تحقيق صحفي يكشف أسرار اعتداءات الإسرائيليين على فلسطينيي الداخل اثناء هبة الكرامة
كشف تحقيق استقصائي لقناة الجزيرة بعنوان “جرائم بلا عقاب” النقاب عن معلومات وأسرار جديدة للدور الذي لعبه المستوطنون الإسرائيليون في الاعتداءات التي وقعت في مايو/أيار 2021 ضد الفلسطينيين في الداخل الفلسطيني.
وكشف التحقيق عن أبرز الوجوه التي قادت مجموعات المستوطنين، وأبرز المستوطنين الذين ارتبكوا جرائم ضد الفلسطينيين، كما تتبع خلفية كل شخصية منهم، وصولا إلى عرض سجلاتهم الإجرامية وتغاضي الدولة عنهم.
وعمل الفيلم على تفكيك العلاقة بين هؤلاء المستوطنين ومؤسسات “الدولة الإسرائيلية”: الجيش والقضاء، وأيضا علاقاتهم بالحكومة وقادة الأحزاب الإسرائيلية، وصولا إلى استنتاج أن شرطة الاحتلال وضعت هؤلاء المستوطنين بوصفهم خط مواجهة أول مع العرب الفلسطينيين في الداخل المحتل.
وفي عودة للتاريخ، استرجع الفيلم التحقيقي “أحداث اللد” في مايو/أيار 2021، حيث وقعت اعتداءات وحشية شنتها جماعات من المستوطنين الإسرائيليين على سكان المدينة العربية، ثم انتشرت الاعتداءات في عكا وحيفا ويافا والرملة، حيث تحوي اللد عددا كبيرا من العرب، مما جعلها صاحبة النصيب الأكبر والأكثر تطرفا في هذه الاعتداءات.
وعاد فريق البرنامج إلى مسرح الجريمة بمدينة اللد، وتوجه إلى المحامي خالد زبارقة الذي شهد هذه الاعتداءات ووصفها بأنها هجوم شرطي مخابراتي عسكري، ورأى أن الإرهاب هو تحقيق الأهداف السياسية وتغيير الميزان الديموغرافي في مدينة اللد بواسطة العنف والتخويف والردع والسلاح والاعتداء على الممتلكات.
“الموت للعرب”
ووصلت اعتداءات المستوطنين إلى إطلاق الرصاص الحي بشكل مباشر على الشباب العرب، إذ قتل واحد ونجا اثنان. وتمكن فريق البرنامج من مقابلة الناجين والاستماع لشهاداتهم، إذ أكدوا تعرضهم لإطلاق النار بشكل مباشر. وفي يوم عزاء الشهيد موسى حسونة تسلل مستوطنون إلى مقبرته وكتبوا عليها بالعبرية “الموت للعرب”.
وعن سبل تنظيم المستوطنين أنفسهم باشر فريق العمل بحثه في وسائل التواصل الاجتماعي، وكشف عن أنه تم الاعتماد على مجموعات واتساب وتليغرام المغلقة. وكشف مؤسس “فيك ريبورتر” (fake reporter) أوري كول عن أن سبب اختيار تليغرام أنه يخفي هوية المتحدثين، إذ كانت المجموعات المستخدمة في التنسيق بين المستوطنين مجهولة تماما، ولم يكشف العديد من الأشخاص عن هوياتهم.
وكشف فريق البرنامج شواهد على العنف وأدلة دامغة على وجود أسلحة من مختلف الأشكال، كما رصد مجموعات في واتساب تحمل أسماء مثل “الانتقام” أو “اليهود لا يتنازلون” أو “اليهود لا يصمتون”، وكانت فيها دعوات واضحة للعنف والمذابح والضرب.
وتوجه فريق البرنامج بأسئلة حول التسلح إلى مدير عام المدونة الديمقراطية ران كوهين، الذي أوضح -من خلال تسريبات سرية من تلك المجموعات- أنه تمت عمليات بيع للأدوات والمسدسات والسكاكين والهراوات. وكان التجار يستغلون الوضع من أجل بيع أسلحة يبررون استخدامها بأنها دفاع عن النفس.
تسريبات سرية
كما كشفت التسريبات السرية في إحدى المجموعات عن رسائل يدعو فيها المستوطنون إلى التواجد بمركز التسوق باللد للكفاح، وأنها ستصبح تحت سيطرة اليهود. كما كانت هناك دعوات بضرورة ارتداء اللثام لمواجهة العرب باستخدام مطارق ومناشير كهربائية لقطع أعضائهم.
ورغم الخطر المحيط بفريق العمل، فإنه تمكن من كشف موقف الشرطة الإسرائيلية من المستوطنين في الميدان التي اكتفت باعتقال المتهمين بقتل حسونة ثم خالفت قرار المحكمة وأفرجت عنهم.
وأظهرت وثيقة سرية أن قاضي المحكمة رفض طلب الالتماس الذي قدمه محامي المتهمين الأربعة بمقتل موسى حسونة من أجل الإفراج عنهم، ولكن بعدها بيومين تم الإفراج عن المتهمين بضغط سياسي، وفي ذلك مخالفة صريحة لقرار المحكمة.
يشار إلى أنه قبل اندلاع المواجهات في اللد، وتحديدا في العاشر من مايو/أيار 2021، انطلقت مظاهرة خرج فيها أبناء المدينة تزامنا مع الاعتداءات الإسرائيلية في القدس وغزة، وأوضحت عضوة مجلس بلدية اللد المستقيلة فداء شحاتة -التي شهدت المظاهرة وما تلاها من كواليس الأحداث- أن رفع الأعلام الفلسطينية والنداء بهتافات فلسطينية مشهد أزعج الاحتلال الإسرائيلي.