثالث من يناير/ كانون الثاني المنصرم، باقتحام وزير “الأمن القومي” في حكومتها المتطرفة إيتمار بن غفير باحات المسجد الأقصى بحماية مشددة من القوات المدججة بالسلاح، بهدف إرسال رسالة تحدٍّ للمقاومة الفلسطينية.
وارتفعت وتيرة اقتحامات المستوطنين اليومية للمسجد الأقصى بحماية مشددة من شرطة الاحتلال، ومشاركة حاخامات متطرفين، وسط مطالبات من جماعات “الهيكل” المزعوم بزيادة ساعات الاقتحام، في حين تواصل المقاومة تحذيراتها للاحتلال من أن التصعيد ضد الأقصى “لعب بالنار، وينذر بانفجار الأوضاع في المنطقة”.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك فحسب، بل دأبت سلطات الاحتلال على العبث بالهوية الإسلامية للمسجد الأقصى بمواصلة الحفريات الممتدة أسفله والأحياء المحيطة به، ومنع دائرة الأوقاف الإسلامية من تنفيذ أعمال ترميم منذ سنوات عدة.
وفي الأيام الماضية، كشفت الأمطار عن ثغرات خطيرة في أبنية المسجد ومرافقه وجدرانه وأسقفه وبلاطه، إذ تسربت المياه إلى المصلى المرواني وأغرقت سجاده، كما انهار بلاط في “طريق الآلام” بالقرب من باب الغوانمة، بالإضافة إلى سقوط حجارة من الواجهة الغربية لقبة الصخرة.
وتطال الحرب الدينية التي يشنها الاحتلال الرموز الدينية والإسلامية في المسجد الأقصى، بالتزامن مع شن وسائله الإعلامية حملة تحريضية ضد خطيب المسجد المبارك الشيخ عكرمة صبري، ووصفه بأنه “شخصية محرضة” ضد اليهود، ومشجعة على مقاومة الاحتلال.
وأول من أمس، جددت سلطات الاحتلال قرار إبعاد نائب المدير العام للأوقاف الإسلامية بالقدس المحتلة الشيخ ناجح بكيرات عن المسجد الأقصى مدة 6 أشهر، وذلك للمرة الـ30 على التوالي.
وعلق بكيرات على القرار بقوله: إنه يهدف إلى تجفيف دور الشخصيات المركزية، وضرب منظومة الرباط، وإيجاد فراغ في دور الأوقاف الإسلامية داخل الأقصى، مؤكدًا أن دور الأوقاف مستهدفة بشكل لم يسبق له مثيل مع حكومة اليمين المتطرف، التي تسعى إلى فرض التقسيم المكاني والزماني بخطوات عملية على الأرض، ومنها إلغاء دور الأوقاف صاحبة الولاية الدينية، إضافة إلى تكثيف الاقتحامات.
بسط السيادة
ويؤكد مدير مشروعات المسجد الأقصى والمختص في شؤون القدس بسام الحلاق، أن الاحتلال يشن هجمة تحريضية ممنهجة ضد الأقصى والمقدسات الإسلامية، ارتفعت وتيرتها بعد تولي حكومة نتنياهو المتطرفة سدة الحكم.
وأوضح الحلاق، أن مباني ومرافق المسجد الأقصى بحاجة إلى ترميم، لكن الاحتلال يعرقل ذلك بمنع إدخال المواد اللازمة وعمال الصيانة أيضًا.
ورأى أن الاحتلال يسعى عبر الحرب الدينية ومنع الترميم إلى سحب البساط من وزارة الأوقاف، ليصبح هو صاحب القرار والسيادة على كل ما يتعلق بالمسجد الأقصى، وصولًا إلى إقامة “الهيكل” المزعوم.
وحذر من أن المسجد الأقصى يمر هذا العام بأصعب المراحل، وأنه من غير المقبول الاستمرار بهذه الجرائم وسط صمت عربي ودولي عليها، ولا سيّما أن المسجد المبارك لكل المسلمين، مطالبًا الأمتين العربية والإسلامية، وخاصة الأردن بصفته صاحب الوصاية، بالوقوف في وجه الاحتلال، والضغط عليه لوقف جرائمه من جهة، ومساندة الأوقاف الإسلامية لتأخذ دورها من جهة أخرى.
وأكد مدير مركز القدس د. حسن خاطر أن الاحتلال يسعى عبر إجراءاته العنصرية إلى بسط سيطرته الكاملة على المسجد الأقصى، سواء من الناحية المادية أو البشرية، إذ يريد الاستحواذ على المباني، والمساحة الجغرافية، وضمها لما تُسمى “وزارة الأديان اليهودية”.
وأوضح خاطر أن الاحتلال مستمر في إحكام قبضته وهيمنته على الأقصى، في سبيل سحب الصلاحيات من الأوقاف الإسلامية، مستدلاً بذلك على منع الأوقاف من استبدال السماعات والأضواء التالفة وغيرها من الإجراءات.
وأكد أن هناك تحكمًا وتسّلطًا من الاحتلال ضد الأوقاف وإدارة الأقصى، إذ إنه يتدخل في أدق التفاصيل، ولا يسمح لها بأي إجراءات في الأقصى على مستوى الصيانة والخدمات إلا بموافقة شرطته.
إنهاء المقاومة
في السياق ذاته، أكد خاطر أن الاحتلال يسعى إلى إطفاء جذوة المقاومة والخطاب المقاوم الرافض له ولسياساته في الأقصى والمدينة المقدسة، والمتمثل في صوت العلماء والخطباء مثل الشيخ “صبري”.
وبيّن أن الاحتلال يواصل استهداف الشخصيات، والأئمة، وحراس، وموظفي الأقصى، لإبعادهم عن الأحداث الجارية في المدينة المقدسة، لافتًا إلى أنه ينتهج سياسة الإبعاد والاعتقال لكثير من الشخصيات الدينية والمؤثرة.
وحذّر من أن سياسات الاحتلال تتطور بشكل سلبي وخطير تجاه المسجد الأقصى، مطالبًا بتدخل عربي وإسلامي يتلاءم مع خطورة الحالة التي يمر بها المسجد المبارك.
ودعا المؤسسات القانونية والحقوقية في العالم إلى التحرك، ورفع جرائم الاحتلال إلى المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة مرتكبيها، ولا سيّما أن الأقصى مقدس عند كل العالم الإسلامي.